عبد الله ابن المقفع هو الذى حمل إلى العربية أروع ما أنتجته العبقرية الفارسية قبل الإسلام أهدانى د.أحمد زايد مدير مكتبة الإسكندرية هذا العمل الجميل الذى ألفه إيهاب الملاح، وهو عبارة عن صياغة جديدة لهذا العمل الذى يُعد من عيون التُراث العربى، والمؤلف له نتاج أدبى جيد ولا بأس به. فهو الذى أعد وحرر وقدم الطبعة الكاملة من كتاب تاريخ الفكر المصرى الحديث للدكتور لويس عوض، وأيضًا كان مسئولاً عن إعداد ومراجعة الطبعة الجديدة من الأعمال الكاملة لعميد الرواية العربية نجيب محفوظ، والتى صدرت عن دار الشروق لصاحبها إبراهيم المعلم. ونفس الشىء فعله مع عميد الأدب العربى د. طه حسين. أما كتابه عن كليلة ودِمنة فيُقدِمه د. أحمد زايد مدير المكتبة بقوله إن مكتبة الإسكندرية تستهل أول إصداراتها الموجهة للنشء والشباب بهذه السلسلة التى تهدف إلى تبسيط عيون الآداب والعلوم والمعارف الإنسانية للأجيال الجديدة من أبناء مصر العظيمة. ويأمل أن تؤدى السلسلة دورها فى الإسهام فى إتاحة الفرصة للأجيال الجديدة فى التعليم الذاتى واكتساب المعارف الرصينة. أما المؤلف فيعترف أنه عندما كان صغيرًا فى السن كان من المفتونين بقصص كليلة ودِمنة المصورة منذ أن وقع فى يدى هذا الكتاب الذى يزدهر بالألوان ويضم بعض حكايات مُبسَّطة من كليلة ودِمنة. ومنذ أن وجد كثيرًا من الكتب والدراسات عن كليلة ودِمنة حتى قرر أن يكون هناك مكان خاص فى مكتبته لألف ليلة وليلة، وكليلة ودِمنة. ويحكى المؤلف أنه كان من المصادفات السعيدة أن نظَّم ملتقى الشارقة الدولى للراوى دورته لعام 2021 تحت شعار: قصص الحيوان. لتحتفى بالموروث الحكائى العربى والإنسانى الغنى والزاخر والمتنوع لما له من أهمية بالغة فى التعبير عن قضايا الإنسان التى أظهرها من خلال خياله الشعبى وفنه الحكائى الذى أجراه وعبَّر عنه على لسان الحيوان ومنطق الطير وهو ما أثمر مخزونًا مدهشًا من الذخائر المشهورة والكنوز المهجورة وتناولت قصص الحيوان، ومن أشهرها كتاب: كليلة ودمنة لعبد الله ابن المقفع. ويعترف الكاتب أنه كان من حسن حظه أن شارك بورقة بحثية فى الجلسات العلمية التى دارت ضمن فعاليات الملتقى حول كليلة ودِمنة. واطلع على كل ما أمكنه قراءاته من هذا النص الباهر، وخلال رحلته مع هذا العمل الجميل دعاه د. أحمد زايد لكتابة هذا الكتاب المهم. عبد الله ابن المقفع هو الذى حمل إلى العربية أروع ما أنتجته العبقرية الفارسية قبل الإسلام. ولم يكتف بذلك، بل نقل أجزاء من منطق أرسطو، كما نقل قصص كليلة ودِمنة الشهيرة التى تُرجِمت بدورها إلى السيرانية والعبرانية واليونانية والفارسية الحديثة. وقد اصطبغ الكتاب بصبغات أكثر الحضارات الشرقية ثراءً. فهو نتيجة أو ثمرة لتلاقى ثلاث حضارات عريقة هى الهندية والفارسية والعربية. ومؤلفه الأصلى هو الحكيم الهندى: بيدبة. ثم انتقل إلى الأدب الفارسى وأخيرًا وصل إلى الأدب العربى حينما قام عبد الله بن المقفع بترجمته مضيفًا إليه الكثير بدوره. كتب الدكتور طه حسين عن هذا العمل الجليل: - ففى هذا الكتاب حكمة الهند، وجهد الفُرس، ولغة العرب، وهو من هذه الناحية رمز صادق دقيق لمعنى سامٍ وجليل. إنها الوحدة العقلية الشرقية التى تنشأ عن التعاون والتضامن وتظاهر الأجيال والقرون بين أمم الشرق على اختلافها والتى حققتها الحضارة الإسلامية على أحسن وجه وأكمله. وجميع قصص هذا الكتاب هندية الأصل، ولكنهم لم يعثروا حتى الآن فيما يقول المرحوم أحمد أمين على كتابٍ جُمِعت فيه هذه القصص كلها يسمى كليلة ودِمنة أو أى اسم آخر. على الرغم من وجود كتب شبيهة له فى حضارات كثيرة أخرى. إن قصص كليلة ودِمنة تنتمى إلى جنس قصص الحيوان الرمزى لتُعد هذه الحكايات أول كتاب قصصى يصلنا مجموعًا بهذا الشكل، وقد صاغه ابن المقفع بأسلوبه العربى، وكتابه هذا أدخل على الأدب العربى القصص التى تُروى على ألسنة الحيوانات. نعم كان للعرب قبله محاولات، ولكن يُعد كتاب كليلة ودِمنة أثر مهم من ناحية تفصيل القصص على ألسنة الحيوانات ووضع الحكم والعظات والأمثال على ألسنتهم. وبالتالى فإن إعادة طباعته الآن موقف جيد نشكر عليه مكتبة الإسكندرية والدكتور أحمد زايد. ولا ننسى جهد المؤلف إيهاب الملاح الذى يهدف لنشر الوعى والمعرفة.