أصبح نجمنا المصرى محمد صلاح أحد أساطير فريقه ليفربول والدورى الانجليزى الممتاز لكرة القدم ليس مجرد لاعب يسجل أهدافا، فأصبح قصة كفاح تُلهم الملايين، قاد رحلة صعود وصمود أيضًا، حتى صار أيقونةً كروية يُشار إليها فى كل مكان، أقدامه الذهبية لا تركل الكرة فحسب، بل تُعيد كتابة أساطير اللعبة، وفى كل هدف يحرزه، تتجسد فصول جديدة من رواية بطل لا يتكرر. هو أكثر من مجرد هدّاف، فهو القائد داخل الملعب، ورمز للمصريين من صغيرهم لكبيرهم، حتى أنه أصبح «فخر العرب» فى ملاعب أوروبا، وبين أرقام لا تكذب، وإنجازاتٍ تتحدث عنه قبل أن يتحدث، يقف محمد صلاح شاهدًا على أن الأحلام لا تعرف حدودًا، وأن العظماء يتحدون كل ما هو مستحيل، ويصنعون المجد بالإرادة قبل أن تصنعه الأقدام. تخيَّل أن 8 سنوات ونصف فقط كانت كافية لمحو تاريخ أساطير اللعبة فى الدورى الإنجليزي، وكتابة تاريخ جديد بأقدام الفرعون المصري. 8 مواسم سينضم إليها التاسع قريبًا! سجل خلالها 185 هدفًا، وصنع 87 هدفًا، فى إجمالى مساهمات تهديفية وصلت إلى 272 مساهمة بين الأهداف والصناعة! يحتل الدولى المصرى حاليًا المركز الخامس بين الهدافين التاريخيين للدورى الإنجليزى برصيد 185 هدفًا. على بُعد هدفين من معادلة إنجاز أندى كول صاحب المركز الرابع برصيد 187هدفًا. وتفوق محمد صلاح بذلك على الأرجنتينى المخضرم سيرجيو أجويرو، الذى فك الشراكة معه أخيرًا ليتراجع الأخير إلى المركز السادس برصيد 184.. الآن الفرعون المصرى محمد صلاح دوّن اسمه رسميًا بحروف من ذهب وأصبح الهداف التاريخى للأجانب فى الدورى الإنجليزي. خاصة وأن أصحاب المراكز من الأول وحتى الرابع هم لاعبون إنجليز بالأصل. ومن اليوم سيكون الهدف القادم أن يتخطى البريطانيين ليكون الهداف التاريخى للدورى الإنجليزى الأشهر فى العالم إذا كنت تظن أنه ينجح فى تسجيل الأهداف فقط، إليك محمد صلاح ملك التمريرات الحاسمة الذى اقتحم قائمة ال 10 الأوائل لأكثر اللاعبين صناعة أهداف فى تاريخ الدورى الإنجليزى برصيد 86 تمريرة حاسمة تحولت لأهداف رائعة وفى ترتيب الأجانب، يقف فى المركز الخامس بين أكثر الأجانب صناعة للأهداف فى تاريخ الدورى الإنجليزى ولا يُنافس فى تلك القائمة سوى كيفين دى بروين صاحب الصدارة برصيد 119 تمريرة حاسمة. الحذاء الذهبي الفرعون المصرى لا يتهاون ولا ينتظر الكثير من أجل خطف كل الألقاب، على سبيل المثال كانت المرة الأولى التى حقق فيها جائزة الحذاء الذهبى للبريميرليج فى أول موسم له مع ليفربول 2017/2018، كان ذلك بعدما سجل 32 هدفًا بفارق هدفين عن هارى كين (30) الوصيف. أما ثانِى مرة حقق الجائزة كان فى موسم 2018/2019، حصد الحذاء الذهبى بالتساوى مع بيير إيميريك أوباميانج وساديو مانى برصيد 22 هدفًا لكل منهم. والمرة الثالثة، كانت فى موسم 2021/2022، حصل على الحذاء الذهبى مناصفة مع الكورى الجنوبى هيونج مين سون برصيد 23 هدف لكل منهما. ويبدو أنه سيحصل على هذا الموسم للمرة الرابعة بعدما سيطر على صدارة ترتيب الدورى الإنجليزى برصيد 28 هدفًا مع بقاء 4 جولات حتى نهاية البطولة قصة نجاح وعلى صعيد آخر، سلطت الصحف البريطانية أبرز المواقف التى رسمت علاقة محمد صلاح بأهالى ليفربول، وكيف ترك بصمته فى قلوبهم طوال عدة أعوام قضاها مع «الريدز»، إذ استطاع أن يغير نظرة العالم للمحترفين والمسلمين على حد سواء، بسبب بساطته ولطفه فى التعامل مع الجميع إلى جانب رؤيته الدائمة وهو يصلى ويذهب إلى المسجد لتأدية الشعائر الدينية إضافة الى مواقفهم الجيدة ومساعدته لأهل بلدته نجريج والمصريين بصفة عامة. وقبل أن نتحدث عن قصة نجاح محمد صلاح الذى بات مصدر إلهام لكل المصريين وليس لاعبى الكرة فقط، فلنبدأ أولًا بتعريف من هو محمد صلاح. وُلد اللاعب محمد صلاح فى قرية نجريج، فى محافظة الغربية فى 15 يونيو 1992. منذ صغره، كان محمد صلاح شغوفًا بكرة القدم، حيث كانت على رأس أولوياته خلال سنوات نشأته، وكأَيِّ طفلٍ عاشقٍ لكرة القدم، اعتاد محمد صلاح أن يشاهد لاعبيه المُفضَّلين وهم يلعبون على شاشات التّلفزيون باهتمامٍ كبير. كان لدى اللاعب محمد صلاح حلمٌ يسعى للوصول إليه، بدأه بدورى المدارس «دورى بيبسي» لدعم مواهب كرة القدم النّاشئة. فى هذا الوقت، انضمَ ما يقرُب من مليون طالب إلى دورى المدارس، وتمَ اختيار 70 لاعبًا فقط لبدء مسيرتهم الاحترافيَّة فى كرة القدم، وكان محمد صلاح واحدًا من بينهم. بدأ صلاح خطواته الأولى فى مسيرته الاحترافيَّة مع نادى «المقاولون العرب» للنّاشئين فى القاهرة، حيث اعتاد على السَّفر من مسقط رأسه نجريج إلى مدينة القاهرة كُلَّ يوم، فكان يستقلّ خمس حافلات حتّى يصل إلى ناديه ويُشارك فى التَّدريبات. ظَلَّ صلاح مُتفانيًا ومُجتهدًا ومُنغمسًا فى تدريباته، حتّى بلغ سن ال 18 والتحق حينها بالفريق الأول لنادى المُقاولين. أظهر محمد صلاح مُستوى رائعاً مع فريقه فى الدورى المصرى الممتاز، وحجز لنفسه مكانًا دائمًا فى الصّفوف الأساسيَّة للفريق. أدَّت بعض الظروف السِّياسيَّة فى البلاد إلى تأجيل جميع مباريات الدَّورى المصريّ الممتاز، وقد واجه لاعبو كرة القدم المصريّون أزمة بشأن مصير مسيرتهم المهنيَّة، لكن لحسن الحظّ بالنسبة لصلاح، كان عرضه الرّائع للمهارات فى المباريات الَّتى لعبها مع فريقه لافتًا لإدارة أحد أهمّ النَّوادى فى الدَّورى السويسريّ «نادى بازل».. بعد ذلك، التحق اللاعب محمد صلاح بنادى بازل، وقد كانت بدايته مع النادى رائعة، حيث ظهر صلاح لأوَل مرة رسميًّا فى المرحلة التَّمهيديَّة من دورى أبطال أوروبا UEFA وقد أظهر صلاح مهارةً فائقةً فى هذه الفترة. أصبح اسم صلاح شائِعًا فى دوريّ أبطال أوروبا بعد أدائه الرّائع، حيث عقد تشيلسى بعدها صفقةً مع بازل لضَمِّه إلى صفوف النّادي، وبالفعل انضم محمد صلاح إلى النّادى فى 26 يناير 2014، ليُصبح أوَّل لاعب كرة قدم مصريّ يُوقِع لنادى تشيلسي. بعد أيّامٍ قليلةٍ، ظهر لأوَّل مرة كبديل مع فريقه فى الدَّورى الإنجليزيّ الممتاز ضِدَّ نيوكاسل يونايتد. كان الطَّلب على صلاح يتزايد بسبب مهاراته وسرعته الفريدة فى ملاعب كرة القدم، وفى الثانى من فبراير 2015، تمَّ مَنْحُ محمد صلاح على سبيل الإعارة لمدة 18 شهرًا لنادى فيورنتينا الإيطالي، وقد قدَّم صلاح أوَّل ظهور له مع فيورنتينا ضِدَّ أتالانتا وأظهر مُستوى جيِّدًا، حتّى سَجَّلَ أوَّلَ هدفٍ له مع فيورنتينا أمام فريق ساسولو. ظَلَّ صلاح يُسجِّل الأهداف بانتظام، مباراة تلو الأُخرى، وبحلول نهاية الموسم، انتقل صلاح إلى نادى روما الإيطاليّ بعد فترة إعارة استمرَّت 18 شهرًا. ظهر محمد صلاح لأوَّل مرة مع نادى روما فى عام 2015، وأظهرَ أداءً مُتميِّزًا فى هذا الموسم حتّى استحقَّ جائزة لاعب الموسم بامتياز، وكان صلاح هدَّاف هذه البطولة برصيد 15 هدفًا. لفتت مهارات محمد صلاح الاستثنائيَّة أنظار مُدرِّبى الدَّوريّ الإنجليزيّ مرَّةً أخرى، عندما عرض ليفربول على روما مبلغًا ضخمًا قدره 50 مليون يورو لشراء محمد صلاح، ممّا اُعتبر رقمًا قياسيًّا فى تاريخ صفقات النّادي، لذلك، وافق صلاح ووقَّع على عقدٍ طويل الأجل للانتقال إلى ليفربول فى يونيو 2017 ليكون أوَّل لاعب كرة قدم مصرى ينتقلُ إلى هذا النّادي. التحلى بالايمان فى النهاية، لم تكن بداية اللاعب محمد صلاح مُختلفة عن أيٍّ من زُملائِه الآخرين، ومع ذلك، تحلَّى محمد صلاح بما لم يتحلّ به غيره من الصِّفات وهو الإيمان القويّ والإبداع والتَّطوير المُستمر. نتيجةً لذلك، أصبَحَ محمد صلاح فى وقتٍ قصيرٍ جِدًّا قدوةً ونموذجًا يُحتذى به للشَّباب فى جميع أنحاء العالم. لكنَّ الوصول إلى هذه النّقطة لم يكن سهلاً أبدًا على اللاعب الشّابّ محمد صلاح، فمن شوارع نجريج فى مصر إلى أنفيلد فى ليفربول، إنجلترا، كان هناك رحلة صعود مليئة بالدروس للأجيال القادمة.