«حتى لو نجحت إسرائيل فى إبرام اتفاقيات تطبيع مع جميع الدول العربية، فإن السلام الدائم العادل والشامل سيظل بعيد المنال، ما لم تقم الدولة الفلسطينية». إنه القول الفصل بالغ الوضوح والدلالة، فى إيجاز شديد، جاء على لسان الرئيس السيسى معبرًا عن الضمير المصرى، بل والعربى فى صميمه، والإنسانى الحق فى عمومه، أمام القمة العربية، ليسمع العالم أجمع، ما حاول البعض حجبه، أو الالتفاف عليه، أو حتى دفنه لأجل غير معلوم؟ تحت سحابات التحايل والمراوغة! هكذا علا صوت مصر على شفتى رئيسها فى لحظة مفعمة بالتحديات المصيرية للوجود العربى برمته، ولمستقبل الأمة إن غاب عن أفقها وضميرها تلك البديهية، فالتطبيع مهما بلغت رقعته الجغرافية، لن يكون أبدًا بديلًا للسلام الحقيقى، المرهون تمامًا بقيام دولة فلسطينية هى حق تأخر كثيرًا وطويلًا لشعب ذاق من الظلم ما لم يعانه سواه. بدقة حددت مصر، بعبارة واثقة هادئة ومحددة معالم السلام الذى تطالب به، وفقًا لأى معيار إنسانى قبل أن يكون قانونيًا أو سياسيًا، إذ السلام الدائم فقط هو القائم على العدل المستمدة أسسه من الشرعية الدولية التى انتهكت طويلًا، وضرب عرض الحائط بقراراتها على مدى عقود، ثم أن شموله يضمن دوامه. حين لا ينهض السلام على العدل، يصبح شبح التهديد بالقوة واللجوء للحرب الغاشمة والعدوان المستمر، بدائل تشهر سيوفها فى وجه أصحاب الحق، فالسلام لا يفرض عليهم، والأحرى أن يفرض احترامه على المعتدى الأثيم، الذى يستمرئ اللجوء للقوة، وسلب الحقوق، وراقة الدماء أنهارًا، وتجريف كل معانى الحياة ما يخص البشر والحجر والشجر! القول الفصل، أو فصل الخطاب، أيًا ما كان الحكم فيه قاطعًا لا راد فيه، دعوة للجميع عربًا وعجمًا للتدبر، والمعالجة الحكيمة قبل انفجار لا يبقى ولا يذر، ولو كانت مظلة التطبيع قائمة. العدل فقط يشيد على قوائمه السلام الدائم، هكذا تؤكد شواهد التاريخ وتجاربه، من ثم فإن على الأشقاء والأصدقاء، بل وحتى الأعداء أن يتوقفوا للتمعن فيما نادى به الرئيس السيسى فى بغداد، فقد تستطيع القوة أن تفرض الأمر الواقع لبعض الوقت، وإن طال والمكاسب الآنية قد تحرف النظر أو الضمير عن تبنى الحق، لكن استمرار الأوضاع الظالمة يظل قنبلة موقوتة، يقينًا سوف تنفجر فى وجوه الجميع يوم لا يفيد الندم!. احذروا غضب المظلوم.