إلى السيدات والسادة الكرام قراء اللواء الإسلامي، إلى كل شعب مصر العظيم، إلى أبناء الأمتين العربية والإسلامية، إلى كل إنسان في الوجود، أهلا ومرحبا بحضراتكم في رحلة جديدة مع القرآن الكريم، حيث نغوص في أعماق كنوز القرآن الكريم، ونبحر مع آياته العظيمة خلال أيام وليالي شهر رمضان المبارك، لنستنير بنوره ونرتشف من هدايته. ومع الجزء الرابع من كتاب الله، نستنطق الآيات، ونستخلص القيم، ونلتقط من بين الأسطر لآلئ الحكمة، لنعيش بها لا مجرد تأمل، بل سلوكًا ومنهجًا، ومفتاحًا لحياة متزنة مطمئنة. الجزء الرابع من القرآن الكريم الذي يبدأ بآية: «كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِيٓ إِسْرَآئِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَآئِيلُ عَلَىٰ نَفْسِهِ...» (آل عمران: 93)، زاخرٌ بالمعاني واللطائف، غنيٌ بالحكم والعبر. ومن البديهي أننا لا نستطيع الإحاطة بكل ما يحويه هذا الجزء من معانٍ وهدايات، فهو مليء بعجائب الحكم، ودقائق الإشارات، وأنوار الإيمان، ولكن حسبنا أن نستلهم منه عددًا من القيم التي نعيش بها، ونتعامل من خلالها، ونجعلها زادًا حتى يهل علينا رمضان من جديد، ذلك الشهر الذي تُفتح فيه أبواب السماء، وتُعمر فيه الأرواح بنور القرآن. أولى القيم التي نقف عندها اليوم: قول الله تعالى: «وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُواْ...» (آل عمران: 103)، نداء رباني خالد، يُوجَّه إلى كل مؤمن، لا تجعلوا للفرقة بينكم سبيلًا، ولا تفتحوا أبواب الكراهية والشقاق، فإنها مداخل الشيطان، ومواطن ضعف الأمة، ومكمن تسلط الأعداء. ما أحوجنا في زمن التمزق والشتات، أن نعود إلى كلمة سواء، وأن نعتصم بحبل الله، وأن نكون كما أراد لنا ربنا، إخوة في الله، متحابين، متراحمين. إنها دعوةٌ ربانيةٌ صريحةٌ إلى وحدة الصف، ونبذ الفرقة والشقاق. يقول الله للمؤمنين: لا تسمحوا للأنانية، أو الحقد، أو النزاع، أن تفتّ في عضُدِكم. إن الاجتماعَ قوةٌ، والفرقةُ ضعفٌ وهلاكٌ. كم من أمة تفرقت كلمتها، فضاعت هيبتها، وتسلط عليها عدوها، واندثرت حضارتها. وقد تعلمنا منذ الصغر أن «الاتحاد قوة، والتفرق ضعف». عدونا الأول هو من يسعى لبذر بذور الخلاف بيننا، فيتسلط علينا بشعار «فرّق تَسُد». فما الحل؟ وما العلاج الإلهي؟ العلاج في الاعتصام بحبل الله، والرجوع إلى القرآن، والتمسك بالهُدى، والتسامح، ونسيان الأحقاد. إلى كل متخاصمين، أزيلوا الخصومة، وابدأوا صفحة جديدة، إلى كل بيت اقتربت فيه العلاقة الزوجية من الانهيار: تمسكوا بحبل الله، وتذكروا قولَ اللهِ: «وَلَا تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ...» (البقرة: 237)، إلى كل عائلتين بينهما خلاف، إلى كل جارين متشاحنين، إلى كل زميلين في العمل يتربص أحدهما بالآخر: اتقوا الله، وارجعوا إلى نداء الرحمن: «وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُواْ...» (آل عمران: 103). وقد قال الشاعر: ستبدو فجاءات وتغدو مصاعبا ولكن تنادوا لا رجوع ولا وقفا فلن يترك الديّانُ من دقّ بابه ولن يدع الداعي إليه إذا وفى ولو أنكم قمتم بحقٍ على الذي ُعيتم إليه، كان واحدُكم ألفا فلا تحفلوا بالقوم كثراً وقلة فبالكيف لا بالكَمِّ تُلتمس الزُلْفَىٰ ثاني القيم التي نستخرجها من هذا الجزء المبارك: قول الله تعالى: «فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ...» (آل عمران: 159)، هذه آية عظيمة، يخاطب الله بها نبيَّه الكريم صلى الله عليه وسلم، فيُثني عليه، ويبين أن رحمته بالخلق ولِينهُ معهم، هو من أثر رحمة الله تعالى به. لقد صاغ الله النبي الأعظم بأخلاق النبوة، وأكرمه بنور الوحي، فكان كما قالت السيدة عائشة: «كان خلقه القرآن»، وشهد له ربه بقوله: «وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ» (القلم: 4)، ومن عظمة هذا الخُلُق: اللين. فقد قال الله تعالى في موضع آخر مخاطبًا نبيين كريمين: «اذْهَبَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا...» (طه: 43-44)، فرعون الذي ادعى الألوهية، أمر الله أنبياءه أن يخاطبوه بِلِينٍ. فكيف بمن هو دونه؟ أليس أولى باللين والرحمة؟ إن كل خطاب ديني يخلو من اللين، ويفتقر إلى الرحمة، يُنفر القلوب، وقد يكون سببًا للنفور من الدين. وقد رُوي أن رجلًا دخل على هارون الرشيد وقال له: «يا أمير المؤمنين، سأكلمك بكلامٍ فيه شيءٌ من الشدة، فتحملني». فأجابه الخليفة: «يا هذا، إن الله قد بعث من هو خير منك - موسى - إلى من هو شر مني - فرعون - فقال له: «فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا...» (طه: 44). فليكن شعارنا: اللين والرحمة، في البيت، في العمل، في كل تعامل. ثالث القيم في هذا الجزء المبارك: قول الله تعالى: «إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ...» (آل عمران: 190-191)، هذه الآيات تبين أن أصحاب العقول هم الذين يجمعون بين الذكر والتفكر، بين الإيمان والعلم، بين الروح والعقل. هم الذين لا يكتفون بالتأمل، بل يؤسسون علوم الفلك، والفيزياء، والكوزمولوجيا، ويفكرون في خلق الله، وفي نشأة الكون، ومع ذلك، لا تنفصل علومهم عن ذكر الله.بهذا التوازن بين الذكر والفكر، تُبنى الحضارات، وتستقيم حياة الأمم. ليس الفكر العلمي وحده كافيًا ما لم يسنده نور الإيمان، وليس الذكر وحده مثمرًا ما لم يصحبه تدبر وعمل. ومن هنا، تصنع الأمة مجدها، ويضيء مستقبلها. «يَذْكُرُونَ اللًهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ...»(آل عمران: 191)، فالذكر والفكر هما عماد الحضارة، وسر الوصول إلى الله. رابع القيم التي نتوقف عندها: قول الله تعالى في بداية سورة النساء: «وَلٍيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيًةً ضِعَافًا خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُواْ اللَّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلًا سَدِيدًا» (النساء: 9)، كثير من الناس يقول: أريد أن أؤمّن مستقبل أولادي، فيسلك طريق الحرام، ويجمع المال بأي وسيلة، فيختلس ويظلم ويعتدي. لكن الحقيقة أن ما يحفظ الأولاد بعد وفاة آبائهم ليس المال وحده، بل تقوى الله. اتقِ الله، وادخر لأولادك تقوى وصلاحًا، يكن الله لهم وليًّا. «فَلْيَتَّقُواْ اللَّهَ وَلٍيَقُولُواْ قَوْلًا سَدِيدًا» (النساء: 9). أيها الأحبة، في الجزء الرابع من القرآن الكريم، أنوارٌ وهداياتٌ تُنير الطريق، وتفتح القلب، وتربط الدنيا بالآخرة. فيه دعوة إلى الوحدة، واللين، والتفكر، والتقوى. فلنجعل من آياته دستورًا لحياتنا، ومنهاجًا لعلاقاتنا، ومفتاحًا لسعادتنا. نسأل الله أن يرزقنا قلوبًا تتدبر، وأرواحًا تتأثر، وأعمالًا تصدق، وأن يجعلنا من أهل القرآن، الذين هم أهله وخاصته. وإلى لقاء يتجددالإيمان، وليس الذكر وحده مثمرًا ما لم يصحبه تدبر وعمل. ومن هنا، تصنع الأمة مجدها، ويضيء مستقبلها. «يَذْكُرُونَ اللًهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ...»(آل عمران: 191)، فالذكر والفكر هما عماد الحضارة، وسر الوصول إلى الله. رابع القيم التي نتوقف عندها: قول الله تعالى في بداية سورة النساء: «وَلٍيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيًةً ضِعَافًا خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُواْ اللَّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلًا سَدِيدًا» (النساء: 9)، كثير من الناس يقول: أريد أن أؤمّن مستقبل أولادي، فيسلك طريق الحرام، ويجمع المال بأي وسيلة، فيختلس ويظلم ويعتدي. لكن الحقيقة أن ما يحفظ الأولاد بعد وفاة آبائهم ليس المال وحده، بل تقوى الله. اتقِ الله، وادخر لأولادك تقوى وصلاحًا، يكن الله لهم وليًّا. «فَلْيَتَّقُواْ اللَّهَ وَلٍيَقُولُواْ قَوْلًا سَدِيدًا» (النساء: 9). أيها الأحبة، في الجزء الرابع من القرآن الكريم، أنوارٌ وهداياتٌ تُنير الطريق، وتفتح القلب، وتربط الدنيا بالآخرة. فيه دعوة إلى الوحدة، واللين، والتفكر، والتقوى. فلنجعل من آياته دستورًا لحياتنا، ومنهاجًا لعلاقاتنا، ومفتاحًا لسعادتنا. نسأل الله أن يرزقنا قلوبًا تتدبر، وأرواحًا تتأثر، وأعمالًا تصدق، وأن يجعلنا من أهل القرآن، الذين هم أهله وخاصته. وإلى لقاء يتجدد