سنوات حياتنا الحقيقية لا تقاس بعمرنا كما هو فى شهادة الميلاد، ربما بعضنا لم يعش من عمره سوى عام أو عامين أو أشهر معدودة، والباقى كان مجرد أيام مضت بتكرار ممل دون حياة.. يقول أهل المعنى والكلام إن السنة تدل على الشدة والشر والقحط، بدليل وصف العرب للشدة بقولهم: أصابت البلدة سنة. أما العام فتدل على الرخاء والراحة والخير والرفاهية!.. ومن ذلك الآية: «ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عامًا» فقد عاش 950 سنة فى مكابدة ومحاورة قومه، و50 عامًا قضاها مع الصالحين الذين نجوا معه بعد الطوفان، وبالتالى ما عايشه حقيقة هو فقط 50 عامًا!.. أجمع الأيام والأشهر والسنوات التى عشتها كحياة ستجد أنها لم تتجاوز العام الواحد من عمرك وفى أفضل تقدير ربما سنوات تعد على أصابع اليد الواحدة أو كلتيهما.. هذه رغبة لغربلة عمرنا ومعرفة كم يومًا عشناه كحياة، والأهم أن نحاول أن نعيش ما تبقى من عمرنا كحياة وليس كروتين يومى يقتل أرواحنا ويصيب قلوبنا بالصدأ.. أن تحاكم نفسك قبل أن يحاكمك الآخرون، كم عامًا سمحت للآخرين أن يعيشوا من عمرهم، دون أن تكون سببًا فى كآبتهم وفى تعبهم وفى تصحر أرواحهم وجفاف قلوبهم؟!.. السؤال هو كم عامًا عشت أنت حقًا، وكم عامًا عاش الآخرون معك؟!.. والله من وراء القصد..