يرى الشاعر زين العابدين فؤاد أن ما يُثار حاليًا حول قضية إغلاق بيوت الثقافة يكشف بوضوح عن قصور في فكر القائمين على المنظومة الثقافية، مضيفًا: من يرى أن الثقافة سلعة تُباع وتُشترى، ويبرر إغلاق المؤسسات الثقافية بعدم تحقيقها لعائد مادي، فهو لا يفهم طبيعة الثقافة، فالثقافة خدمة مجتمعية أساسية، وليست سلعة خاضعة لمعايير الربح والخسارة، ولو فهمنا هذا جيدًا، لما طُرح خيار إغلاق بيوت الثقافة أصلًا. أما إذا كانت هناك مشكلات تتعلق بفشل بعض المسؤولين أو ضعف الأداء في بعض المواقع، فالحل ليس الإغلاق، بل تغيير هؤلاء المسؤولين والذهاب ميدانيًا إلى تلك الأماكن للتعرف على احتياجاتها الحقيقية، لن يقبل أحد على بيت ثقافة لا يملك رؤية واضحة، ولا يُعلّق عليه الناس آمالًا، لكن حين يُتاح هامش معقول من حرية الإبداع والتعبير والابتكار، فإن هذه البيوت يمكن أن تعود لتكون قلاعًا مضيئة، تمامًا كما كانت في الماضي، لقد كان في كل محافظة مسرح، أما الآن فالوضع مؤسف ومحزن، ما يحدث حاليًا ليس سوى عبث حقيقي، وابتعاد تام عن مفهوم الثقافة، وعجز فادح عن إدارة أبسط الملفات. وجدير بالذكر أن قرارات إغلاق بيوت الثقافة لم تكن مجرد إجراء إداري عابر، بل فجرت عاصفة من التساؤلات والقلق حول مصير الثقافة الجماهيرية، ودور الهيئة العامة لقصور الثقافة في الحفاظ على حق المواطن في المعرفة والفن. ففي الوقت الذي أوضح اللواء خالد اللبان، رئيس الهيئة، في حواره مع جريدة "الأخبار"، أسباب إغلاق بيوت الثقافة، ومعربًا عن التزامه بخطة استراتيجية جديدة، لم تهدأ ساحة الجدل، بل زادت اشتعالًا. فقد اعتبر مثقفون أن الأزمة أعمق من ذلك، وأنها تمس جوهر دورهم في حماية الوعي ومواجهة التهميش الثقافي، خاصة في المناطق الطرفية والقرى، وتعددت الأصوات ما بين من يرى تصريحات اللبان بداية لإصلاح منتظر، ومن يحذر من كونها غطاءً لتقليص الدور التنويري لتلك البيوت.