فى القصص تفاصيل كثيرة لا يمكن أن يكتبها إلا كاتب عاش فى سيناء، ظل مخلصاً لمكان إقامته فى كل حرفٍ كتبه. سواء كان قصة قصيرة أم رواية أهدانى الدكتور أحمد بهى الدين رئيس هيئة الكتاب مجموعة قصصية عنوانها: هناك حيث أنا، ومكتوبٌ تحتها: مجموعة قصصية. وأنا أختلف معه تمامً، فكان لابد أن يكتب: قصص من سيناء، لمؤلفها القاص السيناوى عبد الله السلايمة. والكتاب صدر ضمن سلسلة إبداعات قصصية التى يرأس تحريرها سيد الوكيل، ويدير تحريرها سلوى فيَّاض، ويتولى سكرتارياتها مصطفى أحمد نور الدين، وصمم الغلاف المهم والمُعبِّر الدكتورة هند سمير. والعمل يمكن اعتباره مجموعة قصصية عن أهالى سيناء الذين يعيشون فى تلك البلاد الجميلة التى لا حد لجمالها، وقصص هذا الكتاب تُعبِّر عن عاداتهم وطموحاتهم وأشواقهم، والتحولات التى طرأت على كل ذلك بحُكم المستجدات العصرية. مما أنتج صراعات بين أجيالهم وعقولهم بحسب قوة القناعات بالماضى، أو ثورة استسشراف المستقبل. ومن الطبيعى أن يُولِّد ذلك أفكاراً زاعقة. لكن الكاتب فى هذه المجموعة نجح فى صياغتها فى إطار سياقها القصصى دون هتاف، حتى وإن اعتمد على لغة توصيلية فى إبراز مضمونه. لكنها ظلت محافظة على شكل القصة فى الإطار الكلاسيكى الذى اختاره الكاتب ونجح فى ألا يورِّط قلمه فى مغامرات سردية لا يضمن نتائجها. وعبد الله السلايمة كاتب غزير الإنتاج. سبق أن كرَّمته الهيئة العامة لقصور الثقافة 2016، وكرَّمه اتحاد كُتَّاب مصر 2018، وأعماله السابقة: بركان الصمت رواية، قبل المنحنى بقليل رواية، أشياء لا تجلب البهجة مجموعة قصصية، صحراء مضادة رواية 2012، أوضاع مُحرَّمة مجموعة قصصية 2016، خطايا مقصودة رواية 2019، شمال شرق رواية، كتاب سيناء سيرة الحُب والأدب، رواية سنُقرئك فلا تنسى، فضلاً عن رواية: أن تعرف أنوشكا وهى قيد النشر. تخرَّج عبد الله السلايمة فى كلية الآداب قسم التاريخ 1986 ويعمل بوزارة التربية والتعليم. اختير ممثلاً لمحافظة شمال سيناء فى عضوية الأمانة العامة لمؤتمر أدباء مصر 2012 - 2013، عضو لجنة القصة والرواية ب المجلس الأعلى للثقافة لأربع دورات «2012 - 2020». أمين عام مؤتمر إقليم القناة وسيناء الثقافى لدورتين: الدورة 19 عام 2016 بمحافظة بورسعيد، والدورة 24 عام 2021 بمدينة العريش بمحافظة شمال سيناء 2021، مؤسس ملتقى العريش الثقافى وأمينه العام فى دورته الأولى أكتوبر 2023، وتُرجمت له ثلاث روايات: شمال شرق، صديقى ماسود، سنُقرئك فلا تنسى، إلى اللغة الهندية. وحول مجموعته القصصية: هناك حيث أنا، قال الكاتب عبد الله السلايمة تضم المجموعة 22 قصة متنوعة، من بينها الشاب، لا ليس بعد، الطنيبة، صورة عائلية، ابنة الشيطان، الشيخة نافعة، لا يا بنى، جوع، أنا وبرناردشو، سكتة قلمية، أشباح عارف، ذاكرة حمراء، المنبوذون، على قيد التفاؤل، حلم ابتهال، علاقة ملتبسة ذئاب جائعة وغيرها. وشدد عبد الله السلايمة على أن معظم نصوص هذه المجموعة هى كتابة ثانية أو إعادة كتابة لنصوص سبق نشرها، وأضيفت إليها بعض القصص الجديدة، وتعرض المجموعة فى معرض القاهرة الدولى للكتاب المُقبل. ومن إحدى قصص المجموعة نقرأ: لا أبالغ إن قلت إننى لا أطيق النظر إليها، وأن علاقتنا كانت من بدايتها خاطئة، لكن يبدو أننى اعتدت على الحياة معها، كما نعتاد بمرور الوقت على أشياء كثيرة فى حياتنا، ولم أعد أُفكِّر فى مسألة انفصالنا، لكن ما حدث يومها جعلنى أعيد التفكير فى الأمر. صارحتها بأن الحياة بيننا باتت مستحيلة، ولابد من أن نفترق، لم تعلق وأدارت لى ظهرها، ولم أكن أعلم أنها سترد علىَّ فى الوقت الذى تراه مناسباً. توقفتُ أمام قصته المنشورة فى مجموعته: هناك حيث أنا، والقصة عنوانها: أنا وبرناردشو، قال فيها: - عثرتُ على الكتاب صدفة، وبقدر ما كانت سعادتى فى العثور عليه كانت دهشتى. لم أتوقف كثيراً أمام تلك الكلمات المكتوبة فى قصاصة ورقية كانت مُرفقة بالكتاب. فمن غير صفاء يُمكن أن يتذكرنى بهدية قيمة كهذه؟ شعرتُ نحوها بالامتنان كما لم أشعر من قبل. لكن ما لبثت أن شعرتُ بالاستياء الشديد إزاء ما بدا على الكتاب من إهمال. فى القصص تفاصيل كثيرة لا يمكن أن يكتبها إلا كاتب عاش فى سيناء، ظل مخلصاً لمكان إقامته فى كل حرفٍ كتبه. سواء كان قصة قصيرة أم رواية. وهكذا هو عبد الله السلايمة.