لإعادة صدارة مصر عربيّا وعالميّا فى مجال الخيول العربية الأصيلة، تعكف الدولة على الانتهاء من إنشاء أكبر مدينة لتربية الخيول فى الشرق الأوسط «مرابط مصر» بالعاصمة الإدارية؛ للحفاظ على الخيول الأصيلة ذات السلالات العالمية النادرة والقيمة الاقتصادية الكبيرة وتنميتها لتكون مصدرًا للدخل القومى وتنمية الصادرات منها ووضع مصر على خريطة سياحة رياضة الفروسية. استثمارات ضخمة صناعة الخيل تتخطى استثماراتها عالميًا 300 مليار دولار، وفق دراسات عالمية متخصصة، وتشمل خطوط الإنتاج، والتربية، ورعاية الفعاليات الدولية، وبيع وشراء الخيول، والصناعات الغذائية المرتبطة، وصناعات السروج، والمزادات، ومسابقات الجمال، والرياضات المرتبطة بالفروسية وقفز الحواجز، إضافة إلى الصناعات الدوائية، كل هذه أموال تدور فى الصناعة.
وتربية الخيول فى مصر صناعة وتجارة تتخطى استثماراتها 10 مليارات جنيه كائنة فى نحو 1750 مزرعة؛ بها أكثر من 33 ألف حصان عربى. ووفق «الكلية البريطانية العربية لدراسات الفروسية»، يعد الحصان العربى المصرى من أهم وأقوى سلالات الخيول فى العالم وأغلاها ثمنًا وأجملها على الإطلاق. وساهم فتح المسلمين لمصر عام 20 هجرية فى دخول سلالة الخيول العربية شمال إفريقيا، والحصان المصرى له طعام خاص، وبعض الدول تستأجر الخيل المصرى، بسعر يصل إلى مليون دولار سنويًا؛ للحصول على سلالات مستهجنة. مدير محطة الزهراء السابق د.أحمد حامد أكد أن السلالة المصرية من أقيم سلالات الخيل العربى الأصيل، وتحصل على الجوائز المتقدمة على مستوى العالم، ولكل منها شهادة نسَب وثمَن الحصان الواحد ما بين 5 إلى 30 مليون دولار، حسب شكل الحصان وقوته وعنفوانه. بينما قال الدكتور سرحان سليمان الخبير الاقتصادى: إن تنمية هذا القطاع يعنى رعاية الفعاليات الدولية على أرض مصر، ودعم الصناعات البيطرية والدوائية، وتوفير المئات من فرص العمل، ودعم صناعة السروج والمزادات والمسابقات، وأنشطة الفروسية تعنى نشر ثقافة مدارسها المختلفة، وتوفير فرص تدريب للمدربين والخبراء.
وقال سعيد شرباش، سكرتير عام الجمعية التعاونية للخيول: إن مصر تصدر الخيول لدول عربية مثل الكويت والعراق، وموافقة الاتحاد الأوروبى على الاستيراد ستفتح الباب أمام تصديرها إلى جميع الدول الأوروبية، وعودة الريادة العالمية لمصر فى تجارة الخيول العربية الأصيلة، ليصبح حجم الاستثمار فيها نحو 500 مليون دولار؛ حال التوسع فى منظومة التصدير. مردود متنوع «مرابط مصر»، تستهدف الحفاظ على ثروة مصر من الخيول الأصيلة وتنميتها لتكون مصدرًا للدخل القومى ولوضع مصر على خريطة سياحة رياضة الفروسية وذلك لأنها مثار اهتمام أثرى أثرياء العالم. وتحقيق مردود ثقافى وحضارى وسياحى لتكون محطة «الزهراء» العريقة -التابعة لوزارة الزراعة- نواة أساسية ومصدرًا رئيسيًا لدعم المشروع بالسلالات النادرة والمحتويات والوثائق المطلوبة. والمدينة على مساحة 85 فدانًا، وبتكلفة حوالى 1.5 مليار جنيه، بجوار «مدينة مصر الدولية للألعاب الأوليمبية»، ويخدم المنطقة محطة للقطار السريع وأخرى للقطار الخفيف لسهولة الوصول إليها من أى مدينة بمصر. و«مرابط مصر» ثروة اقتصادية كبيرة، حيث توفر منظومة متكاملة لكل الأنشطة المتعلقة بالخيول، خاصة الخيول المصرية؛ سواء بالتربية والإنتاج أو البيع بالمزاد، أو عبر الأنشطة السياحية، إضافة لسباقات الخيل والرياضات المصاحبة لهذا المجال؛ فى مسعى لمزيد من التصدير بعدما حققت مصر صادرات بلغت 55 حصانًا عام 2023 إلى 8 دول خليجية وأوروبية بقيمة تتخطى ملايين الدولارات. ووفق الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، كانت صادرات مصر من الخيول العربية 1.5 مليون دولار خلال 2022، بعد أن كانت 47 حصانًا منها 35 من الخيول العربية تم تصديرها للاتحاد الأوروبى و9 للعراق الشقيقة، وتم تصدير 97 حصانًا خلال الفترة من أغسطس 2017 إلى أغسطس 2019. وتتميز «مرابط» بموقع استراتيجى، وتم تصميمها على الطراز العالمى لخدمة القطاع الترفيهى والسياحى، وتقدم لرواد الفروسية تجربة فريدة تجعلها المقصد المثالى لهم عالميًا؛ حيث تحتضن مبنى بيطرى ضخم لعلاج أمراض الخيول مجهز بأحدث الأجهزة الطبية العالمية فى الكشف عن الخيل وإجراء الفحوصات اللازمة لها، ومكان مخصص لتداول الأدوية البيطرية المعتمدة فى علاج أمراض الخيول، وسيشرف على هذا المبنى فريق متخصص من الهيئة العامة للخدمات البيطرية، وأساتذة كليات الطب البيطرى بالجامعات المصرية. كما يضم المقر الجديد لمحطة الزهراء للخيول، تراك عالمى للسباقات وتريض الخيول، نادٍ للفروسية، صالة مغطاة للمزادات، منطقة حجرية للخيول المعدة للتصدير، معمل دولى لتنسيب سلالات الخيول بهدف الحفاظ عليها، فنادق مخصصة لإقامة الخيول الأجنبية أثناء تنظيم المهرجانات الدولية، وفنادق لإقامة المتسابقين والجمهور، منطقة خدمات، مواقف انتظار، كما سيتم تخصيص 5 أفدنة لكل مربى تشمل مزرعة بها فيلا.
وأيضًا تضم المدينة أول مدرسة فنية صناعية متطورة للخيول بالشرق الأوسط؛ لتخريج المدربين والمتخصصين فى إطار جهود تطوير المنظومة، والارتقاء بسياحة الخيول، باعتبارها ثروة قومية كبيرة. وتستقبل المدينة الطلاب المصريين والوافدين من دول الشرق الأوسط. وتضم كذلك أكاديمية عليا للتدريب على الفروسية وصناعة الخيول عن طريق متخصصين من القطاع الخاص، أو التابعين لمحطة الزهراء، ومصنعًا لإنتاج الطاقة النظيفة من مخلفات الخيول. والمدينة تشمل «باكيات» تستوعب 1100 حصان، مكتبة، تضم القطع والكتب والوثائق الأثرية التى ترصد تاريخ السلالات العربية، ومبنى صغير لمقتنيات التحف الفنية التى توضح مراحل وتواريخ سلالات الخيل فى مصر والشرق الأوسط، وهى مقتنيات باهظة الثمن تحتوى محطة الزهراء على نسخة منها.
ويتم ربط مواقع المدينة من خلال نظام للنقل الطائر (التليفريك) وإدارة المدينة بمنظومة ذكية تضم أحدث التقنيات؛ لتحقق الأهداف المطلوبة لتنمية هذه الثروة وتستهدف المدينة دورات تدريبية وزيادة الوعى لدى المربين والسياس والعاملين فى مزارع الخيول، مع متخصصين للتدريب. وبعد افتتاح المدينة سوف يتم تدشن بطولة سنوية «كأس مصر الدولى للخيول» بشعار وتصميم مستوحى من خاتم الملك رمسيس الثانى (خاتم الخيول) وبجائزة مالية ضخمة.
الزهراء الجديدة يعود تاريخ محطة «الزهراء» لبداية القرن التاسع عشر عندما استورد محمد على أنقى السلالات العربية من شبه الجزيرة العربية، وتُشرف على أكثر من 1354 مزرعة للقطاع الخاص تضم 25 ألف حصان، ونحو 500 رأس تمثل أهم سلالاتها. وتمتلك المحطة 5 أنسال من أهم 5 عائلات للخيول فى مصر وأغنى وأمهر وأعلى أنواع الخيول فى العالم؛ وهى الصقلان والدهمان والكحيلان والهدبان والعبيان، والأخير هو أشهَر وأجمل وأندر وأغلى أنواع الخيول فى العالم مع الصقلاوى.
وقال الدكتور خالد توفيق رئيس هيئة التنمية الزراعية السابق: إن «الزهراء» واجهت معوقات عديدة فى موقعها القديم أهمها القرب من الكتلة السكنية؛ مما يعيق تنظيم الفعاليات والمهرجانات الدولية، ولاستكمال مخطط النهوض بصناعة الخيول والحفاظ على السلالات المصرية؛ كان إنشاء أول مدينة رياضية عالمية فى العاصمة الإدارية، تضم أكبر محطة بحثية بتربية الخيول العربية ذات الأصل المصرى، على أن تكون محطة الزهراء فى مكانها الجديد الأم النواة الرئيسية لدعم المحطة الجديدة؛ وخاصة أنها تضم أول مكتب مركزى لتسجيل الخيول، وهو حلقة وصل بين المربين والمنظمة العالمية للخيل العربى الأصيل. 8