أنور محمد علاقتي بالراحل العظيم قداسة البابا شنودة الثالث كانت علاقة محبة وود وطيبة قلب.. تعددت اللقاءات بيننا في دير الأنبا بيشوي بوادي النطرون وفي الكاتدرائية بالعباسية.. كنا نجلس ونتحاور ونتحدث في السياسة ويلقي عليّ أشعاراً من تأليفه.. كان البابا شنودة فيلسوفاً ومفكراً كبيراً وأنشودة في حب مصر قبل أن يكون زعيماً للأقباط، ومن خلال هذه الحوارات ألفت كتاب »السادات والبابا« الذي تسبب في غزوة بوليسية عليه فور توزيعه حيث قام بعض رجال الأمن بمصادرة بعض الكتب والاستيلاء عليها وكتبوا تقريراً ضدي لوزير الداخلية في ذلك الوقت اللواء زكي بدر وكان صديقاً لي فأعطي تعليماته إلي اللواء والكاتب والسيناريست بهاء الدين إبراهيم الذي طلب حضوري إليه في مكتبه لمناقشة بعض الملاحظات علي كتاب السادات والبابا، وذهبت إليه في الموعد المحدد بمكتبه في وزارة الداخلية بلاظوغلي الذي أبلغني أن هناك في الكتاب عبارات قاسية ضد الرئيس السادات، فقلت له أولاً أنا لست ضد الرئيس السادات بل أحبه وأقدره ولكن عندما تصديت لهذه القضية فقد كتبت ما قاله لي قداسة البابا، والأمانة تقتضي ألا أزيف كلمات البابا وأكتب ما لم يقله لي كما ان البابا لم يسيء إلي شخص السادات .. وإذا كان بعض الساداتيين في الصحافة والإعلام قد أزعجهم ما كتبت فليكتبوا رأيهم وسوف أضيفه للكتاب في طبعة لاحقة، وإذا كانت هناك عبارات قاسية فيجب أن تحددوها، وإذا رأيت أنني أخطأت في حق الرئيس أنور السادات وهو في رحاب الله وذمة التاريخ، أو تمس حياته الشخصية سأقوم علي الفور بحذفها أو تغييرها عن طيب خاطر وليس تراجعاً عن رأي قلته أو كتبته في هذا الكتاب وانصرفت من وزارة الداخلية. وحكيت ما حدث لي في لاظوغلي في اتصال تليفوني مع بلدياتي الدكتور رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب حيث كنت أتصل به في منزله يومياً في المساء، وأبلغني الدكتور المحجوب بأنه سيناقش هذا الأمر مع وزير الداخلية فور عودته من زيارة له في الخارج، وفعلاً لم يطلبني أحد في وزارة الداخلية، وكنت أتردد علي أصدقائي في مكتب الوزير طوال مدة وزراء الداخلية اللواءات عبدالحليم موسي وحسن الألفي وحبيب العادلي حيث كانت معرفتي بوزراء الداخلية قد بدأت منذ كان اللواء ممدوح سالم رئيساً للوزراء ووزيراً للداخلية بحكم إشرافي علي صفحة الحوادث بالأخبار. طلبني المستشار عبدالمجيد محمود المحامي العام لنيابات أمن الدولة العليا- النائب العام حالياً- بعد مكالمة له مع نقيب الصحفيين مكرم محمد أحمد وذهبت إلي مقر نيابة أمن الدولة بمصر الجديدة للتحقيق معي، وكانت أصعب اللحظات عندما تقف أمام صديق لك عملت معه محرراً منذ كانت نيابة أمن الدولة في منطقة العباسية وبدأ المستشار علي الهواري في استجوابي، وبعد الانتهاء أخذني مرة أخري إلي المستشار عبدالمجيد محمود الذي سألني مَن الذي أبلغ ضدك يا أستاذ أنور؟ فقلت له علي الفور وبلا تردد صحفيان قبطيان أحدهما صديق السادات والآخر إنجيلي بلا طعم وصفه السادات بأنه كان أملس كالحية، وانصرفت من مقر نيابة أمن الدولة بلا أي قرار ضدي فقد كان البلاغ كيدياً! عدت إلي جريدة »الأخبار« فاستقبلني زملائي بفرح بعد خروجي من نيابة أمن الدولة العليا، واستفسروا عماحدث من تحقيق وما انتهي إليه التحقيق، فقلت لهم بلاغ كيدي من صحفي ساداتي كبير ضد البابا شنودة، فقال لي زميلي الراحل فؤاد فواز- وهو مسيحي كاثوليكي- إنك أطلقت رصاصة علي النظام، والنظام يخشي أن يطلق عليك رصاصة فترتد في صدر قداسة البابا شنودة الذي كان في زيارة رعوية لأمريكا. قدس الله روح البابا شنودة التي انتقلت إلي الأمجاد السماوية.