لفترات طويلة ارتبط تطور ونمو الدولة المصرية بعملية تربية واستخدام الخيل؛ فمنذ عهد الدولة الوسطى بمصر القديمة وحتى مطلع القرن العشرين، حملت الخيول على ظهورها قادة مصر وفرسانها سواء كانوا فاتحين أو مدافعين، وكانت الخيول ركيزة للنهضة الاقتصادية فى عصور مختلفة، حيث أسهمت فى أعمال الزراعة والنقل، وتسهيل مهمة الفلاح أثناء حراثة ودراسة أرضه، بالإضافة إلى نقل الغلال لمناطق التشوين وإلى الأسواق، وحتى الموانئ سواء النهرية أو البحرية. تميزت مصر عن باقى دول المنطقة بمحاولاتها التاريخية والمستمرة لحفظ أفضل أنواع الخيول، وهو ما أدى إلى امتلاكها أنقى وأجود سلالات الخيل العربى التى تشتهر عالميا باسم «الخيل المصري»، ليدفع ذلك بدوره كافة مربى الخيول حول العالم إلى طلب الخيول المصرية لاستخدامها فى عملية تحسين نسل السلالات المحلية، حيث توصف الخيول المصرية بإمكاناتها الطبيعية المتعددة، من السرعة وخفة الحركة وقوة التحمل البدنى العالية، وأيضا سهولة التعلم والتكيف مع تعليمات مدربيها، لذلك لم تغب عن رؤية «الجمهورية الجديدة» التي أرسى قواعدها الرئيس عبد الفتاح السيسي الذى يسعى بكل جهد وطاقة من أجل عودة مصر الدولة القوية والمؤثرة فى محيطها الإقليمي والدولي بكافة تفاصيلها سواء كبرت أو صغرت، ومن بينها المحافظة على قيم وثروات مصر المادية والمعنوية وبالطبع من بينها ثروة مصر من «الخيول العربية». ◄ خطوات مهمة اتخذت فى هذا الملف خطوات هامة تمت ترجمتها إلى أفعال حقيقية على أرض الواقع لعل آخرها على الإطلاق هو اجتماع الرئيس عبد الفتاح السيسى مع علاء فاروق، وزير الزراعة واستصلاح الأراضى، والفريق أشرف زاهر، مدير الأكاديمية العسكرية المصرية، والذى تناول فيه مُستجدات المشروع القومى لتطوير محطة «الزهراء» للخيول العربية المصرية الأصيلة بمنطقة عين شمس، التابعة لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، باعتبارها من أشهر مزارع الخيول الأصيلة عالميًا، لما تمتلكه من سلالات عربية نقيّة، كما تناول الاجتماع الإجراءات التنفيذية المتخذة لرفع كفاءة المحطة، بما فى ذلك من خلال الاستعانة بالخبراء والكوادر المتخصصة، وتوظيف أحدث التقنيات والتكنولوجيا المتطورة لضمان أعلى مستويات التطوير. ووفقًا للسفير محمد الشناوى، المُتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية، تناول الاجتماع كذلك الاستعدادات الجارية لنقل الخيول العربية المصرية إلى المقر الجديد لمحطة الزهراء بالعاصمة الإدارية الجديدة، الذى تم إنشاؤه وفقًاً للمعايير العالمية، بقدرة استيعابية حوالى 1000 جواد، بالإضافة إلى مستشفى بيطرى مُتكامل، وذلك بهدف استعادة وتعزيز مكانة محطة الزهراء عالمياً فى مجال تربية الخيول العربية المصرية، وتحسين سلالتها، بما يخدم أغراض البيع والتصدير والمشاركة فى المزادات العالمية والمهرجانات الدولية ذات الصلة. وقد تم التأكيد خلال الاجتماع على أن يتزامن الافتتاح الرسمى للمقر الجديد لمحطة الزهراء بالعاصمة الإدارية الجديدة مع انعقاد المهرجان السنوى لمحطة الزهراء خلال عام 2025، وفى هذا السياق، وجه الرئيس بدراسة رفع كفاءة محطة «الزهراء» بمنطقة عين شمس، بما يسهم فى تعظيم الإرث المصرى العريق فى مجال تربية وإنتاج الخيول الأصيلة، كما وجه سيادته باتخاذ الإجراءات اللازمة، بما فى ذلك استخدام الرقمنة والميكنة وتهيئة الكوادر المتخصصة وتدريبها، لضمان إتمام تجهيزات المقر الجديد لمحطة «الزهراء» بالعاصمة الإدارية الجديدة بالشكل الأمثل، بهدف إنتاج سلالات مميزة من الخيول العربية المصرية التى تحظى بمكانة وسمعة عالمية مرموقة. ◄ قرأ أيضًا | لها شهادات نسب.. كيف تميز الخيول العربية الأصيلة ؟ فيديو ◄ مدينة للخيول الاستعدادات جارية حاليًا لنقل الخيول العربية المصرية إلى المقر الجديد لمحطة الزهراء بالعاصمة الإدارية الجديدة، الذى تم إنشاؤه وفقاً للمعايير العالمية، بقدرة استيعابية حوالى 1000 جواد، بالإضافة إلى مستشفى بيطرى متكامل، وذلك بهدف استعادة وتعزيز مكانة محطة الزهراء عالمياً فى مجال تربية الخيول العربية المصرية، وتحسين سلالتها، بما يخدم أغراض البيع والتصدير والمشاركة فى المزادات العالمية والمهرجانات الدولية ذات الصلة. لم تكن فكرة إنشاء مدينة عالمية جديدة للخيول وليدة اللحظة.. بل كما قلنا هى جزء من أجزاء الجمهورية الجديدة للنهوض بصناعة الخيول وحفاظا على تاريخ الحصان العربى الأصيل وتطوير صناعتها وزيادة استثماراتها، بسبب تأثير الزحف العمرانى على محطة الزهراء للخيول، التى أنشئت كمزرعة ملكية عام1928 على مساحة 74 فدانا وتعرضت خلال العقود الماضية للتآكل فى المساحة نتيجة الزحف العمرانى لمدينة القاهرة، حيث انخفضت المساحة من 74 فدانا إلى أقل من50 فدانا. المسئولون فى وزارة الزراعة أكدوا لنا أن قرار نقل المحطة من مكانها الحالى نظرا لأن الكتلة السكانية أصبحت تحيط بها من كل مكان، وموقعها أصبح لا يتناسب مع الشخصيات العربية الهامة التى تزورها لشراء الخيول العربية الأصيلة، ومدينة الخيول الجديدة ستكون متنفسا لعالم الخيول، وتطابق المعايير الدولية المعنية بجمال الخيول وسلامتها الصحية ورعايتها البيطرية، وتم حاليا مراجعة جميع الأنساب العربية بمحطة الزهراء للخيول لضمان نقاوة جميع شهادات وجوازات النسب للخيول العربية التى تنتجها المحطة، وحاليا توجد شركة تتولى تحديث نظم التنسيب وقواعد البيانات لتكون إلكترونية ومؤمنة ومشفرة، بحيث لا يمكن التلاعب بها بدلا من الانظمة اليدوية السابقة. الرؤية كانت أشمل وأوسع لتطوير الإنتاج والنهوض بثروة تربية الخيل التى تتخطى استثماراتها عالميًا 300 مليار دولار، وفق دراسات عالمية متخصصة، وتشمل خطوط الإنتاج، والتربية، ورعاية الفعاليات الدولية، وبيع وشراء الخيول، والصناعات الغذائية المرتبطة، وصناعات السروج، والمزادات، ومسابقات الجمال، والرياضات المرتبطة بالفروسية وقفز الحواجز، إضافة إلى الصناعات الدوائية، كل هذه أموال تدر فى الصناعة. ◄ صناعة وتجارة يقول سعيد شرباش، رئيس الجمعية التعاونية العامة لتنمية وتربية الخيول، إن تربية الخيول فى مصر صناعة وتجارة تتخطى استثماراتها 10 مليارات جنيه كائنة فى نحو 1750 مزرعة؛ بها أكثر من 33 ألف حصان عربى، ووفق «الكلية البريطانية العربية لدراسات الفروسية» يعد الحصان العربى المصرى من أهم وأقوى سلالات الخيول فى العالم وأغلاها ثمنًا وأجملها على الإطلاق. أضاف، وتعتبر محطة الزهراء للخيول من أقدم وأهم محطات الخيول فى العالم - عمرها 111 عاما - للخيول العربية الأصيلة، وتنظم مهرجانا دوليًا سنويًا للخيول العربية الأصيلة تشارك فيه خيول عربية من مختلف الدول، ويجرى خلاله تنظيم مسابقة لاختيار أجمل الخيل، كما تنظم المحطة مزادين فى العام لبيع الخيول وشرائها، ويقام المهرجان فى الفترة من15 نوفمبر وحتى 18 نوفمبر من كل عام، ويتم الإعلان عن موعد الانطلاق قبل شهر على الأقل حتى يستعد أصحاب الخيول لتقديم الأفضل، مشيرة إلى أنها تحافظ على سلالات الخيول العربية الأصيلة الأم، التى تمتلك 5 أنسال من أهم 5 عائلات للخيول في مصر، منها الصقلان والكحيلان والهدبان والعبيان والأخير هو أشهر وأجمل وأندر وأغلى أنواع الخيول فى العالم مع الصقلاوي، ويرجع كل اسم لهذه الأنواع نسبة إلى القبائل العربية التي اشتهرت بهذه الخيول وكانت هى مصدرها فى العالم بمنطقة الجزيرة العربية، وذلك منذ نحو 4500 عام وانتقلت لمصر مع الفتح الإسلامى والحروب. ◄ مورد للعملة أما الدكتور حاتم ستين، الخبير فى مجال الخيول، رئيس اللجنة البيطرية في اتحاد الفروسية المصري سابقًا، فيقول إن الخيول العربية المصرية الأصيلة تمثل ثروة قومية لمصر، ومن المُمكن أن يتم استخدامها كمورد هام للعملة الصعبة، خصوصًا وأن مصر تمتلك أهم سلالات الخيل النادرة في العالم، بل إن الخيول العربية الأصيلة الموجودة فى أغلب دول العالم خرجت من مصر، علما بأن دول مثل أمريكا وروسيا تتميز بإنتاج هائل من الخيول العربية الأصيلة، ولكن مصر تتميز بإنتاج سلالات مصرية نادرة، على أن الرجوع لتاريخ الخيل العربى الموجود فى الخارج سيعود أصله الى سلالات من محطة الزهراء والتى كان لها أثر إيجابى على الخيول حول العالم، وبسبب هذه المحطة تحسن نسل الكثير من الخيول حول العالم.. حيث كانت تجرى 3 مزادات سنويا لبيع الخيول، المزاد الواحد يدر ملايين الجنيهات، ومصر تشتهر بأهم وأغلى أنواع الخيول العريية الأصيلة، وكذلك أخذت مصر مكانًا مرموقًا على خريطة الخيول العربية الأصيلة فى العالم أضاف، ووصل الأمر إلى أن محطة الزهراء التابعة لوزارة الزراعة تضم أكثر من 500 خيل عربى من أشهر وأمهر الخيول العربية ومن سلالات نادرة. أضاف: ويمكن أن تسهم فى الترويج للسياحة المصرية خصوصا وأن مصر بها أماكن خلابة تصلح لإقامة السباقات العالمية التى يمكن أن تدر ملايين الدولارات من الخيول. وقال إن العديد من دول العالم اتخذت من سباقات الخيل وسيلة لجذب السياح، من شتى البلدان. منوها بأن الخيول العربية الأصيلة ذائعة الصيت فى أغلب دول العالم، ومن أجل كل ما سبق جاء إنشاء مدينة «مرابط مصر للخيول العربية» المدينة الرياضية فى العاصمة الإدارية الجديدة، على مساحة 85 فداناً، كخطوة كبيرة للمستقبل وبشكل عصرى ضمن استراتيجية الدولة للنهوض بتربية الخيول العربية الأصيلة. ستضم مستشفى دوليا لعلاج الخيول وفنادق لإقامتها فى وقت تنظيم المهرجانات الدولية، كذلك فنادق لإقامة الزائرين من المتسابقين والجمهور. ◄ مدارس متخصصة ومن المقرر أن يتضمن التطوير إنشاء أول مدرسة فنية صناعية متطورة للخيول فى الشرق الأوسط، وتضم مدرسة للفروسية وتراكا عالميا، وصالة مغطاة وصالة للمزادات وورشة فنية للخيول، وعيادات خارجية للخيول، ومنطقة حجرية للخيول المعدة للتصدير بالتنسيق مع الهيئة العامة للخدمات البيطرية، والاستفادة من معمل تنسيب الخيول العربية التابع لمعهد بحوث صحة الحيوان، وستضم المدينة منتجعات سياحية فاخرة لمربى الخيول، وستضم معملا دوليا لتنسيب الخيول للحفاظ على السلالات الجيدة، بالإضافة إلى أكاديمية عليا للتدريب على الفروسية وصناعة الخيول بدءا من حدوة الخيول وحتى سروج الخيول، كما ستشمل إنشاء مدرسة فنية بيطرية ضمن التعليم المتوسط بعد الحصول على الشهادة الإعدادية وذلك لاحتياج سوق العمل الخاص بالخيل، على أن تضم المدرسة تخصصات البيطرة والسياس وتدريب الخيول والركوب والترويض، وذلك لنقص هذه العمالة الفنية المدربة المؤهلة والسوق فى حاجة شديدة لمثل هذه الكوادر، كذلك تضم مدرسة للخيول لتخريج مدربين للخيول فى كافة التخصصات المرتبطة بالخيول العربية، تستهدف عمل دورات تدريبية وزيادة الوعى لدى المربين والسياس والعاملين فى مزارع الخيول، مع وجود متخصصين للتدريب على إصلاح السروج والصيانة للمحطة، وكذلك إنشاء مصنع لإنتاج الوقود الحيوى «البيوجاز» لإنتاج الطاقة النظيفة من مخلفات الخيول، بالتنسيق مع أكاديمية البحث العلمى ووزارات التجارة والصناعة والبيئة والإسكان. المدينة مصممة بنظام الباكيات بطاقة استيعابية تصل ل 1100 حصان، وتشمل أول مدرسة فنية متخصصة فى مجال تربية الخيول مجهزة، كما تم تجهيز مبانٍ فندقية مجاورة للمدينة لاستقبال المشاركين فى مسابقات الخيل من الداخل والخارج، وتضم المدينة أماكن مخصصة للفروسية والتراك وتريض الخيول، ومنطقة حجرية للخيول المعدة للتصدير، كما تضم مبنى بيطريا ضخما لعلاج أمراض الخيول مجهزا بأحدث الأجهزة الطبية العالمية، كما يتم إنشاء مكان مخصص لتداول الأدوية البيطرية المعتمدة فى علاج الأمراض التى تصيب الخيول، وكذلك منتجعات سياحية فاخرة لمربى الخيول وترتبط جميع مواقع مدينة الخيول من خلال نظام للنقل الطائر، ومعمل دولى لتنسيب سلالات الخيول للحفاظ عليها، وأكاديمية عليا للتدريب على الفروسية وصناعة الخيول، وتبلغ تكلفة المشروع حوالى 1.5 مليار جنيه تقريبا، ويقع المشروع على مساحة 85 فدانا وذلك ضمن مشروع المدينة الرياضية البالغ مساحتها 1171 فدانا.