فى منتصف الثمانينيات حضرت أول انتخابات لنقابة الصحفيين بعد تعيينى، كانت بين قطبى الصحافة المصرية الأستاذ جلال الدين الحمامصى والأستاذ ابراهيم نافع، كانت هذه الانتخابات محطة مهمة فى حياتى المهنية والشخصية فى آن واحد، فمنها تعلمت الكثير والكثير، والفضل فيما تعلمته يرجع لأستاذى وأستاذ كل أبناء جيلى، الكاتب الجليل رحمة الله عليه جلال الحمامصى صاحب أروع وأشهر عامود فى الصحافة المصرية «دخان فى الهوا»، وصاحب أشهر المعارك فى الصحفية.. كنت والكثيرين من زملائى، وكنا فى عمر أبنائه وأحفاده، نؤيده ونستفيد من تعليماته الصحفية فى الجلسات اليومية مع فناجين القهوة التى كان يصر على دعوتنا لتناولها، وكان هوَ سعيدا بوجودنا وكنا نفخر أنه يعاملنا كأننا أساتذة كبار، وهكذا هُم الكبار حين يريدون بناء أجيال جديدة. أصل معه إلى يوم الانتخابات الذى تجمعنا جميعا حوله، وبعد فرز النتائج جلست بجانبه على مقاعد أمام مبنى النقابة فى انتظار الإعلان عن النتيجة. وحين أعلن فوز الأستاذ إبراهيم نافع صرخت وقمت واقفة والدموع تملأ وجهى فما كان من الأستاذ جلال الحمامصى إلا أن قام وشدنى من يدى معنفاً قائلا لى: «تعالى معى سأعلمك درساً مهما» وسار بى مسرعاً حتى كدت أن أفقد توازنى حتى مسرح النقابة تركنى واعتلى المسرح معانقاً ومهنئاً الأستاذ إبراهيم نافع فى مشهد رائع اعتلاه التصفيق الحاد من مؤيدى كلا الجانبين. لا يزال المشهد يتمثل أمام عينى كلما ذهبت لانتخابات نقابة الصحفيين، وهوَ المشهد الذى أتمنى أن يعيه زملائى من الأجيال الجديدة فى كيفية احترام الخصوم خصوصاً من يقيمون الحروب ويسيئون لبعضهما البعض مثلما يحدث قبيل الانتخابات الحالية، كان الحمامصى كاتبا محترما. أترك للأجيال الجديدة قراءة سيرته ليتعلموا كيف تكون الرسالة النبيلة لمهنة الصحافة.