لم تكن جنازة البابا فرنسيس فى 26 أبريل 2025، فى ساحة القديس بطرس بمدينة الفاتيكان، مناسبة مهيبة لتكريم البابا الراحل فحسب، بل كانت أيضًا حدثًا دبلوماسيًا هامًا. بمشاركة وفود من حوالى 130 دولة وأكثر من 100 وفد رسمي، بما فى ذلك رؤساء دول وحكومات، وأصبح هذا التجمع أحد أهم الاجتماعات الدولية لهذا العام. ◄ الجنازة تحولت لمنتدى دبلوماسي عالمي كان من أبرز اللقاءات الجانبية اللقاء بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى. قبل مراسم الجنازة، أجرى الزعيمان محادثةً خاصةً وجهاً لوجه لمدة 15 دقيقة داخل كاتدرائية القديس بطرس دون مساعدين، مما يُشير إلى حوار مباشر وسرى. وصف كلاهما الاجتماع بإيجابية: وصفته إدارة ترامب بأنه «نقاش مثمر للغاية»، بينما وصفه زيلينسكى بأنه «اجتماع جيد» وأشار إلى أنهما «ناقشا الكثير»، وفقًا لموقع CBS news الإخبارى الأمريكى. وكان هذا اللقاء ذا أهمية بالغة فى ظل التوترات المستمرة المتعلقة بالصراع الروسى الأوكرانى، ومثّل لحظة نادرة للتواصل المباشر بين الزعيمين، اللذين سبق أن شهدا خلافات علنية. وقد أشار الاجتماع إلى فرص محتملة للحوار أو التعاون فى ظل التحديات الجيوسياسية الأوسع نطاقًا التى تواجه أوكرانيا بحسب موقع euro news. كما يسرت الجنازة لقاءً قصيرًا، وإن كان ذا أهمية رمزية، ضم ترامب وزيلينسكى والرئيس الفرنسى «إيمانويل ماكرون» ورئيس الوزراء البريطانى «كير ستارمر». وأظهرت الصور ماكرون وهو يضع يده على كتف زيلينسكى دعمًا له، مبرزًا التضامن الأوروبى مع أوكرانيا. وقد أبرز هذا اللقاء الجانبى دور الجنازة كمنصة لتعزيز التحالفات ومناقشة القضايا الدولية الملحة، بما فى ذلك الحرب فى أوكرانيا والعلاقات عبر الأطلسى وفقًا لموقع «بوليتيكو» الأمريكى. من اللحظات الدبلوماسية الأخرى، المصافحة والتبادل القصير للآراء بين الرئيس ترامب ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين على درجات ساحة القديس بطرس. كان هذا ثانى اجتماع رسمى لهما منذ يناير 2020، وقد اتسم بحفاوة الاستقبال رغم التوترات الأخيرة عبر الأطلسى بشأن التعريفات الجمركية، بحسب ما ذكرته صحيفة «ذى هيل» الأمريكية. واتفق الزعيمان على الاجتماع مرة أخرى، مما يشير إلى تحسن محتمل فى العلاقات بين الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبى. كما تشير التقارير إلى أن ترامب أجرى محادثات قصيرة مع المستشار الألمانى أولاف شولتز والأمير ويليام، أمير ويلز، خلال هذا الحدث. تعكس هذه التفاعلات، على الرغم من محدودية تفاصيلها، دور الجنازة كنقطة التقاء نادرة لقادة العالم للانخراط فى دبلوماسية غير رسمية. وفرت جنازة البابا فرنسيس منصةً فريدةً لقادة العالم للانخراط فى دبلوماسية «التقارب» فى ظل مشهد دولى معقد، يتميز بالصراع الروسى الأوكرانى المستمر، بحضور الرئيس الأوكرانى، وغياب الرئيس الروسى «فلاديمير بوتين» بسبب أوامر اعتقال دولية. بالإضافة إلى التوترات التجارية والسياسية بين الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبى. وقد أتاحت هذه الجنازة فرصةً لإعادة تأكيد التحالفات ومناقشة التحديات العالمية فى جو محايدٍ ورسمى. وقد أتاح وجود هذا العدد الكبير من القادة المؤثرين فى مكانٍ واحدٍ عقد اجتماعاتٍ عفويةٍ ومخطط لها، ما كان ليحدث لولا ذلك. وقد ساعد دور الفاتيكان كساحةٍ محايدة، والثقل الرمزى لإرث البابا، فى تسهيل هذه التفاعلات، بحسب ما ذكرته هيئة الإذاعة البريطانية. ◄ اقرأ أيضًا | ترامب يرشّح «مايك والتز» سفيرًا لأمريكا لدى الأممالمتحدة نُظِّم مخطط الجلوس فى الجنازة بعناية ليعكس الحساسيات الدبلوماسية. وخُصِّصت مقاعد الصف الأمامى لقادة من الأرجنتين (موطن البابا فرانسيس)، وإيطاليا (أبرشية البابا)، وشخصيات رئيسية مثل ترامب، وزيلينسكى، وماكرون، وميلانيا ترامب، مما يُبرز مكانتهم البارزة. والجدير بالذكر أن ترامب وزيلينسكى جلسا على بُعد عشرة مقاعد فقط، مما يُسهِّل التفاعل. وأحاط رئيسا إستونيا وفنلندا، وهما من أشد المؤيدين لأوكرانيا، بترامب وميلانيا، مُؤكدين على السياق الجيوسياسى. في حين أن الغرض الرئيسى من التجمع كان تكريم البابا فرانسيس، فقد كانت الجنازة أيضًا بمثابة منتدى دبلوماسى مهم. وقد أبرزت اللقاءات الخاصة والإيماءات الرمزية بين قادة العالم أهمية الحدث، بما يتجاوز أبعاده الدينية والاحتفالية. أظهرت التفاعلات، لا سيما بين ترامب وزيلينسكى، والتواصل مع القادة الأوروبيين، كيف غالبًا ما تجد السياسة والدبلوماسية العالمية تعبيرًا لها فى مثل هذه الفعاليات الدولية البارزة. وقد تؤثر هذه اللقاءات الجانبية على الجهود الدبلوماسية المستقبلية، لا سيما فيما يتعلق بالصراع فى أوكرانيا والعلاقات عبر الأطلسى. كانت جنازة البابا فرانسيس مناسبة نادرة تقاطع فيها الحداد والدبلوماسية، مما وفر منصة للحوار، وأشار إلى تحولات محتملة فى العلاقات الدولية.