أسعار الدولار اليوم السبت 18 مايو 2024.. 46.97 جنيه بالبنك المركزي    أسعار الخضراوات والفاكهة اليوم السبت 18مايو 2024.. البطاطس ب11 جنيهًا    225 يوما من العدوان.. طائرات الاحتلال الإسرائيلي تركز قصفها على رفح    المستشار الأمني للرئيس بايدن يزور السعودية وإسرائيل لإجراء محادثات    البيت الأبيض: أطباء أميركيون يغادرون قطاع غزة    موناكو وجالاتا سراي يتنافسان على التعاقد مع محمد عبد المنعم    مؤتمر صحفي ل جوميز وعمر جابر للحديث عن نهائي الكونفدرالية    مواعيد مباريات اليوم السبت 18 مايو 2024 والقنوات الناقلة.. الأهلي ضد الترجي    بعد قليل، أولى جلسات محاكمة الفنانة انتصار بتهمة الشهادة الزور    شاومينج يزعم تداول أسئلة امتحان اللغة العربية للشهادة الإعدادية بالجيزة    حنان شوقى: الزعيم عادل إمام قيمة وقامة كبيرة جدا.. ورهانه عليا نجح فى فيلم الإرهابي    «الأرصاد»: طقس السبت شديد الحرارة نهارا.. والعظمى بالقاهرة 39 درجة    زيلينسكي: أوكرانيا بحاجة إلى 120 إلى 130 طائرة إف-16 لتحقيق التكافؤ الجوي مع روسيا    إرشادات وزارة الصحة للوقاية من ارتفاع ضغط الدم    حظك اليوم وتوقعات برجك 18 مايو 2024.. مفاجآة ل الدلو وتحذير لهذا البرج    محمد سامي ومي عمر يخطفان الأنظار في حفل زفاف شقيقته (صور)    تشكيل الترجي المتوقع لمواجه الأهلي ذهاب نهائي دوري أبطال أفريقيا    أوما ثورمان وريتشارد جير على السجادة الحمراء في مهرجان كان (صور)    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. السبت 18 مايو    ناقد رياضي: الترجي سيفوز على الأهلي والزمالك سيتوج بالكونفدرالية    موعد مباراة الأهلي والترجي في ذهاب نهائي دوري أبطال أفريقيا    عاجل - تذبذب جديد في أسعار الذهب اليوم.. عيار 14 يسجل 2100 جنيه    عادل إمام.. تاريخ من التوترات في علاقته بصاحبة الجلالة    ذوي الهمم| بطاقة الخدمات المتكاملة.. خدماتها «مش كاملة»!    لبلبة تهنئ عادل إمام بعيد ميلاده: الدنيا دمها ثقيل من غيرك    نوح ومحمد أكثر أسماء المواليد شيوعا في إنجلترا وويلز    كاسترو يعلق على ضياع الفوز أمام الهلال    خالد أبو بكر: لو طلع قرار "العدل الدولية" ضد إسرائيل مين هينفذه؟    حماية المستهلك يشن حملات مكبرة على الأسواق والمحال التجارية والمخابز السياحية    تفاصيل قصف إسرائيلي غير عادي على مخيم جنين: شهيد و8 مصابين    رابط مفعل.. خطوات التقديم لمسابقة ال18 ألف معلم الجديدة وآخر موعد للتسجيل    حلاق الإسماعيلية: كاميرات المراقبة جابت لي حقي    إصابة 3 أشخاص في تصادم دراجة بخارية وعربة كارو بقنا    مفتي الجمهورية: يمكن دفع أموال الزكاة لمشروع حياة كريمة.. وبند الاستحقاق متوفر    الأول منذ 8 أعوام.. نهائي مصري في بطولة العالم للإسكواش لمنافسات السيدات    مذكرة مراجعة كلمات اللغة الفرنسية للصف الثالث الثانوي نظام جديد 2024    بعد عرض الصلح من عصام صاصا.. أزهري يوضح رأي الدين في «الدية» وقيمتها (فيديو)    مصطفى الفقي يفتح النار على «تكوين»: «العناصر الموجودة ليس عليها إجماع» (فيديو)    عمرو أديب عن الزعيم: «مجاش ولا هيجي زي عادل إمام»    لبنان: غارة إسرائيلية تستهدف بلدة الخيام جنوبي البلاد    قبل عيد الأضحى 2024.. تعرف على الشروط التي تصح بها الأضحية ووقتها الشرعي    سعر العنب والموز والفاكهة بالأسواق في مطلع الأسبوع السبت 18 مايو 2024    هل مريضة الرفرفة الأذينية تستطيع الزواج؟ حسام موافي يجيب    مؤسس طب الحالات الحرجة: هجرة الأطباء للخارج أمر مقلق (فيديو)    طرق التخفيف من آلام الظهر الشديدة أثناء الحمل    البابا تواضروس يلتقي عددًا من طلبة وخريجي الجامعة الألمانية    «البوابة» تكشف قائمة العلماء الفلسطينيين الذين اغتالتهم إسرائيل مؤخرًا    هاني شاكر يستعد لطرح أغنية "يا ويل حالي"    مفاجأة في عدد أيام عطلة عيد الأضحى المبارك لعام 2024    إبراشية إرموبوليس بطنطا تحتفل بعيد القديس جيورجيوس    دار الإفتاء توضح حكم الرقية بالقرأن الكريم    أستاذ علم الاجتماع تطالب بغلق تطبيقات الألعاب المفتوحة    ب الأسماء.. التشكيل الجديد لمجلس إدارة نادي مجلس الدولة بعد إعلان نتيجة الانتخابات    سعر اليورو اليوم مقابل الجنيه المصري في مختلف البنوك    أكثر من 1300 جنيه تراجعا في سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم السبت 18 مايو 2024    دراسة: استخدامك للهاتف أثناء القيادة يُشير إلى أنك قد تكون مريضًا نفسيًا (تفاصيل)    فيديو.. المفتي: حب الوطن متأصل عن النبي وأمر ثابت في النفس بالفطرة    دعاء آخر ساعة من يوم الجمعة للرزق.. «اللهم ارزقنا حلالا طيبا»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأسطورة.. الذى لا يُنسى
نشر في الأهرام اليومي يوم 17 - 02 - 2017

كان الأستاذ محمد حسنين هيكل رحمه الله على المستوى الإنسانى والمهنى والصحفى أسطورة لا تنسى على مدى التاريخ والزمان، كان قيمة وقامة عالية فى السماء على المستوى المحلى والعالمي. كان رحمه الله رحمة واسعة أسطورة زمانه على مر تاريخه المديد بفكره الثاقب وكفاءته المهنية الواعية واتصالاته العالمية.
..............................................................
تولى مسئولية قيادة جريدة الأهرام فى شباب عمره بعد أن قضى من عمره سنوات ناجحة ومميزة فى جريدة الأخبار ورئاسة مجلة آخر ساعة فى ظل قيادة العملاقين على ومصطفى أمين.
وعندما تولى مسئولية الأهرام العريقة حرص على تجديدها وتحديثها والدخول بها فى معركة سباق صحفى قوى وفعال. اختار مجموعة من خريجى أول دفعة من قسم الصحافة بكلية الآداب جامعة القاهرة. ووضع الخريجين الجدد تحت نظره ومسئوليته ليصنع منهم قوة ضاربة تقود مسيرة الأهرام فى المستقبل إلى جوار الصحفيين كبار السن الذين كانوا يعملون بها من قبل. لم يترك الصحفيين الشبان الجدد فى أيدى القدامى بل حرص على أن يتولى بنفسه تعليمهم وصقلهم واختبار كفاءتهم يوما بعد يوم إلى أن أثبتوا وجودهم ومقدرتهم على العمل الصحفى بكفاءة واقتدار بعدها أمر بتعيينهم. وظل حارسا لهم من أى غدر أو محاولة للنيل منهم من خلال بعض أقرانهم كبار السن الذين ظنوا أن الشباب سيتولون المسئولية نيابة عنهم.
وعلى المستوى المهنى ظل الأستاذ هيكل يدعم الشباب بخبرته وتجاربه وثقافته ويدربهم أحسن تدريب باجتماعه بهم دائما وتوجيهه لهم.
وعلى المستوى الانسانى كان الأستاذ هيكل راعيا لهم ومحققا لطموحهم وأمانيهم إلى أن كبرت بهم الأهرام وتفوقت وتميزت أكثر وأكثر.
ولاننى من الجيل الذى استقبله الأستاذ هيكل فى الأهرام بعد عام واحد من قيادته الأهرام عام 1957 وكانت لى معه مواقف وتجارب انسانية وصحفية ومهنية لا تنسى ابتداء من عام 1958 وهو العام الذى التحقت به تحت التمرين بالأهرام. وكلف الأستاذ هيكل المرحوم الأستاذ ممدوح طه رئيس قسم الأخبار آنذاك بإن يتولى وحدة مسئولية تدريبنا وزملائى الخريجين الجدد من أول دفعة بقسم الصحافة. ووزعنا الأستاذ ممدوح للتدريب العملى فى الوزارات المختلفة والمصالح الحكومية إلى جوار الزملاء القدامي. وكان الأستاذ هيكل يلتقى بنا كل صباح وفى اجتماع اسبوعى ليسمع أفكارنا ويوجهنا دون أن يعد أحد منا بالتعيين إلى أن نثبت كفاءتنا.
ويشاء الله أن تكون كارثة غرف المركب «دندره» فى النيل وعليها 88 مهندسا زراعيا وعائلاتهم هى بداية اثبات كفاءتنا. وصحبنا الأستاذ هيكل يومها وكان يوم جمعة لتغطية الحادث الجلل الذى غرق فيه المركب بركابه وهم فى رحلة نيلية للقناطر الخيرية. وظلت الأهرام لمدة سبعة أيام ومانشيتها الرئيسى عن الحادث بفضل ما كنا نقدمه من أخبار وحكايات ومتابعات للحادث وظروفه وتحقيقاته.
وكان جائزة عملنا واجتهادنا قرار من الأستاذ هيكل بتعييننا جميعا براتب 15 جنيها شهريا أزيد من الراتب الذى كان يتقاضاه خريجو الجامعة فى الحكومة بثلاثة جنيهات. وعلاوة على ذلك أمر بصرف مكافأة عشرين جنيها لكل منها وهدية منه قلم شفرز لكل واحد ومعه كارت منه بالشكر والتقدير.
وبذلك أصبحنا من محررى الأهرام قولا وعملا. وظل الأستاذ رحمة الله عليه يتابعنا ويدفعنا بخبراته ونصائحه الغالية بالدقة فى الخبر والتأكد من المعلومة والصدق فى التناول والحرص على الانفراد وكسب ثقة المصادر.
مواقف لا تنسى
وللأستاذ هيكل معى شخصيا مواقف لا تنسى على الجانب الإنسانى والمهني. فلقد تزوجت بعد أن تم تعيينى وفوجئت به يمنحنى مكافأة منه لزواجي. وعندما رزقنى الله بتوأم وعلم الأستاذ هيكل فوجئت بالأستاذة نوال المحلاوى مديرة مكتبه بإبلاغى أن الأستاذ هيكل قرر صرف مكافأة لى لمساعدتى على ما أصابنى من مفاجأة غير متوقعة. ومواقفه الانسانية معى ومع جميع زملائى لانسى أبدا.
ومواقف الأستاذ هيكل المهنية معى ومع زملائى الشبان لا تنسي. فلقد كان حريصا على أن يتابع أعمالنا ويشجعنا على الانفرادات. وعندما نشرت موضوعا عن تحقيق فى النيابة الادارية عن فساد فى وزارة المواصلات وخسارة مالية ضخمة جراء انشاء كوبرى على النيل للسكك الحديدية ببركة السبع والفشل فى تصميمه مما كلف الدولة آلاف الجنيهات. وكان النشر يوم جمعة، فوجئت بالأستاذ هيكل يستدعينى على عجل ويخبرنى بأن الرئيس جمال عبد الناصر اتصل به وأخبره أن وزير المواصلات الدكتور مصطفى خليل أخبره أن الموضوع غير صحيح. فاستأذنت الأستاذ هيكل أن أذهب إلى مكتبى لأقدم له دليل صحة ما كتبته. والحمد لله كان رئيس نيابة السكة الحديد الأستاذ حسن رسمى قد سمح لى قبل النشر بأخذ ملف التحقيق للحصول على المعلومات منه وإعادته للنيابة، وقد تم النشر قبل إعادته للنيابة. وقدمت الملف للأستاذ هيكل وتأكد من صدق ما نشرته بالأهرام. ويومها طلب منى الأستاذ هيكل أن أتوجه إلى بركة السبع مع مصور لتصوير مشاهد الكوبرى محل التحقيق. وكان وزير المواصلات يومها قد أرسل للأستاذ هيكل خطابا رسميا يفيد تكذيب الموضوع ويؤكد أن الكوبرى سليم ويسير عليه القطار يوميا وأن معلومات الأهرام خاطئة. ولم يكن الوزير يعلم أن الكوبرى الذى يسير عليه القطار غير الكوبرى الذى تم انشاؤه ولم يصلح للاستعمال وأصبح محل التحقيق.
وعندما عدت بالصور والحقائق قرر الأستاذ هيكل بكل شجاعة وموضوعية أن ينشر الصور والحقيقة. وينشر خطاب الوزير بالتكذيب فى برواز وتحت عنوان «أين الحقيقة فى كلام الوزير وما أكدته الصور» واعتقد أن شجاعة الأستاذ هيكل أملت عليه أن يثبت للرئيس عبد الناصر ووزير المواصلات دقة الأهرام ومصداقيته ويدافع عن المحرر الذى نشر الموضوع لصدقه ودقة معلوماته. ويومها كافأنى الأستاذ هيكل حتى أظل مرفوع الرأس والكرامة. وهذا ما كان يفعله الأستاذ هيكل لتشجيع أبنائه من المحررين المجتهدين.
ولم يكن هذا الموقف معى وحدى وإنما تكرر مع الزميل محمود أحمد مندوب الأهرام فى مجلس الشعب، عندما نشر معلومات واخبارا حدثت فى احدى لجان المجلس لم ترض الرئيس السادات عندما كان رئيسا لمجلس الشعب فقرر عدم دخول الزميل محمود أحمد للمجلس. وعندما تحقق الاستاذ هيكل من صحة مانشره الزميل محمود أحمد طلب عدم نشر أى جلسات للمجلس أو اخبار على اساس أنه هو المسئول عن محررى الأهرام ومحاسبتهم اذا ارتكبوا خطئا وليس رئيس المجلس. وعندما اكتشف السادات عدم نشر الاهرام أخبار المجلس اتصل بالاستاذ هيكل يسأل.. فقال له الاستاذ انك منعت مندوب الاهرام من الدخول وانا الذى احاسبه اذا كان قد اخطأ. واعتذر له رئيس المجلس ودعا محمود أحمد الى تغطية نشاط المجلس من جديد وقبل الاستاذ الاعتذار ولن أنسى مادمت حيا موقف الاستاذ هيكل الصحفى والانسانى منى يوم ان سافرت مع الرئيس السادات بدلا من الزميل عدلى جلال محرر شئون رئاسة الجمهورية الذى سافر الى المانيا فى بعثة دراسيه واختارنى الاستاذ هيكل لأحل محله فى تغطية اخبار رئاسة الجمهورية. وكان أول عمل لى فى رئاسة الجمهورية بعد سفر الاستاذ عدلى جلال هو تغطية اجتماعات دول ميثاق طرابلس بحضور الرئيس الاسد والرئيس القذافى والرئيس نميري.
وابلغنى الاستاذ ممدوح طه بأن اتولى تغطية الرئاسة لسفر عدلى جلال. وكنت صباح يومها فى ابريل عام 1971 قد توجهت فى الصباح الباكر الى مستشفى فى الدقى مع زوجتى سوسن الحناوى وابنى محمد لاجراء عملية لوز له. وتركت ابنى مع زوجتى فى المستشفى لألحق باجتماع قسم الاخبار الساعة 11 واعود اليهم بعد الاجتماع مباشرة. وفى الاجتماع فوجئت بالاستاذ ممدوح طه يخبرنى بأن عدلى جلال سافر الى المانيا وان على أن اتابع نشاط رئيس الجمهورية واجتماعه مع الرؤساء الثلاثة. ولم أشأ ان اعتذر للاستاذ ممدوح لإن ابنى فى المستشفى ولان الاستاذ عدلى جلال سافر دون ان يعرفنى على أى مسئول بالرياسة أو حتى زملائى مندوبى الجرائد والوكالات قبل سفره. وتوكلت على الله وتركت ابنى وأمه فى رعاية الله وأمنه. وتوجهت لتغطية نشاط الرئيس وكان فى فندق شبرد فى الدقى وقابلت الاستاذ حسنى الحديدى مسئول الاعلام بالرئاسة وقتها.
واخبرنى بأن الرؤساء الثلاثة فى اجتماع وكل ما كان يشغلنى وقتها الخوف من الفشل فى أول مهمة أكلف بها فى رئاسة الجمهورية وخصوصا اننى لم أتعرف على أى زميل من مندوبى الرئاسة فى الصحف الاخرى أو الوكالات.
ولان الله مع كل مجتهد واصلت العمل ويومها وفجأة أخبرنى الاستاذ حسنى الحديدى ان الرئيس السادات ومعه الرئيس حافظ الاسد والرئيس معمر القذافى سيغادرون القاهرة الى مكان غير معلوم للصحفيين الساعة 5 مساء نفس اليوم وان الرئيس نميرى سيغادر الى السودان ولن يصحبهم وان مهمة الرؤساء الثلاثة سريعة وعلى ان اتوجه الى مطار شرق القاهرة الساعة الرابعة والنصف مساء للسفر معهم.
وابلغت الاستاذ ممدوح طه بذلك فسألنى عن الزميل زكريا نيل فأخبرته اننى لم أره. فقال لى اخبرهم باسمك انت وتولى هذه المسئولية. وبعد لحظات ظهر زكريا نيل فأخبرته بما حدث فقال لى سافر أنت معهم ياشاطر.
والمثير اننى لم أكن أحمل مع بسبورا لأن البسبور كان فى ادارة التمويل لرد بدل سفر كنت قد صرفته لمهمة لم اسافر لها. ولم يكن معى نقود سوى 125 قرشا لأننى كنت قد دفعت تكاليف اجراء العملية لابنى قبل ان اتركه فى المستشفى مع والدته. وتوكلت على الله وذهبت الى مطار شرق القاهرة وهناك علمت ان الرؤساء سيغادرون من مطار القاهرة الدولى وتوجهت الى مطار القاهرة ودخلت قاعة الرياسة بالمطار ولأن اسمى كان قد ابلغ لهم سمحوا لى بالدخول بالبطاقة الشخصية وانتظار إقلاع الطائرة عند وصول الرؤساء ونودى على الصحفيين لركوب الطائرة وأنا بينهم دون ان نعلم الى اين نحن والرؤساء ذاهبون.. وبعد ساعة من اقلاع الطائرة هبطت فى مطار يسمى «بنينه» وتبين انه فى بنى غازى بليبيا. ونزلنا مع الرؤساء الثلاثة الى قصر الضيافة وهناك بدأ على الفور اجتماع الرؤساء والمرافقين وقال الاجتماع حتى بعد منتصف الليل دون ان يعلم أحد منا مايحدث فى الاجتماع. وفوجئنا بالاستاذ رءوف أسعد امبن رئاسة الجمهورية يبلغنا بالذهاب الى الفندق للمبيت، ولإننى لم يكن فى جيبى سوى 125 قرشا وزملائى الصحفيين لم يكن معهم عملة ليبية، فقد قررت الرئاسة منح كل واحد منا سلفة 6 دينارات ليبية نردهم للرئاسة بعد عودتنا للقاهرة وذهبنا للفندق للمبيت وفى اليوم التالى الذى لم يكن فى الحسبان توجهنا الى قصر الضيافة فى بنى غازى لمتابعة اجتماعات الرؤساء مع وفود كل دولة وكان مع الرئيس السادات كل من على صبرى وحسين الشافعى اعضاء اللجنة التنفيذية العليا. وانتظرنا نحن الصحفيين فى غرفة استقبال قصر الضايفة لمعرفة نتائج الاجتماع ومضمونه وفى الخامسة مساء تم ابلاغ الصحفيين المصريين بالتوجه الى المطار وعدم انتظار المؤتمر الصحفى الذى سيعقده الرؤساء وان الرئيس السادات سيبلغ الصحفيين المصريين بما تم فى الاجتماعات على الطائرة وغادرنا قصر الضيافة الى المطار وركبنا الطائرة فى انتظار وصول الرئيس وطال الانتظار حتى الثانية عشرة مساء دون وصول الرئيس ولكن نظن ان الطائرة بها عطل ويتم اصلاحنا الا اننى فوجئنا بمن يطلب توجهها مرة اخرى الى قصر الضيافة .
وعندما وصلنا إلى القصر علمنا ان الرؤساء عقدوا مؤتمرا صحفيا تحدثوا فيه عن الوحدة العربية دون اى تفاصيل ثم عادوا مرة اخرى للاجتماع وطلبوا عدم اذاعة المؤتمر .
وسألت الصحفيين الليبيين والسوريين عما اذيع فى المؤتمر الصحفى وعلمت انه لم يتعد الكلا م عن اهمية الوحدة والتضامن العربى .
الأستاذ يعرف التفاصيل
والحقيقة اننى من يوم وصولنا الى ليبيا وانا اجاهد لمعرفة سبب اللقاء الثلاثى وكنت التقى أعضاء الوفد المصرى وآخذ منهم معلومة ثم التقى أعضاء الوفد السورى واعضاء الوفد الليبى وأجمع المعلومات الى ان وصلت بفضل الله والاصرار إلى معرفة كل شيء حتى لااتخلف عن زملائى الصحفيين الذين كنت اخشى انفرادهم بشيء لااعلمه فأصبح أضحوكه بينهم ويفقد الاهرام ثقته بى من أول يوم ذهبت لتغطية نشاط الرئاسة. وكان من المقرر ان نعود الى القاهرة فى نفس اليوم الا ان الاجتماعات استمرت ليومين وعلمت ان هناك اتفاقا يحاول ان يتم لانشاء اتحاد للجمهوريات العربية الثلاثة مصر وليبيا وسوريا، وان سبب التأخير فى اعلان اتحاد الجمهوريات العربية هو اصرار على صبرى على عدم التوقيع على الاتحاد الا بعد العرض على اللجنة التنفيذية العليا بالقاهرة والسادات يوافق على التوقيع وحسين الشافعى يؤيده لذلك لم يعلن الاتحاد فى المؤتمر الصحفى الذى عقد ثم عاد الرؤساء الى الاجتماع مرة اخرى بعدأن الغوا سفرهم والغوا ماأذيع عن المؤتمر الصحفى وطلبوا عودة الصحفيين المصريين من الطائرة ودخلوا فى اجتماع جديد وطلبوا حضور المصورون الصحفيين وعندما وصلنا الى قاعة الصياغة ودخل المصورون نظرت من ثقب الباب فرأيت الرؤساء الثلاثة يرفعون ايديهم وكاميرات التصوير تلاحقهم .
وكنت صباح يومها قد ابلغت الزميل محمود عطا الله بمكتب الاستاذ هيكل فى السابعة صباحا بكل تفاصيل ماعلمته وتأكدت منه من خلال متابعتى ولقاءاتى بوفود الدول الثلاث وطلبت منه اذا لم نعد للقاهرة فى نفس اليوم ان يطلبنى قبل النشر لتأكيد الموضوع وتوقيع اتفاق اتحاد الجمهوريات العربية من عدمه ، وعندما كنت املى زميلى محمود عطا الله تفاصيل الموضوع كان فى حجرة التليفون اثنان من الشخصيات الليبية احدهم يرتدى بدلة والآخر يرتدى افرولا .
وبعد لحظات دخل الزميل عاطف ابوالليل مدير مكتب وكالة انباء الشرق الاوسط فى ليبيا وطلب الوكالة فى القاهرة واملاها بعض المعلومات غير ماقمت بابلاغه للاهرام،وفجأة قال الذى يرتدى البدلة للذى يرتدى الافرول كيف يعلم الصحفيون المصريون معلومات لانعلمها،ولان عاطف ابوالليل يعرف المتحدث قال له، غريبه ان ينقلب العجز الليبى الى شكوى ،وتكهرب الموقف فصاحب البدله،كان مدير الوكاله الليبية وصاحب الافرول هو الرائد الريفى عضو مجلس قيادة الثورة الليبى ، الذى سارع بابلاغ الرئيس انور السادات بأن الصحفيين المصريين يقولون اخبارا لم تعلن فى التليفون فأمر الرئيس السادات بعدم اعطاء الصحفيين المصريين مكالمات للقاهرة.
ومرت الساعات بطيئةالى ان شاهدت الرؤساء الثلاثة تحت عدسات المصوريين يرفعون ايديهم،وساعتها فوجئت بمن يخبرنى بأن الاهرام على التليفون ونزلت مهرولا على التليفون فى الدور الارضى فوجئت بالاستاذ كمال نجيب يسألنى عن الاخبار فأخبرته انه تم توقيع الاتفاق الذى امليته اتفاق اتحادالجمهوريات العربيةوقال لى كيف علمت بأنه تم التوقيع فقلت له رأيت المصورين يصورون الرؤساء رافعى ايديهم فقال تأكد ياأستاذ قد يكونوا قد اتفقوا ولكن لم يوقعوا فتركت الخط التليفونى مفتوحا واسرعت الى الصعود للتأكد فقابلتى احد المصوريين وسألته هل صور التوقيع ام مجرد رفع الايدى بالمواقع فأخبرنى انه صور التوقيع وعدت الى الاستاذ كمال نجيب اخبره بما قاله لى لمصور فقال لى انشر هذا الكلام على لسان مين؟ لابد من تصريح مسئول فطلبت منه الانتظار على التليفون واسرعت مهرولا الى القاعة ودفعت الباب بشدة فظن الحارث اننى احد المسئولين، ودخلت الى القاعة واتجهت الى الرئيس السادات وقلت له بكل سذاجه الاهرام على التليفون تحب سيادتكم اقول ايه فنظر الى الرئيس السادات قائلا «متقولش» حاجة وقال بكره الساعة 7 مساء سيذاع بيان فى الدول الثلاث عما توصلنا اليه. وعندما عدت الى سؤاله هل سيذاع البيان بأصوات الرؤساء أم ماذا..رد الرئيس القذافى من حكا بكره اسمع التليفزيون لتعلم ماكان بأصواتنا ام لا فضجت القاعة بالضحك لما قاله القذافى وساعتها سمعت هدير وصول الصحفيين الآخرين الذين احتجوا على دخول مندوب الاهرام فسمح لهم بالدخول للقاعة. وعندما رأيت هجومهم على القاعة.
طلبت من الرئيس أن يتم أخذه مع الرؤساء والصحفيين ووافق الرؤساء. وعندما التقط الزميل مصور الأهرام اميل كرم صورة لى أمام الرئيس السادات تسللت بسرعة إلى غرفة التليفون وابلغت الأستاذ كمال نجيب بكل ما حدث. وبعد أن اغلق الخط وقبل بأن اضع السماعة فوجئت بالأستاذ فتحى الديب وزير شئون ميثاق طرابلس يخبرنى قبل أن اضع السماعة أنه بأمر الرئيس السادات لا أقول شيئا للأهرام وأن الرئيس طلب منه ملاحقتي. وكان الخط قد ضاع فقلت يا أستاذ كمال بأمر الرئيس السادات لا ينشر شىء. وقلت للوزير الديب إننى قد ابلغت كمال نجيب وبعدها قال لى فتحى الدين أنه لو نشر شئ قبل بيان الرؤساء ستكون هناك مشكلة وعلمت أنه أراد أن يخلى مسئوليته فقط عن تسرب أى خبر عن الاتفاق.
مواقف لا تُنسى
وفى صباح اليوم التالى توجهت للمطار ومعى الزميل اميل كرم المصور استعدادا للسفر مع الرئيس السادات والأسد للقاهرة فى طريقه إلى دمشق. وفى المطار فوجئت بالرائد الخروبى عضو مجلس قيادة الثورة يسأل عن مندوب الأهرام بعد أن أخبره أحد المسئولين اللبيين أن جميع وكالات الانباء نشرت خبر توقيع الاتفاق. وعندما قلت له إننى مندوب الأهرام قال لى يا أخ سامى مش الرئيس السادات قال لك «مقولش حاجة». قلت له إننى فقط ابلغت الأستاذ هيكل بما حدث ولست أنا صاحب قرار النشر. وعندما سمع اسم الأستاذ هيكل قال لى ولماذا لم يحضر الأستاذ قلت له أنه ارسلنى مندوبا له. فقال تحياتى وتقديرى للأستاذ هيكل وابلغه بذلك وطلب منى ان ارسل صورة مع الأستاذ هيكل فى آخر مقابلة له معه. واخبره اميل كرم بإنه سيرسل هذه الصورة بمجرد وصوله للقاهرة. وبعد ان كان الموقف متكهربا ومطلوب القبض على فى ليبيا. رحب بى الخروبى وقال لا تنس أن تبلغ سلامى للأستاذ هيكل ووجدت ان هناك فرصة لمعرفة لماذا طالت الاجتماعات التى كنا نتوقع انتهاءها فى نفس اليوم، فحكى الخروبى لى كل ما دار فى الاجتماعات وكل المواقف التى عطلت الاتفاق وقال لا تنشر شيئا على لسانى ووعدته بذلك.
وعدت إلى القاهرة وأنا مرعوب من عدم تنفيذ طلب الرئيس السادات بعدم ابلاغ الأهرام بشىء. وعندما دخلت الأهرام فوجئت بالزملاء وكل العاملين يرحبون بى ترحيبا شديدا ويقولون لى إن الأهرام انفرد بخبر عالمى عن باقى الصحف.
وطلب منى الدكتور عبد الملك عودة بعد أن هنأنى بالانفراد أن أذهب للمنزل للاستراحة بعد أن شعر بارهاقى الشديد وقال لى إن الأستاذ هيكل لن يحضر اجتماع الساعة الخامسة لأن الرئيس السادات استدعاه. وهنا توجست شرا فقلت للدكتور عبد الملك لن اغادر الأهرام إلا بعد لقائى بالأستاذ هيكل خشية أن يقبض على فى منزلي. وطلبت من أحد الزملاء أن أمليه تفاصيل ما جرى فى المحادثات على ضوء ما أخبرته به الرائد الخروبى وبعدها علمت ان الرئيس السادات استدعى الأستاذ هيكل لكتابة البيان الذى سيلقيه فى التليفزيون عن توقيع اتفاق اتحاد الجمهوريات العربية. وعندما رآنى الأستاذ هيكل أخذنى بالحضن وقال لى إما أن تكون الآن فى السجن، وإما أن تحصل على أكبر مكافأة حصل عليها صحفى حتى الآن وقال للأستاذ عبد الملك عودة اصرف لسامى متولى 500 جنيه فورا مكافأة له على جهده وانفراده العالمى بخبر لم يسبق ان علمت به من قبل. وقال لى كل ما جاء فى الخبر صحيح مائة بالمائة ومطابقا للحقيقة.
واعتقد أن هذا الانفراد كان أحد أسباب ثورة التصحيح فى مايو بعد ان قام على صبرى بتحريض اعضاء اللجنة المركزية ضد السادات وقام وزير الاعلام ووزير الحربية واعضاء اللجنة التنفيذية بتقديم استقالتهم وامر السادات بمحاكمتهم.
وهكذا كان الأستاذ هيكل دائما مشجعا لابنائه الصحفيين وداعما لكل جهد يبذلونه من أجل ريادة الأهرام وتفوقه وظل الأستاذ هيكل رحمه الله رحمة واسعة سابقا لعصر فى التحليل الدقيق والجهد الصادق فى متابعة الاحداث داخليا وعربيا وعالميا. وعاش حبيبا وصديقا لكل ابناء المهنة واشاد العالم كله بكفاءته وقدرته على التحليل والتوثيق الدقيق لكل الاحداث ولم يبخل على الأهرام طوال حياته حتى بعد أن تركنا دون ارادته فى التوجيه والتشجيع ليظل خفاقا وعاليا حتى قبل وفاته. رحم الله الأستاذ هيكل وأدخله فسيح جناته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.