فى أثر العرب قديماً أن «من لم يمت بالسيف مات بغيره»، وهذه السياسة تحديداً يطبقها الاحتلال الإسرائيلى فى غزة العزة والإباء والفخار. فمن لم يمت قصفاً أو بالأسلحة والقنابل المحرّمة دولياً، سيموت جوعاً أو عطشاً أو بسبب نقص الدواء. وإن تعددت الأسباب، فالموت واحد.. ورغم يقين المناضل الفلسطينى بهذه الحقائق، إلا أنه يأبى أن يموت جباناً، بل يريد أن يموت بطلاً... أن يموت بكرامته، لا بالذل والهوان.. وهذا يكشف لنا بعداً إنسانياً وملمحاً ربما هو الأشد تأثيراً على الرأى العام العالمي، وتسلّط عليه منظمة «آفاز» العالمية الضوء، موجّهة صرخة استغاثة إلى ضمير العالم لإنقاذ أطفال غزة الذين يعانون أشد المعاناة من الجوع والعطش والمرض، فضلاً عن الحرمان من أبسط حقوق الطفولة: الأمان، التعليم، والرعاية الصحية.. أما أن يعيشوا طفولتهم، فقد أصبح من مفردات الماضي، أو خيالاً غير قابل للتحقيق، وسط استمرار التخاذل الدولى. بل إن الألم يبلغ ذروته حين يكون بيننا من يعين الاحتلال على إبادة شعبه. بلغة الأرقام - كما تذكر «آفاز»، وهى منظمة عالمية تُعنى بالقضايا الإنسانية والبيئية - فإن أكثر من 14 ألف طفل فى غزة مهددون بالموت جوعاً إذا لم يُسمح فوراً بإدخال المساعدات الغذائية، وفقاً لنداء من الأممالمتحدة.. وقد ذكرت «آفاز» أن وحشية الاحتلال بلغت حداً دفع أقرب حلفائه إلى مراجعة مواقفهم: كما ذكرت الأممالمتحدة أن إسرائيل قتلت حتى الآن أكثر من 14٫500 طفل فلسطينى قتلتهم بالقصف، أو برصاص الجنود، أو سُحقوا تحت الأنقاض. واليوم، قد يتضاعف هذا الرقم بعد تحذيرات من كارثة إنسانية وشيكة. إنها مأساة تتجاوز حدود الخيال. الاحتلال يمنع الغذاء والدواء والوقود عن أطفال لا يمكنهم النجاة دونها. سيسألنا التاريخ: ماذا فعلتم حين تُرك الأطفال ليموتوا؟.. ويجب أن يكون جوابنا: دافعنا عن حياتهم، ورفعنا الصوت، وطالبنا العالم بالتحرك. لأن هذا هو السبيل الوحيد لفرض التغيير الذى نؤمن به.