ما أسوأ هذا الانتشار والتأثير لوسائل التواصل الاجتماعى بلا رابط أو ضابط ، وما أتعس مجتمعاتنا بمعدلات التصديق والسير فى ركاب أخبار تلك الوسائل، وما أخطر أن تكون هذه الأخبار ملفقة عمداً، إما للإلهاء عن كوارث ومخططات تحاك لأوطاننا، أو لإثارة الشك والبلبلة والريبة بمجتمعنا. الأيام الماضية تابعنا نموذجين من تلك الأخبار التى أثق أنها مقصودة للسببين السابقين «الإلهاء والبلبلة»، الخبر الأول انتشر كالنار فى الهشيم عن وفاة فنان جزائرى بعد أن وضع حمله من زواجه بشاب خليجي، ونسب الخبر لصحيفة «ديلى ميل» الإنجليزية العريقة، لتتداعى الأخبار عن حمل الشاب ووضعه طفلته، وتدهور حالته بسبب الحمل والولادة حتى مات، وسيل تعليقات تهاجم، ليس فقط الشاب الحامل وزوجه الخليجى المزعوم، إنما سب وقذف وتشنيع لدولتيهما. وبالبحث تبين أن «ديلى ميل» لم تنشر مطلقاً مثل هذا الخبر، ولا يوجد بالجزائر فنان بهذا الاسم، فضلاً عن الاستحالة البيولوجية لحمل حتى المتحولين جنسياً، ورغم الانتشار الواسع للخبر المزعوم الذى مازال يتداول حتى الآن، لم يلق النفى نصيباً من الانتشار والاهتمام !! الخبر الثانى يخصنا بمصر، وجاء فى شكل بوست على السوشيال، منسوباً لموقع إلكترونى شهير، كتقرير لمصلحة الجمارك، بأن مصر صدرت مانجو بمبلغ 113مليون دولار، فى حين استوردت عصير مانجو خلال نفس الفترة ب 234مليون دولار، وبنفس الطريقة السابقة صال وجال البوست المفبرك وسائل التواصل، مع إسهاب شعبنا خفيف الدم فى التريقة على الحكومة، والهدم فى كل ما يخص دولتنا، دون أن يكلف أحد نفسه التأكد من صحة الخبر. ورغم أن الموقع نفى تماماً نشر الخبر، ورغم أن الأرقام الرسمية للجمارك تكشف عكس ما نشر تماماً فقد تم تصدير مانجو ب 143 مليون دولار، واستيراد ما قيمته 4آلاف دولار فقط، وبنفس فلسفة خبر الشاب الحامل، لم يلق النفى نفس الاهتمام، بل الأدهى استمرار سخرية الناس، بل وتشكيكهم فى النفى وأرقامه الحقيقية الموثقة، لصالح بوست مفبرك بعناية، وهو المقصود تحقيقه من بلبلة وتشكيك.