وصل وفد من حركة حماس إلى القاهرة اليوم الأحد، وسط توقعات بأن يرأس الوفد رئيس الحركة في غزة خليل الحية. يأتي ذلك لبحث تنفيذ المرحلة الأولى لخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء حرب غزة والخاصة بتبادل الأسرى. وكشفت تقارير أن لقاءات القاهرة ستشهد تبادلًا للرسائل عبر الوسطاء المصريين والقطريين الذين يتواجدون في نفس المبنى حيث من المقرر أن يتواجد الوفد الصهيوني والمبعوثين الأمريكيين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر. كانت، وزارة الخارجية بحكومة الانقلاب قد أعلنت أن القاهرة ستستضيف اليوم الاثنين، وفدين من دولة الاحتلال وحركة حماس لبحث الظروف الميدانية وتفاصيل تنفيذ عملية تبادل الأسرى الصهاينة والفلسطينيين ووضع حد لحرب الإبادة على قطاع غزة، وذلك وفقًا لخطة ترامب.
يشار إلى أن الموافقة المباغتة لحركة حماس على خطة ترامب لإنهاء الحرب في غزة أحدثت ضجة كبيرة في دولة الاحتلال، حيث شكلت تلك الموافقة تحولاً بالغ الحساسية في الحرب المستمرة منذ عامين، ولعل خطة ترامب التي رُوّج لها كفرصة أخيرة، أبعدت مسار الصراع عن "الإنذار النهائي" وبدأت بما يوصف ب "المسار التفاوضي الطويل والمعقد"، حاملة في طياتها احتمالين: إما الدخول في مفاوضات التفاصيل، وإما الانزلاق إلى مواجهة أوسع.
قواعد اللعبة
في هذا السياق، اعتبر محللون أن خطوة حماس أعادت تعريف قواعد اللعبة، فالحركة لم تقل "نعم" مطلقة، ولم ترفض الخطة، بل وضعت ملاحظاتها وربطت التنفيذ بوقف العدوان بشكل كامل، وانسحاب الاحتلال من القطاع، ورفع الحصار عن غزة وأكدوا أن هذا الموقف أقرب إلى مبادرة لتفكيك الألغام التفاوضية، بدلاً من تسليم مفتاح القرار للولايات المتحدة ودولة الاحتلال . من جانبه قال أستاذ العلوم السياسية، الدكتور أسامة شعث، إن الموقف الأمريكي بدا واضحاً وصريحاً بعد بيان حركة حماس، حيث يبدو الرئيس ترامب تواقاً لتسجيل اسمه ك "رجل السلام" الذي أوقف الحرب. ولفت "شعث" فى تصريحات صحفية إلى أن ترامب أبلغ نتنياهو ب "24 ساعة لوقف إطلاق النار"، وهو ما يمثل صفعة لحكومة الاحتلال التي كانت تستعد لإصدار بيان برفض حماس للخطة ومواصلة خطط التهجير والتدمير. واعتبر أن هذا الموقف المتقدم جداً من واشنطن يشير إلى نيتها تحقيق السلام فعلياً وتجنب عزلة جديدة لدولة الاحتلال .
رفض مقنع
وقال الخبير في الشئون الصهيونية الدكتور مهند مصطفى، إن دولة الاحتلال قد تفهم مرونة حماس بوصفها "رفضاً مقنعاً"، مشددا على أن دولة الاحتلال لن تسمح بأي تعديل يمس أهداف الحرب المعلنة منذ أكتوبر 2023، وعلى رأسها إضعاف حكم حماس ومنع عودتها إلى المشهد السياسي . وتوقع "مصطفى" فى تصريحات صحفية أن أي تحفظ فلسطيني على جوهر الخطة قد يدفع دولة الاحتلال إلى الاستمرار في الحرب أو توسيعها. وأضاف أن حكومة بنيامين نتنياهو تراهن على تكرار إستراتيجية الغموض، بصياغة الاتفاقات بمبادئ عامة دون جداول زمنية ملزمة، ما يسمح لها بتفسير البنود بما يخدم مصالحها أو التنصل منها.
زاوية إنسانية عاجلة
وأكد الخبير في سياسات الشرق الأوسط الدكتور محجوب الزويري، أن صياغة موقف حماس تعكس إدراكاً عميقاً لتجارب سابقة (مثل كامب ديفيد 2000). وكشف "الزويري" فى تصريحات صحفية أن بيان حماس ركزت الحركة خلاله على ملف غزة من زاوية إنسانية عاجلة، وتجنبت الانزلاق إلى قضايا تقرير المصير، والقدس، واللاجئين، تاركة هذه الملفات لإجماع فلسطيني جامع. كما حرصت على ألا تُحمَّل وحدها وزر القرارات المصيرية.
الملعب الصهيوني
فى المقابل أكد القيادي في المكتب السياسي لحركة حماس، موسى أبو مرزوق، أن موافقة الحركة على خطة ترامب ليست على بياض، وأن كثير من القضايا تحتاج إلى تفاهمات وتوضيحات، لكن الموافقة في عمومها ألقت بكرة اللهب في الملعب الصهيوني. وقال أبو مرزوق فى تصريحات صحفية، إن الحركة وافقت على خطة ترامب بعناوينها الرئيسية كمبدأ، لكن تطبيقها يحتاج لتفاوض، مشيرا إلى أن الحركة ستسلم سلاحها للدولة الفلسطينية القادمة، وأن مستقبل الشعب الفلسطيني مسألة وطنية لا تقرر حماس وحدها فيها. وأوضح أن تنفيذ الخطة بشكل عملي يحتاج إلى مفاوضات تفصيلية عبر الوسطاء، مؤكدًا أن الحركة ستدخل في تفاوض بشأن القضايا المتعلقة بالحركة والسلاح وقوة حفظ السلام، وكلها قضايا تحتاج إلى تفاهمات وتوضيح. وشدد أبو مرزوق على أن حماس ستسلم السلاح للدولة الفلسطينية القادمة، وأن من يحكم غزة سيكون بيده السلاح، وأن رسم مستقبل الشعب الفلسطيني مسألة وطنية لا تقرر فيها حماس وحدها، داعيا واشنطن للنظر بإيجابية لمستقبل الشعب الفلسطيني.