بغضبٍ لا يخلو من الدهشة، علّق الكاتب والباحث بأكاديمية الفنون د. شوكت المصري على تصريحات رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، فيما يخص إغلاق بيوت الثقافة قائلًا: ما قرأته ليس إلا تفصيلًا موسعًا لما سبق أن أعلنته وزارة الثقافة على نحو مجمل، لكن المؤسف أن هذه التصريحات تعجّ بالمغالطات التي تحتاج إلى تصويب ومراجعة!. يستنكر المصري الحديث عن قانون 10 لسنة 2022 كذريعة ل إغلاق بيوت الثقافة، مؤكدًا أن هذا القانون لا علاقة له ب 90% من البيوت التي طالتها قرارات الغلق. ويتابع: «أما فيما يخص الحماية المدنية، فالإجراءات المطلوبة لبيوت الثقافة والمكتبات أبسط بكثير من تلك المفروضة على القصور، وغالبًا ما تقتصر على طفايات حريق فقط، وهناك خلط واضح ومقلق في التصريحات بين طبيعة كل منشأة، وفيما يتعلق بتبرير إغلاق بيوت الثقافة بسبب كثرة عدد العاملين وارتفاع التكلفة، فيراه المصري ذريعة واهية، ويشير إلى أن الحل الأقرب والأسهل يتمثل في إعادة توزيع العاملين أو نقل الأنشطة إلى خارج تلك المباني، بدلًا من إغلاقها تمامًا. وفي تقييمه للمقارنة بين القوافل الثقافية والمواقع الثابتة، يرفض المصري هذه المقاربة من الأساس: القوافل مؤقتة بطبيعتها، لا تحل محل المواقع، بل تكمّلها، وتكلفتها – من صيانة وسولار ومكافآت – قد تتجاوز أحيانًا نفقات الماء والكهرباء للمواقع الصغيرة التي تراها الوزارة عبئًا! ويختم المصري تصريحاته بسؤال مفتوح موجّه لرئيس الهيئة: تحدثت عن استراتيجية ذات خمسة أهداف وتشعبات وأوراق عمل، لكننا لم نرَ خطة واضحة أو جدولًا زمنيًا أو آلية تنفيذ حقيقية، لقد تطرقت إلى إمكانية استغلال الإعلانات والساحات، وتحدث عن "مقهى ثقافي" في العلمين ومسرح بالغردقة.. لكن من الذي سيُشغّل هذه الأفكار؟ ومن أين سيأتي الإبداع؟ واختتم بمقولة مستوحاة من أحد أفلام بشير الديك وهي: "لدينا هنا ماضٍ ندافع عنه ومستقبل نحلم ببنائه.. فارفعوا أيديكم عن ماضينا ومستقبلنا." وجدير بالذكر أن قرارات إغلاق بيوت الثقافة لم تكن مجرد إجراء إداري عابر، بل فجرت عاصفة من التساؤلات والقلق حول مصير الثقافة الجماهيرية، ودور الهيئة العامة لقصور الثقافة في الحفاظ على حق المواطن في المعرفة والفن. ففي الوقت الذي أوضح اللواء خالد اللبان، رئيس الهيئة، في حواره مع جريدة "الأخبار"، أسباب إغلاق بيوت الثقافة، ومعربًا عن التزامه بخطة استراتيجية جديدة، لم تهدأ ساحة الجدل، بل زادت اشتعالًا. فقد اعتبر مثقفون أن الأزمة أعمق من ذلك، وأنها تمس جوهر دورهم في حماية الوعي ومواجهة التهميش الثقافي، خاصة في المناطق الطرفية والقرى، وتعددت الأصوات ما بين من يرى تصريحات اللبان بداية لإصلاح منتظر، ومن يحذر من كونها غطاءً لتقليص الدور التنويري لتلك البيوت.