شهد الدولار الأميركي تراجعًا ملحوظًا، مواصلاً موجة الخسائر التي بدأها منذ بداية العام، والتي تجاوزت حاجز ال7%، السبب يعود إلى تصعيد جديد من الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي لوّح بفرض رسوم جمركية مرتفعة على السلع الأوروبية، ما أجّج من جديد المخاوف بشأن مستقبل التجارة العالمية. وقد هبط مؤشر الدولار الفوري لبورصة بلومبرج بنسبة 0.6%، ليقترب من أدنى مستوى له منذ ديسمبر 2023، وجاءت هذه الضغوط بعد تصريحات ترامب التي ألمح فيها إلى احتمال فرض رسوم تصل إلى 50% على واردات من الاتحاد الأوروبي، في ظل تعثر المفاوضات التجارية، ما أضعف موقف العملة الأميركية أمام عملات مثل اليورو والين. اقرأ أيضا | «وول ستريت» تهبط بعد تهديد ترامب بفرض رسوم جمركية جديدة على الاتحاد الأوروبي و«آبل» الأسواق تترقب وتخشى الركود في هذا السياق، عبر الخبير الاستراتيجي أروب شاترجي من بنك "ويلز فارجو" في نيويورك عن قلقه قائلاً: "أي زيادة كبيرة في الرسوم الجمركية قد تعيد سيناريوهات الركود الاقتصادي في الولاياتالمتحدة إلى الطاولة، وتزيد من الضبابية السياسية والاقتصادية". وأضاف أن الأسواق المالية، خاصة سوق العملات التي تبلغ تعاملاتها اليومية نحو 7.5 تريليون دولار، تأثرت بهذا التراجع، حيث فقد الدولار جاذبيته كملاذ آمن، وارتفعت أسهم عملات مثل الفرنك السويسري والين الياباني. وارتفع اليورو بنسبة 0.5% أمام الدولار، وكان قد وصل إلى مكاسب بنسبة 0.8% قبل تصريحات ترامب، بينما صعد الين الياباني بنسبة 1.1% ليصل إلى 142.45 مقابل الدولار. اقرأ أيضا | عاصفة اقتصادية تلوح بالأفق.. التوقعات تشير إلى ركود محتمل في كندا القلق المالي الأميركي يتعمق ومن لندن، ترى جين فولي، الخبيرة في بنك "رابوبنك"، أن المخاوف بشأن الوضع المالي في أميركا تعيد تشكيل نظرة المستثمرين، قائلة: "الشكوك حول الميزانية، ومخاطر التضخم، وتباطؤ النمو، كلها عوامل دفعت المستثمرين لإعادة تقييم الأصول الأميركية، مما زاد من الضغوط على الدولار". وفي السياق ذاته، يشير صندوق "جيه بي مورجان أسيت مانجمنت" إلى أن الدولار دخل مرحلة تراجع طويلة المدى، في ظل اتجاه المستثمرين الدوليين لتقليص استثماراتهم في السوق الأميركية. وتشير بيانات هيئة تداول السلع الآجلة إلى أن صناديق التحوط ومديري الأصول يحتفظون بحوالي 16.5 مليار دولار في مراكز استثمارية تراهن على هبوط الدولار، وهو رقم يقترب من أعلى مستوياته منذ سبتمبر الماضي. اقرأ أيضا | محافظ بنك كندا المركزي يحذر من ضعف النمو بسبب التعريفات الجمركية رسوم أبل وفي تطور آخر، هدد ترامب بفرض ضريبة تصل إلى 25% على شركة "أبل" إذا لم تقم بنقل تصنيع هواتف "آيفون" إلى الأراضي الأميركية، ما أدى إلى هبوط سهم الشركة، وزاد من حالة الغموض حول توجهات الإدارة الأميركية. وفي تقرير لبنك "أوف أميركا"، أشار فريق اقتصادي بقيادة ميخاليس روساكيس وكلاديو بيرون إلى أن "حالة عدم اليقين المالي باتت عاملاً هيكلياً يضغط على الدولار الأميركي، ولم تعد مسألة مؤقتة مرتبطة بالتكتيكات السياسية". كما شدد خبراء من "كريدي أجريكول" على أن المستثمرين باتوا يشككون في قدرة الإدارة على تمرير خطط التحفيز المالي في ظل تراجع التصنيف الائتماني، وهو ما يضعف ثقة الأسواق في استدامة الوضع المالي الأميركي.