يمر العالم بمرحلة حاسمة مليئة بالتوترات والصراعات التى تحمل فى طياتها تداعيات بعيدة المدى على السياسة الدولية من التوترات فى كشمير إلى التغيير فى قيادة الفاتيكان، مشهد عالمى يعكس تفاعلات معقدة بين القوى الكبرى، ما يدفع بالدبلوماسية الرئاسية المصرية للتحرك والتعامل مع المتغيرات المتلاحقة بنفس الإيقاع لتتمدد مساحات تأثيرها وتمتد خارج نطاق الإقليم، حيث تتداخل الأحداث بشكل غير مسبوق، فالقوى الدولية تحاول تعزيز نفوذها أو إعادة تشكيل النظام الدولى لصالحها، ومصر لا يمكن أن تكون بعيدة عن هذا المشهد أو خارج سياق تشكيله. اقرأ أيضًا| إسلام عفيفى يكتب: بين شظايا الحرب وخريطة الإنقاذ السؤال الذى يطرح نفسه اليوم: هل نحن على أبواب مرحلة جديدة فى العلاقات الدولية، أم أن هذه التحركات مجرد استمرار للصراع القائم على المصالح؟ الإجابة عن هذا السؤال قد يكون لها تأثير كبير فى تحديد ملامح المستقبل السياسى والاقتصادى للعالم. ساحة لتصفية الحسابات يعيش العالم لحظة فاصلة، حيث تتسارع الأحداث فى منطقة كشمير بين باكستانوالهند، وكأننا نعيش فى حلقة من سلسلة لا تنتهى من المواجهات العسكرية فى الأيام الأخيرة، عادت الهجمات الإرهابية والتصعيدات على الحدود بين البلدين، مما يزيد من القلق الدولى بشأن مستقبل المنطقة لكن ما يجب أن نفكر فيه هو: هل هذا الصراع هو مجرد صراع بين دولتين نوويتين، أم أن هناك قوى أكبر تقف وراء هذا الصراع؟ هل هى حرب بالوكالة بين الصينوالولاياتالمتحدة، حيث تلعب الهندوباكستان الأدوار الرئيسية فى رقعة الشطرنج الدولية؟ اقرأ أيضًا| إسلام عفيفي يكتب: مرافعة باسم العدالة من الصعب تجاهل الدور الذى تلعبه القوى الكبرى فى هذا النزاع، فالصين -التى تعتبر حليفًا استراتيجيًا لباكستان- تسعى لزيادة نفوذها فى المنطقة من خلال دعم باكستان، فى الجهة الأخرى نجد أن الهند تتقرب بشكل أكبر من الولاياتالمتحدة، مما يثير التساؤلات حول دور واشنطن فى تصعيد هذا التوتر.. هل الولاياتالمتحدة تساهم فى تأجيج الصراع لموازنة القوة مع الصين؟ أم أن هناك مصالح أخرى، مثل تجارة الأسلحة وفرض الهيمنة على المنطقة، تدفع هذه القوى لتوجيه الأنظار إلى كشمير؟ التحليل السياسى يذهب أبعد من مجرد دعم مباشر لأحد الأطراف نلاحظ أن القوى الكبرى تستخدم هذه الصراعات لعرض قوتها العسكرية، سواء عن طريق بيع الأسلحة أو عن طريق التدخل المباشر فى السياسة الدولية، وهذا يطرح تساؤلًا حيويًا: هل تأجيج هذا الصراع هو مجرد محاولة لإضعاف تكتل «البريكس»، الذى يضم الصينوروسياوالهند؟ قد تكون هناك أيضًا استراتيجية لتقويض هذا التكتل الدولى، أو ربما اختبار للتجمع الوليد خاصة مع اقتراب انعقاد قمة البريكس الشهر المقبل. إن تصعيد التوترات بين باكستانوالهند قد يضعف من تماسك هذا التجمع، ويحول الأنظار عن قضاياه الرئيسية. اقرأ أيضًا| إسلام عفيفي يكتب: الممرات الملاحية والتوازن الجيوسياسي فى خضمّ هذا الاضطراب العالمى يبرز مشهد آخر لا يقل خطورة: صعود التكتلات الاقتصادية والسياسية الجديدة كبدائل للنظام الغربى التقليدى. مجموعة «البريكس»، التى تضم الصينوروسياوالهند والبرازيل وجنوب إفريقيا، لم تعد مجرد تكتل اقتصادى، بل مشروع سياسى لإعادة توزيع مراكز الثقل فى العالم. من هنا فإن أى تصعيد بين الهندوباكستان لا يُقرأ فقط باعتباره خلافًا حدوديًا، بل كاختبار صريح لوحدة هذا التكتل وقدرته على الاستمرار تحت الضغط. فهل يسعى الغرب لتفجير التناقضات الداخلية فيه؟ أم أن «البريكس» سينجح فى امتصاص الصدمات وبناء نموذج عالمى بديل؟ الدبلوماسية الرئاسية فى السياسة العالمية تعتبر الزيارات الدبلوماسية للرئيس عبد الفتاح السيسى إلى روسيا واليونان بمثابة إعلان عن عودة مصر إلى الساحة الدولية كقوة محورية فى المنطقة. فى السنوات الأخيرة أثبتت مصر أنها ليست مجرد مراقب إقليمى، بل فاعل رئيسى فى تشكيل التوازنات السياسية والاقتصادية فى المنطقة. الزيارة إلى روسيا، التى تزامنت مع ذكرى يوم النصر، كانت علامة فارقة فى تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وفى وقتٍ تواجه فيه روسيا تحديات كبيرة من الغرب، فإن مصر تظهر كفاعل استراتيجى فى الشرق الأوسط، كما أن توقيع اتفاقات عسكرية وتجارية مع روسيا يعكس تزايد التعاون فى مجالات متعددة، لا سيما فى الطاقة. أما الزيارة إلى اليونان فقد أظهرت أهمية العلاقات بين مصر والدول الأوروبية فى ملفات استراتيجية مثل الطاقة والتنمية، تأتى هذه الزيارات فى وقت حساس، حيث تتزايد التوترات فى منطقة البحر المتوسط بسبب الأزمات الإقليمية.. مصر اليوم تمثل جسرًا بين الشرق والغرب، وبلدًا يؤثر فى سياسات الطاقة والهجرة والتعاون العسكرى، ومع ذلك تبقى الأسئلة مفتوحة حول مدى قدرة مصر على استغلال هذا الدور فى تعزيز مصالحها الاقتصادية والسياسية. ما يميز التحرك المصرى فى هذا التوقيت أنه لا يأتى فى سياق اصطفاف تقليدى، بل فى إطار بناء توازنات استراتيجية مرنة. فالقاهرة تنسج علاقاتها مع روسيا دون أن تقطع خيوطها مع الغرب، وتفتح أبواب التعاون مع أوروبا دون أن تغفل عمقها العربى والإفريقى. هذه المقاربة تُعيد إلى الأذهان مدرسة الحياد الإيجابى التى تُمارَس بذكاءٍ سياسىّ، حيث لا تعنى الحيادية الانكفاء، بل التمركز المحورى فى منطقة لا ترحم مَن يقف على الهامش. مصر اليوم لا تقف فى المنتصف، بل فى نقطة تقاطع المصالح، وتلك هى المعادلة الأصعب. البابا الأمريكى.. الراعى الصالح فى تحول تاريخى غير متوقع، تم انتخاب الكاردينال الأمريكى روبرت فرانسيس بريفوست، المعروف الآن باسم البابا ليو الرابع عشر، ومع أنه أول بابا أمريكى فى تاريخ الكنيسة الكاثوليكية، فإن توليه هذا المنصب يحمل فى طياته دلالات سياسية عميقة. الراعى الصالح الذى بدأ كلمته للعالم فور الإعلان عن اختياره قائلًا: «السلام عليكم» فى دلالة واضحة عن انحيازاته وموقفه، ومن المعروف أن البابا ليو الرابع عشر ليس على وفاق مع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، بل يعارض سياساته المتعلقة بالهجرة والعدالة الاجتماعية. هذا التناقض بين البابا الجديد والإدارة الأمريكية يعكس تحولًا داخل الفاتيكان، الذى لطالما كان مركزًا للتأثير الدينى والسياسى. يُعد ليو الرابع عشر امتدادًا لفكر البابا فرانسيس الذى تميز بتوجهاته الليبرالية والتزامه بالعدالة الاجتماعية. إن انتخابه بابا يمثل رسالة قوية حول دور الفاتيكان فى القضايا السياسية العالمية، فقد أصبح الفاتيكان تحت قيادته قوة مؤثرة فى مواجهة السياسات اليمينية المتشددة فى العديد من البلدان، بما فى ذلك الولاياتالمتحدة، كما أن سياسات البابا الجديد ستكون محورية فى تشكيل الرؤية الدينية المستقبلية للكنيسة، وهى رؤية تتعارض مع التوجهات الحالية للحكومة الأمريكية.