قبل وفاة الرئيس جمال عبد الناصر بعدة أيام فى سبتمبر 1970، جرى حديث بينه وبين الرئيس الليبى الراحل معمر القذافى قال فيه ناصر: إننا نريد سلاما مع إسرائيل واسترداد أرضنا التى احتلها العدو فى 1967، وان من يريد من العرب محاربة إسرائيل فاليذهب ويحاربها وانا مستعد بدعم من يحارب من العرب بخمسين مليون جنيه ، وأبدى القذافى دهشته من هذا الكلام ! هذا ماجاء فى التسجيل الصوتى بين الرئيسين الراحلين والذى تم بثه عبر صفحه الرئيس عبد الناصر على الانترنت ،والتى تتولى إدارتها أسرة الرئيس الراحل ،وأكدت السيدة هدى عبد الناصر كريمته،صحة التسجيل!! وأظن أن التسجيل يعد شهادة مسبقة فى حق الشهيد السادات بطل الحرب والسلام ، ورد قاطع للذين لاموه ووبخوه واتهموه بالخيانة عندما وقع اتفاقية السلام بعد تحقيق النصر العظيم فى 73. حيث كان منتقدوه - وبخاصة الناصريين - دائما ما يقارنوا موقف السادات بموقف عبد الناصر الذى كان يجنح دائما للحرب والرفض للسلام مستشهدين بمقاطع من خطاباته، رغم ان السادات أعلن فى أكثر من مناسبة أن ناصر قد وافق على مبادرة روجرز. وجاء التسجيل ليؤكد التغير الجوهرى والجذرى فى موقف ناصر الذى كان يعبر عنه فى خطاباته الجماهيرية قبل هزيمة 67 ! ستظل أوراق التاريخ دائما تكشف ان السادات كان على حق وتؤكد رجاحة عقله ،وانه كان زعيما سابق عصره بسنين ضوئية .. وسأظل اترحم على السادات ومواقفه الوطنية الصلبة ، وثباته على مبدأه عندما وقع معاهدة السلام ،دون ان يلتفت للانتقادات الداخلية والعربية ،أو يرضخ لضغوط المقاطعة العربية ،ودفع حياته ثمنا لتمسكه بموقفه الوطنى مضحيا بشعبية واهية لاتثمن ولاتغنى من جوع ولاتفيد إلا صاحبها على حساب وطن. التجارب اثبتت أن الجنوح الى السلام هو الحل الأمثل لكل القضايا والأزمات واسترداد الحقوق.. أقصد هنا السلام المرتبط بقوة مفرطة تحميه..فلم تعد العمليات العسكرية تحل الأزمات إلا المتعلقة باحتلال الأرض فالتاريخ يؤكد أن العدو لايرضخ للجلوس على مائدة مفاوضات إلا إذا شعر بقوة المفاوض الذى أمامه،وان السلام سيقيه ويلات الحرب.