الرئيس السادات اتصل بوزير الداخلية وكان منزعجًا لما نشرته الأخبار رسالة قصيرة تلقاها بريد إلى محرر الأخبار عام 77 وتتعلق بشكوى أحد المواطنين من تعرضه للتعذيب داخل قسم الشرطة بمدينة طنطا. اتصل الأستاذ الكبير مصطفى أمين بأستاذتى الراحلة الكبيرة عفاف يحيى وطلب منها عمل تحقيق صحفى عن الواقعة وكل التفاصيل الخاصة بها. كلفتنى الأستاذة عفاف يحيى وبالفعل سافرت لطنطا والتقيت مع مأمور قسم شرطة طنطا بصفتى قريبًا للمواطن الذى تعرض للتعذيب وقمت بتسجيل اللقاء. حاول المأمور تهديدى عندما عرف أننى صحفى وقتها لم أكن قد عينت وكنت لا أزال طالباً بالسنة الثالثة كلية الإعلام جامعة القاهرة. عدت للقاهرة وسلمت التحقيق فى اليوم التالى ونشر بالأخبار. وقتها كما يقولون «قامت الدنيا ولم تقعد» فلقد قرأ الرئيس الراحل الكبير أنور السادات الموضوع تحدث عنه مع اللواء النبوى إسماعيل وزير الداخلية، وفى اليوم التالى للنشر اتصل الوزير بالأستاذ موسى صبرى وطلب منه إبلاغى بمقابلة مع الوزير فى اليوم التالى الساعة العاشرة صباحاً. حقيقة أصابنى الخوف ولكن أساتذتى أحمد الجندى وعفاف يحيى أبلغونى أن الوزير يريد أن يستمع منك مباشرة عما حدث لأن الرئيس السادات منزعج للغاية من الحادثة. المهم توجهت لمكتب الوزير فى الموعد وفوجئت باستقبال كبير من جانب العاملين وهو الأمر الذى أدخل الطمأنينة لقلبى.. مر الوقت سريعاً.. ساعة.. ساعتين.. وأبلغنى مدير المكتب أن الوزير سوف يتأخر لأنه مر على موقع حادثة الشرابية وسألته عن الحادث فأبلغنى أن عمارة سقطت ومات فيها عشرات المواطنين وأن الوزير بالموقع ومعه بعض الوزراء ومحافظ القاهرة، ومن مكتب مجاور لمكتب الوزير طلبت جريدة الأخبار وكلمت أستاذى الكبير جلال عيسى مدير التحرير وأبلغته بما حدث فطلب منى الحضور فوراً للجريدة. بالفعل غادرت المكتب وخلال 15 دقيقة كنت بالجريدة وفوجئت بأن الأستاذ موسى قد وقع عقاباً قاسياً على كل قسم الحوادث وأنه أرسل 5 محررين مع 3 مصورين لموقع العمارة المنهارة فطلبت من الأستاذ موسى أن أذهب للمشاركة فى التغطية الصحفية للحادث لأننى أول من أبلغت به وبالفعل وافق الأستاذ موسى وخصص لى سيارة مع مصور وتوجهت بالفعل لموقع الحادث. المهم فوجئ الزملاء هناك بحضورى وكانوا قد بدأوا إجراء لقاءات مع سكان المنطقة لوصف تفاصيل الحادث وساعتها سلمت على وزير الداخلية وعرفته أننى مطلوب لمقابلته وقال لى عموماً نلتقى فى المساء بمكتبى بدأت أمارس التغطية وأخذت جانب الجرحى الذين تم نقلهم للمستشفيات بعد 6 ساعات عدنا جميعًا للأخبار وتم عمل ديسك مركزى للحادث والذى تم نشره على 5 صفحات كاملة وكنت الوحيد من كل الصحف الذى انفردت بأن الحادث لم يكن سقوط عمارة واحدة ولكن عمارتين لأن العمارة التى انهارت أخذت جزءاً مع عمارة ملاصقة لها ومات 4 أشخاص منها، أذكر أن الحادث أدى لوفاة 56 ضحية وعشرات المصابين وكانت الأخبار أول صحيفة تصل لمكان الحادث. المهم كانت أياماً جميلة وكان الراحل الكبير على بك حسنين سكرتير عام التحرير يطلق علينا الشماشرجية لأننا كنا نجلس فى الجريدة انتظاراً لتعطف أحد المحررين الكبار لكى يأخذنا معه أو يكلفنا أحدهم بأى عمل.. كنا بالفعل مثل «الواد بلية» مع الأسطى الكبير. المهم أننى أخذت مكافأة 15 جنيهاً ورفضت عرضاً من رئيس قسم الحوادث لكى أنضم رسمياً للقسم وفضلت أن أكون سواحاً بين الأقسام وحتى تخرجى وتعيينى رسمياً وحتى اليوم لم يطلبنى وزير الداخلية!! وإن كنت قد عرفت أنه تم نقل مأمور القسم الذى أساء معاملة المواطن.