تمثل الثروة الحيوانية في مصر أحد الأعمدة الرئيسية للقطاع الزراعي، لما لها من دور محورى فى تأمين الغذاء من اللحوم والألبان، وتوفير سبل العيش لملايين من المربين والعاملين بهذا المجال. وتُقدَّر أعداد رؤوس الماشية فى البلاد بحوالى 7.5 إلى 7.8 مليون رأس، وفق أحدث الإحصائيات الرسمية، تتوزع بين الأبقار والجاموس والأغنام، إلا أن التحديات الإنتاجية لا تزال حاضرة بقوة، وتؤثر بشكل مباشر على مستوى الاكتفاء الذاتي. ◄ حسين أبو صدام: التوسع الرأسي وأقلمة السلالات وتحفيز المربين وفيما يخص الألبان، فإن حجم الإنتاج السنوى يقترب من 5.6 مليون طن، إلا أن ذلك لا يغطى كامل احتياجات السوق المحلية، إذ تشير التقديرات إلى وجود فجوة تتراوح بين 2.5 و3 ملايين طن سنويًا. ويعزى هذا العجز إلى عدة أسباب، أبرزها انخفاض معدلات إنتاج السلالات المحلية، وارتفاع أسعار الأعلاف، وضعف تطبيق الأساليب الحديثة فى تربية الحيوانات والعناية بصحتها. وفي ضوء هذه التحديات، وجّه الرئيس عبدالفتاح السيسي مؤخرًا بتسريع خطط تحسين الثروة الحيوانية فى البلاد، وذلك من خلال تعزيز برامج التحسين الوراثي، وتوسيع مظلة الرعاية البيطرية، وزيادة الاعتماد على مشروعات التربية المكثفة التى تحقق إنتاجية أعلى. وتأتى هذه التوجيهات فى إطار رؤية شاملة تستهدف تقليص الفجوة الغذائية وتعزيز الاعتماد على الإنتاج المحلى كخيار استراتيجى للأمن الغذائي. طرحنا رؤية الرئيس السيسي على الخبراء، فكانت موضع ترحيب لما تحمله من مرعاة للاحتياجات الوطنية، وفى هذا السياق، يقول حسين أبو صدام نقيب الفلاحين، إن هناك عجزًا فى إنتاج الثروة الحيوانية، لا سيما إنتاج اللحوم الحمراء يصل إلى 40% وهذا العجز سببه أن الأراضى المصرية تعتبر من الأراضى الجافة التى تفتقر إلى وجود مراعٍ طبيعية، ولهذا السبب يكون معدل تحويل الغذاء إلى لحوم وإدرار الحليب للماشية المحلية ضعيفاً مقارنة بالأنواع الأجنبية . ◄ د. فهيم شلتوت: تهجين السلالات المحلية مع الأجنبية ◄ رؤية مستقبلية يوضح الدكتور فهيم شلتوت أستاذ الرقابة الصحية على اللحوم ومنتجاتها بكلية الطب البيطرى بجامعة بنها، فيشيد برؤية الرئيس السيسى لمستقبل إنتاج الثروة الحيوانية، معتبرا أنها نظرة ثاقبة تأخذ فى الاعتبار ضرورة الوصول إلى الاكتفاء الذاتى من اللحوم ومنتجات الألبان وهذا لن يحدث إلا عبر تحسين وراثى للسلالات الحيوانية الموجودة لدينا محليا بنسبة 100%. ويضيف: العبرة ليست فى عدد رؤوس الماشية لكن فى حجم الإنتاج وكيفية مضاعفاته باستخدام التكنولوجيا الحديثة. ويقترح الدكتور فهيم أن تتم عملية تهجين بين السلالات المستوردة عالية الإنتاجية وبين السلالات المحلية التى تتميز بالقدرة على مقاومة الأمراض، بالوسائل الحديثة التى تستخدم لهذا الغرض ومنها التلقيح الصناعي. ◄ اقرأ أيضًا | وزير الزراعة: لا إصابات وبائية بين الدواجن وتحسن ملحوظ في إنتاجية اللحوم والألبان ◄ خلال عام من جانبه، يقول الدكتور عبدالعليم فؤاد العميد السابق لكلية الطب البيطرى بجامعة الزقازيق نقيب الأطباء البيطريين بالشرقية. يمكن خلال عام استبدال السلالات ضعيفة الإنتاجية بأخرى عالية الإنتاجية، وبالنسبة للجاموس يمكن إحضار سلالات ذات إنتاج عالٍ من إيطاليا والهند. أما الأبقار فيمكن استيرادها من فرنسا وهولندا وألمانيا، مع أقلمتها مع المناخ المصري. وهناك سلالات أيضًا معروفة بزيادة إدرار الألبان مثل برون سويس من سويسرا، وإيرشاير من إسكتلندا، بينما الأنواع المتميزة بإنتاج اللحوم فهى موجودة فى أمريكا اللاتينية فى دول مثل البرازيلكولومبيا وأوروجواي. ◄ التوسع الرأسي ويرى أبوصدام، أن توجيهات الرئيس السيسى الأخيرة بضرورة تحسين جودة الثروة الحيوانية ورفع إنتاجها من الألبان واللحوم تأتى ضمن نظرية التوسع الرأسى فى الإنتاج الحيواني، وهى فكرة قائمة على زيادة الإنتاج من خلال تحسين استغلال الموارد الغذائية والمساحة الزراعية المتاحة لدينا، فعندما نقوم بتربية ماشية تحويل - لها قدرة مرتفعة على تحويل الغذاء إلى لحوم وألبان - عوضًا عن السلالات ضعيفة الإنتاج، نكون بهذا قد أعطينا قيمة مضافة لإنتاجنا المحلى وضاعفناه بطريقة ذكية . وهناك آليات تقترحها نقابة الفلاحين لضمان نجاح عمليات الإحلال والتحسين للثروة الحيوانية، وهى تحفيز المزراعين والمربين معنويًا على الاتجاه فى هذا المسار، فهم بحاجة إلى رؤية تجربة عملية لعمليات تحسين السلالات فى المزراع النموذجية لوزارة الزراعة، التى يمكن أن تحتضن فعاليات عرض للسلالات الجديدة والتعريف بمزاياها من حيث إنتاج اللحوم والألبان وطرق تربيتها ما يشجع المزارعين على الانخراط فى تربية الأنواع المحسنة . ◄ أقلمة السلالات النقطة الثانية هى ضرورة أقلمة السلالات المحسنة التى يتم استيرادها من الخارج مع المناخ المحلي، فعند وصولها إلى الحجر الصحى لا بد من حجزها هناك لمدة محددة حتى تعتاد على البيئة المصرية وهذا يقلل من معدلات النفوق والأصابة بالأمراض، وبعد دخولها إلى البلاد وتوزيعها على المربين يتم ربط إنتاجها مباشرة بمصانع الألبان لزيادة معدلات الإنتاج وخفض نسبة الهدر الغذائى.