تحول الهوس العالمي بجمع دمى "لابوبو"الظريفة إلى مشهد فوضوي في أحد أكبر مراكز التسوق بلندن، حيث اندلع شجار جماعي داخل متجر "بوب مارت"، ليعيد الجدل حول الظواهر الاستهلاكية المرتبطة بالمنتجات الفيروسية، ومدى تأثيرها على السلوك الجماهيري،القصة التي بدأت كلعبة محشوة ذات تصميم غريب وجذاب، تحولت إلى مصدر توتر وعنف، ما دفع الشركة لاتخاذ قرار عاجل بإيقاف بيع هذه الدمى موقتا في بريطانيا. اقرا أيضأ|تحرش بزوجته.. شخص يشعل النار في نفسه بالخطأ خلال مشاجرة مع بائع متجول شهد مركز "وستفيلد ستراتفورد" التجاري في العاصمة البريطانية لندن، حادثة غير معتادة، حين اندلع شجار عنيف بين مجموعة من المتسوقين داخل فرع متجر "بوب مارت"، بسبب الإقبال الهائل على شراء دمى "لابوبو" التي أصبحت هوساً عالميا في وقت قياسي، وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة تُظهر تبادل اللكمات والصراخ داخل المتجر، ما استدعى تدخل عناصر الأمن لاحتواء الفوضى. هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها، حيث سبق وأن شهد نفس المتجر مشادة بين موظف وزبون على خلفية التزاحم على شراء الدمى، وبحسب هيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، فإن العنف المرتبط بمنتجات "لابوبو" بات مصدر قلق حقيقي في بريطانيا. ورداً على ذلك، أعلنت شركة "بوب مارت" الصينية، المالكة للعلامة التجارية، عن قرارها بسحب جميع دمى "لابوبو" من فروعها الستة عشر في بريطانيا حتى يونيو المقبل،وذكرت في بيان رسمي أن هذا الإجراء يهدف إلى ضمان "سلامة العملاء" وتحقيق "تجربة تسوق عادلة ومنظمة"، موضحة أنها تعمل على تطوير آلية بيع جديدة تحد من الفوضى. ومع ذلك، قوبل هذا القرار بغضب واسع من المعجبين، حيث اعتبره البعض "عقابا جماعيا" للمستهلكين الملتزمين،وأشار آخرون إلى أن الندرة المقصودة في كمية الطرح كانت السبب الحقيقي وراء زيادة التوتر، وارتفاع الأسعار في السوق السوداء، حيث تباع بعض الدمى التي لا يتجاوز سعرها الرسمي 13.50 جنيهًا إسترلينيًا بأكثر من 600 جنيه على مواقع مثل "فينتد" و"إيباي". هواية أم هوس؟ توضح آشلي بوشي، مشرفة مقهى تبلغ من العمر 32 عامًا من مقاطعة نورثهامبتونشير، أنها أنفقت أكثر من 1000 جنيه إسترليني لشراء 13 دمية من سلسلة "لابوبو"، وتقول: "إنها ساحة معركة أتابع البث المباشر للمتجر يوميًا من الساعة 2 ظهرا حتى 7 مساء، وغالبا ما أشاهد اللايف خلسة خلال العمل لمحاولة شراء واحدة". تعرف دمى "لابوبو" بكونها تباع ضمن ما يسمى ب"الصناديق العمياء" "Blind Boxes"، حيث لا يعلم المشتري أي تصميم سيحصل عليه حتى يفتح العلبة، ويزيد هذا النظام من حدة التنافس بين الجامعين، الذين يسعون لاستكمال مجموعاتهم بأي ثمن. ومن بين النسخ النادرة، دمية باسم "زيمومو"وهي من التصاميم الذكورية القليلة في سلسلة تهيمن عليها الشخصيات الأنثوية، وقد اشترتها بوشي مقابل 200 جنيه، وتصل أسعار الإصدارات المحدودة إلى 600 جنيه في السوق غير الرسمي. انتشار عالمي مدفوع بالمشاهير بدأت شهرة "لابوبو" بالتصاعد في عام 2024 عندما ظهرت نجمة الكيبوب ليسا من فرقة "بلاك بينك" بصورة مع الدمية، ما أثار موجة من الاهتمام تبعتها نجمات عالميات مثل ريهانا ودوا ليبا، ومنذ ذلك الحين، تحولت الدمية إلى أيقونة ثقافية ومكمل للأزياء، واجتاحت وسائل التواصل الاجتماعي بعشرات آلاف المقاطع المصورة. وتقول الشركة إنها لاحظت طوابير طويلة أمام متاجرها في بريطانيا منذ ساعات الصباح الباكر، بل وحتى منذ الليلة السابقة، ما دفعها إلى مراجعة سياسة التوزيع، وجاء في بيان نُشر على حسابها في إنستجرام: "شهدنا خلال الأسابيع الماضية حماساً هائلاً من الجمهور، ونحن ملتزمون بتقديم تجربة عادلة وآمنة للجميع، ولهذا نعمل على نهج جديد لضبط عملية الشراء". التزوير والنسخ المقلدة مع تصاعد الطلب، ظهرت أيضا سوق موازية للنسخ المزيفة التي يطلق عليها اسم "لافوفو"، وتحذر بوشي من أن بعض البائعين يقومون بفتح الصناديق الأصلية من الأسفل واستبدال الدمى بنسخ مقلدة ثم يعيدون تغليفها، وتضيف أن الطريقة الوحيدة للتحقق من الأصالة هي باستخدام رمز "QR" الموجود أسفل العلبة. وتتميز النسخ الأصلية بعدد من الخصائص الدقيقة، منها وجود تسعة أسنان في فم الدمية، بينما تحتوي النسخ المزورة غالبا على أطراف ملتوية أو رؤوس مشوهة، في محاولة لتقليد التصميم الغريب الذي يعد سببا في جاذبيتها. تحولت دمى "لابوبو"من مجرد منتج ترفيهي إلى ظاهرة ثقافية واجتماعية تعكس تحولات في أنماط الاستهلاك، وتأثير الإعلام الرقمي، وارتباط التسوق بالعاطفة والتقليد الجماعي، وبينما تحاول شركة "بوب مارت" احتواء الأزمة بتنظيم آلية البيع، يبقى السؤ ال مفتوحا: إلى أي حد يمكن أن تصل ظاهرة ترفيهية قبل أن تتحول إلى حالة اجتماعية مزعجة؟