الأمين العام لاتحاد النقابات العالمي: * الحركة النقابية تواجه تحديات غير مسبوقة في ظل الأزمات العالمية * التطور التكنولوجي ليس عدواً للعمال إذا عاد نفعه إليهم * العمالة المهاجرة تتعرض للاستغلال تحت ذرائع واهية * الوضع في الشرق الأوسط يُفاقم من معاناة الطبقة العاملة * نطالب بتمثيل عادل داخل منظمة العمل الدولية * مؤتمرات العمل العربية بحاجة إلى واقعية وتخصص أكبر * الحركة النقابية المصرية شريك أساسي في النضال العمالي العالمي * نحو مؤتمر عمل دولي لا يخضع للازدواجية في المعايير ى في حوار خاص ل"بوابة أخبار اليوم" مع الأمين العام لاتحاد النقابات العالمي بامبيس كريستالي، كشف عن واقع العمال في العالم وتحديات الحركة النقابية، في ظل الأزمات الاقتصادية العالمية وتزايد التوترات الجيوسياسية في عدد من مناطق العالم، التي تواجه فيه الطبقة العاملة تحديات غير مسبوقة تمس حقوقها الأساسية وتهدد استقرارها المعيشي. وتحدث الأمين العام لاتحاد النقابات العالمي، باميبس كريستالي، بصراحة عن أوضاع العمال، ودور الاتحاد في دعمهم، ورؤيته لمستقبل الحركة النقابية في ظل النظام الرأسمالي العالمي، واستعداداتهم للمشاركة في مؤتمر العمل الدولي بجنيف والذي ستكون القضية الفلسطينية على رأس أجندتهم بالمؤتمر.. إلى نص الحوار ما تقييمكم للأوضاع العمالية على مستوى العالم الحالي؟ الوضع مقلق للغاية. ملايين العمال حول العالم يواجهون تحديات متزايدة تؤثر بشكل مباشر على حياتهم وأمنهم وحقوقهم الأساسية. السبب الرئيسي هو النظام الرأسمالي الذي تسيطر فيه الشركات الكبرى على الموارد بهدف تحقيق أرباح ضخمة، دون أي اعتبار للطبقة العاملة. هذا النظام يضعف خدمات حيوية مثل التعليم والرعاية الصحية، ويدفع باتجاه الإنتاجية القصوى على حساب الإنسان. كيف تنظرون إلى التطور التكنولوجي والذكاء الاصطناعي وتأثيرهما على العمال؟ نحن لا نعتبر التطور العلمي والتكنولوجي عدواً للعمال. على العكس، يمكن أن يؤدي هذا التطور إلى زيادة الإنتاجية وتحقيق رفاهية حقيقية إذا تم استخدامه بشكل عادل. لكن الواقع الحالي يُظهر أن هذه التقنيات تُستخدم في خدمة أصحاب الشركات فقط، مما يؤدي إلى تسريح عدد كبير من العمال وزيادة أرباح النخب الاقتصادية. نؤمن بأن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون نعمة لا نقمة، بشرط أن تعود عائدات الإنتاج إلى العمال أنفسهم. ما أبرز المشاكل التي تواجه العمالة المهاجرة؟ في كل أنحاء العالم، تواجه العمالة المهاجرة ظروفاً صعبة للغاية، خصوصاً في أوروبا. كثير من هؤلاء العمال يُجبرون على العمل بأقل من الحد الأدنى للأجور بحجة توفير السكن والطعام. نحن نطالب بأن يحصل كل العمال على الحد الأدنى من الأجور بغض النظر عن المزايا الأخرى التي يقدمها أصحاب العمل، فكرامة العامل لا يمكن المساومة عليها. كيف تقيمون الوضع الحالي في منطقة الشرق الأوسط وتأثيره على العمال؟ المنطقة تشهد نزاعات مسلحة وتدخلات خارجية، ما يُفاقم من معاناة الطبقة العاملة. ما يحدث في فلسطين، وسوريا، ولبنان، والعراق يُظهر الوجه القبيح للقوى المهيمنة التي تتعامل بازدواجية في المعايير. ونحن في الاتحاد نؤكد أن السلام العادل، وحماية حقوق العمال، ومقاومة التدخلات الأجنبية، هي أولويات أساسية لنهوض منطقتنا. هل تقتصر حقوق العمال على الأجور فقط؟ بالطبع لا. حقوق العمال تشمل الحق في التنظيم النقابي، والحرية النقابية، والمفاوضة الجماعية، والعمل في بيئة آمنة، والحصول على ضمان اجتماعي شامل. الأجور مهمة، ولكنها جزء من منظومة متكاملة تضمن للعمال حياة كريمة ومستقرة. كيف ترون الحركة النقابية المصرية؟ الحركة النقابية المصرية هي جزء مهم جداً من عائلتنا الدولية. لها تاريخ طويل في الدفاع عن قضايا التحرر والاستقلال، وترتبط بشكل مباشر بالنضالات العربية. نحن نحترمها ونتضامن معها، وندعوها إلى مزيد من التفاعل مع القضايا اليومية للعمال. ما رأيكم فيما صدر عن مؤتمر العمل العربي الأخير؟ أعتقد أنه يجب تطوير هذه المؤتمرات لتكون أكثر تخصصاً وواقعية في معالجة قضايا العمال. يجب مثلاً إنشاء نظام تقاعد حكومي عادل وممول من الدولة والمجتمع، وليس تحميل العامل وحده هذا العبء. كذلك، ينبغي التركيز على السلامة والصحة المهنية، خصوصاً في ظل تزايد الحوادث في أماكن العمل. كيف تستعدون للمشاركة بمؤتمر العمل الدولي، وخاصة ما يتعلق بالعمالة الفلسطينية؟ للأسف، هناك مشاكل خطيرة في الحوار الاجتماعي داخل منظمة العمل الدولية. بعض الأطراف تريد من النقابات أن تذعن ولا تعارض شيئاً، وهذا ليس موقفنا. نحن ندافع عن قضايا مثل الأجور، والصحة المهنية، والحرية النقابية. وفيما يخص فلسطين، هناك لجنة خاصة لمناقشة أوضاع العمال الفلسطينيين، لكن تعامل المنظمة معها يعكس ازدواجية المعايير. ففي الوقت الذي تُدان فيه دول مثل بيلاروسيا أو كوبا، لا نرى أي إجراءات حقيقية ضد إسرائيل رغم الانتهاكات المتكررة. بمناسبة الذكرى الثمانين لتأسيس اتحاد النقابات العالمي في 2025، ما هي تطلعاتكم المستقبلية؟ اتحاد النقابات العالمي تأسس بعد الحرب العالمية الثانية ليحمل رسالة إنسانية سامية: العمل من أجل عالم بلا استغلال. واليوم، نمثل 134 دولة و110 ملايين عامل. لكن للأسف، التمثيل داخل منظمة العمل الدولية ما زال غير عادل. نطمح إلى تصحيح هذا الخلل، وإعادة التوازن، وتحقيق نظام دولي يُنصف العمال ويمنحهم الصوت الحقيقي في صنع القرار.