جرافات عملاقة ومُعدات ثقيلة تنحت الجبال والهضاب، لترسم مسارات جديدة، ضمن خارطة التنمية، التى تنفذها وزارة النقل.. الخط الأول للقطار الكهربائى السريع «السخنة - مطروح»، ليس مشروعًا لنقل الركاب فقط، وإنما ممر استراتيجى للتنمية وقناة سويس برية تربط بين البحرين الأحمر والمتوسط كشريان على قضبان سكك حديدية لربط الموانئ البحرية والبرية والمناطق اللوجيستية بالمدن الصناعية والزراعية والثقافية والسياحية.. معركة حقيقية للتنمية تخوضها وزارة النقل بتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى، للانطلاق نحو المستقبل، وتحت قيادة الفريق مهندس كامل الوزير، نائب رئيس الوزراء، وزير الصناعة والنقل.. معركة مع الزمن والطبيعة، عنوانها: «التنمية لاتعرف المستحيل». الخط الأخضر، الخط الأول لمنظومة القطار الكهربائى السريع، والذى يربط بين « السخنة _ العلمين _ مطروح» بطول 660 كيلومترًا، يضم 21 محطة، أبرزها «العين السخنة العاصمة الإدارية حدائق أكتوبر وادى النطرون الإسكندرية العلمين رأس الحكمة مطروح»، ويُعد ذلك الخط قناة سويس جديدة، ولكنها على قضبان كهربائية، حيث يربط بين البحر الأحمر من منطقة العين السخنة، والبحر المتوسط فى الإسكندرية والعلمين وحتى مطروح، وبذلك يتم ربط الموانئ فى تلك المدن مع بعضها البعض بخط لنقل الركاب والبضائع. قامت «الأخبار» برحلة لاستكشاف قصة الإنجاز بالخط الأول للقطار السريع، ونأخذكم معنا فى جولة خاصة خلف الكواليس.. لنكتشف معًا قصص الجبال التى تهاوت والجسور التى ارتفعت وسط الصحراء لترسم مسار القطار.. مهندسون وعمال حملوا فوق أكتافهم الحلم حتى صار واقعًا يتحقق على الأرض، يعملون فى صمت الصحراء وضجيج المُعدات بعيدًا عن الأعين، ليحققوا إنجازًا جديدًا ينقل مصر إلى عصر جديد من وسائل النقل الخضراء الصديقة للبيئة، مع كل ضربة فأس أو تفجير صخري، يُفتح شريان جديد فى قلب الصحراء لندخل عصر القطارات الكهربائية السريعة. فى الساعة 10 صباحًا انطلقنا فى رحلتنا من محطة العاصمة المركزية بالعاصمة الإدارية الجديدة، وهى محطة عملاقة تبادلية مع القطار الكهربائى الخفيفLRT، حيث تبلغ مساحتها مليونًا و200 ألف متر مسطح، تضم مناطق انتظار السيارات والمناطق التجارية، وتشمل المحطة مولًا تجاريًا على مساحة 70 ألف متر مربع. اصطحبنا المهندس جوزيف عادل، المسئول عن قطاع العاصمة المركزية بالهيئة القومية للأنفاق، فى جولتنا ليشرح تفاصيل المحطة العملاقة، فعند دخول مبنى المحطة، يستقبلك مكتب استعلامات بتصميم مُستوحى من الطراز الفرعوني، رمزًا للاعتزاز بالهوية المصرية، وتحتوى محطة العاصمة على محطتين رئيسيتين متصلتين، واحدة للقطار الخفيف LRT، والأخرى للقطار السريع بمساحة 45 ألف متر مسطح، والذى يتكون من مبنيين شمالى وجنوبي، يبدآن ببدروم ثم دور أول بمساحة 13.500 متر مربع، يضم مكاتب التذاكر والاستعلامات، وبوابات الدخول للأرصفة، ومحال وكافيهات لخدمة الركاب، وفى الدور الأول، خُصصت المساحات للإدارة ومناطق الانتظار. اقرأ أيضًا | تطبيق منظومة التأمين الصحى الشامل بأسوان أول يوليو بمجرد عبور المكان المخصص للبوابات الإلكترونية الخاصة بالأرصفة، تجد مُعدات تركيب القضبان وجرارات الاختبار تعمل كخلية نحل، فالمسافة بين المبنيين الشمالى والجنوبى للمحطة، 70 مترًا تصم 4 أرصفة تخدم 6 مسارات للسكة الحديد فى الاتجاهين لتكون مُجهزة لحركة القطارات السريع والإقليمية بشكلٍ متوازٍ داخل المحطة، وتعلو الأرصفة 5 كبار للمشاة منها 2 كوبرى فى بداية ونهاية المحطة للطوارئ، وتبلغ القدرة الاستيعابية للمحطة أكثر من 80 ألف راكب يوميًا، ووصلت نسبة التنفيذ إلى 68%، وتخدم محطة العاصمة بصفة أساسية العاصمة الإدارية الجديدة والمدينة الرياضية وجميع المدن الجديدة بشرق القاهرة. استكملنا رحلتنا بواسطة عربات الدفع الرباعى للمحطة التالية عبر تضاريس صعبة وجبال تهاوت أمام إرادة المصريين، ووصلت نسبة النسف والحفر بارتفاع تجاوز 50 مترًا فى قلب الجبال، لتشكل المساطب على حافتى الجبال لوحة صخرية جميلة تكشف طبقاتها حجم الإنجاز والتحدي.. وصلنا محطتنا التالية وهى محطة محمد نجيب، حيث يستقبلك العمال والمهندسون الذين يضعون اللمسات النهائية على المحطة التى تبلغ مساحتها 155 ألف متر مسطح، وتضم مبنيين شمالى وجنوبى ورصيفين ب 4 سكك حديدية، وتستطيع المحطة أن تستقبل 7500 راكب يوميًا «ذهابًا وإيابًا»، والتى تخدم مناطق القطامية والقاهرة الجديدة والمناطق العمرانية الجديدة جنوب طريق العين السخنة، وميناء شق التعبان الجاف، وتربط بمحاور محمد نجيب وطلعت حرب والدائرى الأوسطي. انطلقنا بعد ذلك نحو واحد من أصعب وأكبر الأعمال الصناعية، التى يتم تنفيذها ضمن مسار الخط الأول للقطار السريع، وهو كوبرى «خور مايو» والذى تقف أمامة مذهولًا من ارتفاعه الذى يصل إلى 80 مترًا، وأسفله الأوناش والمُعدات التى كُنت تظن أنها عملاقة كأنها أقزام صغيرة أسفل الوادى العميق، ويدخل إلى قلبك الفخر بأن ذلك الإنجاز يتحقق بأيدٍ مصرية خالصة من شركة وطنية تحت إشراف هيئة الطرق والكباري. ويقع الكوبرى فى منطقة خور مايو بالقُرب من حلوان، ويربط بين ضفتى جبلين يفصل بينهما مجرى سيل رئيسى تعرف باسم «قناطر مايو»، وهو ما تطلب حلولًا هندسية متقدمة لضمان استمرارية وسرعة التشغيل، ويبلغ ارتفاع الكوبرى 80 مترًا فى محورين، مما يجعله الأعلى فى مصر بطول 550 مترًا وعرض 14 مترًا، مرتكزًا على أعمدة خرسانية متدرجة تتناسب مع تضاريس الجبلين، ويتم تنفيذ الكوبرى باستخدام نظام العربات المتحركة» (Cantilever Carriage). انتهينا من مشاهدة الإنجاز، الذى يتم فى خور مايو، وانطلقنا مرة أخرى بسيارات الدفع الرباعي، لنشاهد أحد أبرز المشروعات الهندسية ضمن الخط الأول، وهو كوبرى مسار النيل بمنطقة حلوان، وصلنا إلى جزيرة كفر العلو وصعدنا بالسيارات على متن «عبارة» نعبر على متنها إلى الضفة الأخرى من نهر النيل لنشاهد تفاصيل كوبرى مسار النيل الذى يقع جنوب حلوان بمنطقة كفر العلو، ويُعتبر أول جسر للقطار الكهربائى السريع يعبر نهر النيل فى مصر، ويربط بين ضفتى النهر بين منطقتى كفر العلو والمرازيق، مما يعزز من كفاءة النقل ويسهم فى التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ويبلغ الطول الإجمالى للكوبرى حوالى 2.52 كم، مما يجعله من أطول الكبارى التى تنفذها وزارة النقل ضمن مشروع القطار السريع، ويُنفذ باستخدام نظام العربات المتحركة، وهو أسلوب هندسى متقدم يسمح ببناء الجسر دون الحاجة إلى دعامات مؤقتة فى مجرى النهر، مما يقلل من التأثير البيئى ويسهم فى تسريع عملية التنفيذ. دقت الساعة ال 5 عصرًا، لتنتهى معها رحلتنا لاكتشاف جزء صغير من حجم الإنجاز الذى يتحقق. الخط الأزرق انتهت الجولة ولكن لم ينته التحدى ولم يتوقف العمل لتنفيذ ذلك المشروع المهم، فالخط الأول بطول 660 كم، ما هو إلا مجرد جزء من منظومة متكاملة للقطار السريع تتكون من 3 خطوط بإجمالى 2000 كم، فهناك الخط الأزرق، وهو الخط الثانى للمشروع وتنفذه حاليًا وزارة النقل، ويربط حدائق أكتوبر بالتبادل مع الخط الأول وحتى أبو سمبل بطول 1100 كيلومتر، ويُعد هذا الخط ممرًا كهربائيًا للتنمية، ويتطابق مع مخطط «ممر التنمية» الذى اقترحه العالم المصرى فاروق الباز، والذى يهدف إلى تحقيق تنمية زراعية وعمرانية من خلال زراعة مليون فدان، واستيعاب 20 مليون مواطن على مسار تنموى بطول 1200 كم من الإسكندرية وحتى توشكى، ويساهم فى ربط المناطق الصناعية بالموانئ البحرية وربط مناطق التنمية الزراعية الحديثة بمناطق الاستهلاك وموانئ التصدير، إضافة إلى الربط بين المناطق السياحية مثل سياحة الغوص والشواطئ بالغردقة - السياحة الثقافية فى كل من أهرامات الجيزة _ أبيدوس بسوهاج _ الأقصر _ أسوان _ أبو سمبل - والسياحة الدينية بدير المحرق بأسيوط «، ما يتيح تنوع البرامج السياحية للسائح فى الرحلة الواحدة بالتكامل مع الخط الثالث، وهنا يأتى الخط الأحمر. الخط الأحمر الخط الأحمر، هو الخط الثالث للمشروع «قنا-سفاجا» بطول 225 كيلومترًا، حيث يرتبط مع الخط الثانى فى محطة تبادلية بمدينة قنا على نهر النيل مع ساحل البحر الأحمر، بهدف التكامل للوصول إلى ميناء سفاجا والمدن السياحية الغردقة وسهل حشيش، بالإضافة إلى أهمية كبرى فى نقل البضائع، وتحقق منظومة التكامل مع المطارات والموانئ البحرية والطرق البرية لتحقيق مفهوم النقل متعدد الوسائط، والربط بين الموانئ البحرية والموانئ الجافة والمراكز اللوجيستية، وخدمة أهداف التنمية العمرانية المستدامة وإعادة توزيع السكان وخلق محاور تنمية جديدة. الفريق كامل الوزير: ملحمة عظيمة على أرض مصر أكد الفريق مهندس كامل الوزير، نائب رئيس الوزراء، وزير الصناعة والنقل، أن أعمال تنفيذ شبكة القطار الكهربائى السريع، تجسد ملحمة عظيمة يتم تنفيذها على أرض مصر، وأنها تربط كافة أنحاء الجمهورية ببعضها. وأضاف أنه بتنفيذ الخط الأول من الشبكة، يكون قد تحقق الربط بين البحرين الأحمر والمتوسط بريًا ليكون بمثابة قناة سويس جديدة على قضبان. وأوضح أن هذه الشبكة ستغطى أنحاء الجمهورية، بجانب كونها شرايين تنمية فإنها ستخدم المناطق العمرانية والصناعية الجديدة والقائمة، مثل المناطق الصناعية فى (حلوان و15 مايو وبرج العرب والسادس من أكتوبر والمنيا الجديدة وأسيوط الجديدة وغيرها)، وكذلك خدمة المناطق السياحية بكافة أنواعها كما فى (الجيزة وسوهاج والأقصروأسوان وأبو سمبل والبحر الأحمر وغيرها)، كذلك خدمة المناطق الزراعية الجديدة سواء فى الدلتا الجديدة أو مستقبل مصر أو جنة مصر وغرب المنيا وتوشكى وشرق العوينات، وأيضًا المساهمة فى خلق محاور لوجيستية تربط بين البحر الأحمر والبحر المتوسط وشمال وجنوب البلاد وربط المناطق الصناعية (مناطق الإنتاج) بالموانئ البحرية (مراكز التصدير)، وكذا ربط مناطق التنمية الزراعية الحديثة (الدلتا الجديدة-غرب المنيا-توشكى - مستقبل مصر-...) بمناطق الاستهلاك وموانئ التصدير، كما توفر خطوط شبكة القطار الكهربائى السريع الثلاثة، الآلاف من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة. وأشار إلى أنه بخصوص معدل توريد القطارات، فإنه تم وصول القطار «الديزيرو» الأول الذى تم تصنيعه بمصانع سيمنز الألمانية لمصر منذ عدة أشهر، وقد تم الانتهاء من تصنيع 14 قطار (ديزيرو) أخرى، وذلك من إجمالى 34 قطار (ديزيرو) مخصصة للخط، كما تم الانتهاء بشكل كامل من تصنيع 5 قطارات سريعة (فيلارو) من إجمالى 15 قطارًا سريعًا مخصصة للخط ومخطط وصول أول قطار فيلارو إلى مصر أغسطس القادم، بالإضافة إلى الانتهاء من تصنيع الجرارات بالكامل بعدد 14 جرار بضائع. وشدد على أن هناك توجيهات من الرئيس السيسى، بالتوسع فى إنشاء شبكة من وسائل النقل الجماعى الأخضر المستدام صديق البيئة، وبين أن الخط الأول من القطار السريع جزء من تنفيذ ممر «السخنة-الإسكندرية»، اللوجستي، والذى يتكون من «ميناء السخنة - الخط الأول من القطار السريع - الميناء الجاف بالعاشر من رمضان - خط السكة الحديد « الروبيكي-العاشر من رمضان-بلبيس» - ميناء الاسكندرية الكبير». رئيس «القومية للأنفاق»: 65 % نسبة التنفيذ وندرس مد الخط الأول للسويس أكد اللواء د.طارق جويلي، رئيس الهيئة القومية للأنفاق، أن شبكة القطار الكهربائي السريع، تخلق محورًا تنمويًا لوجيستيًا يربط بين البحر الأحمر والبحر المتوسط، وهو يُعد قناة سويس جديدة على قضبان، كما أطلقت عليه شركة «هاتشيسون»، حيث يساهم المشروع في تعزيز إمكانيات مصر كمركز تجاري عالمي ودعم تجارة الترانزيت وربط الموانئ المصرية شرقا وغربا، بهدف الوصول إلى 40 مليون حاوية ترانزيت بحلول عام 2030، لذلك قامت الدولة بتطوير الموانئ كمشروع تطوير ميناء السخنة والإسكندرية وجرجوب. وأضاف أن الشبكة تربط المناطق الصناعية وهي مناطق الإنتاج بالموانئ البحرية وهي مراكز التصدير، بالإضافة لربط مناطق التنمية الزراعية الحديثة مثل الدلتا الجديدة وغرب المنيا وتوشكى ومستقبل بمصر، بمناطق الاستهلاك وموانئ التصدير، والربط بين المناطق السياحية بما يتيح للسائح تنوع البرامج السياحية في رحلة واحدة من رحلات ثقافية وشاطئية ودينية وتاريخية. وأوضح أن القطار الكهربائي السريع يتكامل مع المطارات والموانئ البحرية والطرق البرية لتحقيق مفهوم النقل متعدد الوسائط، والربط بين الموانئ البحرية والموانئ البرية والمناطق اللوجيستية. ولفت إلى أن مسار الخطين «الأول والثاني» من شبكة القطار السريع يتطابق مع مخطط»ممر التنمية»، الذي اقترحه العالم المصري د.فاروق الباز، والذي يهدف إلى تحقيق تنمية زراعية وعمرانية، من خلال زراعة مليون فدان واستيعاب 20 مليون مواطن على مسار تنموي بطول 1200 كم من الإسكندرية وحتى أبوسمبل. وأضاف أنه بخصوص الموقف التنفيذي للخط الأول بطول 660 كم، تم الانتهاء من 80% من تنفيذ أعمال الجسور و57% من الأعمال الصناعية و50% من الأعمال الإنشائية والكهروميكانيكية، و20% من أعمال السكة و14.7 % من تنفيذ الأنظمة و40% من نسبة تصنيع الوحدات المتحركة، وبذلك يكون نسبة التنفيذ الكلية لمشروع الخط الأول 65%، ومن المُتوقع أن يتم تشغيل مرحلة أولى منه تجريبيًا أول العام المقبل، وأشار إلى أنه جارٍ دراسة مد الخط الأول للقطار السريع بطول حوالي 59 كم حتى مدينة السويس، مرورًا بمدينة السويس الجديدة، لخدمة الكثافة السكانية بالمدينة. وأوضح أن شبكة القطار السريع، تتكون من 3 خطوط رئيسية الأول «السخنة -الإسكندرية- العلمين - مطروح» بطول 660 كم، بعدد 21 محطة وورشة رئيسية و3 ورش للعمرة الخفيفة، وسيعمل عليها 15 قطارًا سريعًا و34 قطارًا إقليميًا و15 جرار بضائع، والخط الثاني» أكتوبر- الأقصر - أبوسمبل»، بطول 1100كم، والخط الثالث «قنا - سفاجا- الغردقة»، بطول 175 كم، ويكون عدد القطارات على الشبكة بالكامل بطول 2000 كم 41 قطارًا سريعًا و94 قطارًا إقليميًا و41 جرار بضائع. وأوضح أن الشبكة سيكون بها 8 محطات تبادلية مع وسائل نقل أخرى، مثل العاصمة المركزية مع القطار الخفيف LRT ومحطات الجيزة والعامرية ومطروح وفرشوط بالتبادل مع السكة الحديد، و6 أكتوبر مع المونوريل، ومحطة حدائق أكتوبر التبادلية بين الخطين الأول والثاني للقطار السريع، ومحطة قنا التبادلية بين الثاني والثالث للقطار السريع.