مصر هى قلب الأمة العربية، وهى الكبيرة التى يعمل الكل لها الحساب، حتى ولو بعدوا عنها أو جرحوها، لأنهم فى الآخر سيعرفون قدرها وحجمها. افتخر بأننى مصرى تربى فى حضن ذلك البلد الذى لا تلين إرادته، ولا تنكسر شوكته، ولاتنحنى جبهة شعبه إلا لله الواحد القهار، دولة لا يمكن لأحد أن يلوى ذراعها، أو يفرض إرادته عليها، وعندما تتصدى للقضايا القومية تتصدى بضمير الوطنية النابع من داخلها. كلمات الرئيس عبد الفتاح السيسى أمام القمة العربية فى بغداد كانت حاسمة فى موقف مصر التى لا تفرط ولا تتخاذل ولا تهادن ولاتتميع مواقفها، قالها الرئيس بكل الوضوح والصراحة للدنيا كلها وقادتها وعلى رأسهم الرئيس الأمريكى ترامب نفسه، ولكل زعماء ودول العالم، لا سلام فى المنطقة دون قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، حتى ولو طبَّعت كل الدول العربية مع إسرائيل، أو أقامت علاقات معها، وقال الرئيس إن العدوان على غزة هو تحدٍ سافر لكل الأعراف والقوانين الدولية، وأن آلة الحرب العدوانية الإسرائيلية لم تترك حجراً على حجر، واغتالت الأطفال والنساء بلا رحمة. ولأن مصر تدرك أن أمريكا يجب أن تلعب الدور الرئيسى الذى عليها أن تتحمله فى وقف الحرب الإبادية التى تنتهجها إسرائيل للقضاء على الشعب الفلسطينى، بتجويعه وتدمير كل شيء على أرضه، فقد طالب الرئيس السيسى الرئيس ترامب بضرورة رعاية عملية جادة للتوصل إلى تسوية نهائية وسلام دائم بالمنطقة، يتبنى حل الدولتين، لأن ذلك هو السبيل الوحيد للخروج من دوامة العنف والعدوان، وإنقاذ الأبرياء من المجازر الوحشية، وإذا كان إعلان بغداد النهائى قد نص على مركزية القضية الفلسطينية، وطالب بالوقف الفورى للأعمال العدائية التى تزيد من معاناة المدنيين الأبرياء، فإن الأمر يحتاج إلى وقفة جادة حاسمة بتوحيد المواقف والرؤى العربية، بمواقف صلبة لا تهاون ولا تردد فيها، للوصول إلى الحلول. مصر هى قلب الأمة العربية، وهى الكبيرة التى يعمل الكل لها الحساب، حتى ولو بعدوا عنها أو جرحوها، لأنهم فى الآخر سيعرفون قدرها وحجمها الذى لاتغيره الأزمان والأماكن والزعامات، مصر هى الأم التى تتوجع بأوجاع العرب جميعاً، من غير مصر عاش ويعيش قضية الشعب الفلسطينى منذ النكبة عام 1948، وعلى مدى كل تلك السنوات السالفة قدمت الشهداء، ومن قوت أبنائها الكثير والكثير، ومازالت، وهى التى تبحث عن وقف الصراعات والانقسامات فى ليبيا والسودان ولبنان واليمن والبحر الأحمر، وتحافظ على حقوق كل عربى، لأنها كبيرة لا تلتفت إلى الصغائر. وتخيلوا لولا وقفة مصر بمنع تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، وعدم الدفع بهم إلى سيناء، لاتخذت القضية منحنيات أخرى تنهى وجودها من الأصل، وتقضى على ذلك الشعب الصابر المناضل شعب الجبارين كما وصفهم الرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات، خاصة فى ظل ذلك الاندفاع القوى نحو التطبيع من بعض الدول العربية مع إسرائيل المعتدية، وهى التى تحارب بكل قوة لانفاذ المساعدات لشعب لا يجد ما يقتات به. صوت مصر لا يعرف إلا الحق، ولا ينطق إلا بالعدل الذى يجب أن يسود، ورغم كل الظروف الصعبة القاسية التى تواجهها مصر داخلياً وخارجياً، ولكنها تقف صلبة عصية المراس، تطالب بإعادة إعمار غزة، وإعادة أهلها إلى أراضيهم، وأعلن رئيسها عبد الفتاح السيسى أنها ستدعو إلى مؤتمر دولى لإعادة الإعمار فى مصر بمجرد توقف العمليات العسكرية. وكما قالها إننا نحتاج إلى وقفة موحدة، وإرادة لا تلين، وتلك هى التى تعبر بها الأمة الجسر ما بين اليأس والرجاء.