بينما العالم منشغلا بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والحرب التجارية بين الولاياتالمتحدةالأمريكيةوالصين، ومفاوضات الملف النووي الإيراني؛ أطلت برأسها أزمة جديدة بين الهندوباكستان القوتين النوويتين الجارتين واللتين لطالما تنازعتا معا على إقليم استراتيجي بينهما "إقليم كشمير" وخاضتا 4 حروب في القرن الماضي.. فما هي جذور الصراع؟ اقرأ أيضا: باكستان تترقب بعد إعلان الهند تعليق العمل بمعاهدة مياه نهر السند في عام 1947 انقسمت شبه القارة الهندية التي كانت تحت الاحتلال البريطاني لعقود طويلة إلى دولتين على أساس ديني إحداهما باكستان المسلمة والهند الهندوسية، فيما بقي إقليم كشمير ذات الأغلبية المسلمة محل نزاع بشطريه الباكستانيوالهندي، ويتميز بموقعه الاستراتيجي المهم حيث تنبع أنهار عديدة أهمها: نهر السند ونهر جيلوم، علاوة على ما يحظى به الإقليم من القمم العالية، والغابات الكثيفة والبحيرات النقية والطبيعة الفاتنة. الدولتان الجارتان بينهما صراع طويل الأمد على أساس ديني؛ فعند استقلال الهند من بريطانيا عام 1947 قُسِّمت شبه القارة الهندية، فالمناطق ذات الأغلبية الهندوسية انضمت إلى الهند، بينما المناطق ذات الأغلبية الإسلامية انضمت إلى باكستان. وبين المناطق المهمة والاستراتيجية في شبه القارة الهندية كانت منطقة جامو وكشمير، ذات الأغلبية الإسلامية، ولكن كان حاكمها هندوسياً، وكان يفضل الانضمام إلى الهند، غير أن قبائل المنطقة كانت تعارض ذلك، بالتالي خاضت أول حرب عليها، وانتهت تلك الحرب في 1949 بتدخل أممي، وقُسِّم إقليم جامو وكشمير إلى شطرين: شطر باكستاني وآخر هندي. لم ينتهِ الصراع بهذا التقسيم، بل أصبح كشمير نقطة صراع أكثر تعقيداً، خصوصاً بعد تدخل القوى الإقليمية وهي الصين المساندة لباكستان، والولاياتالمتحدة المساندة للهند، ولذا يرى مراقبون أن واشنطن ترى في الهند قوة دولية صاعدة تستطيع أن تكبح التمدد والنفوذ الصيني في قارة آسيا والعالم، فيما تساند بكينباكستان نكاية في الهند العدو القديم الجديد لها والذي كثيرا ما تتكرر اشتباكات حدودية معه. أما الحرب الثانية، فنشبت بين الدولتين عام 1965 بسبب دخول القوات الباكستانية إلى الأراضي الهندية، لكن الأخيرة شنت عملية واسعة النطاق على باكستان، واستمرت الحرب 17 يوماً سقط خلالها الآلاف من الطرفين، قتلى وجرحى، وانتهت الحرب بوساطة الاتحاد السوفييتي بعد وقف إطلاق نار نتيجة توافق بين الدولتين سُمي توافق طشقند. ولم تؤد الحرب إلى وقوع أي تغيّر كبير في المنطقة، سوى أن الهند كانت لها اليد العليا على باكستان حين أبرم وقف إطلاق النار. أما حرب 1971، فكانت أكثر الحروب مرارة بين الدولتين، وتبقى في ذاكرة الباكستانيين إلى الأبد، إذ بسببها انشقت باكستانالشرقية المعروفة حالياً ببنجلاديش عن باكستان الحالية. هذه الحرب لم تكن سببها كشمير مباشرةً، إلا أن جذور الصراع كانت ترجع إلى النزاع عليه. والحرب الأخيرة بين الدولتين، باكستانوالهند، كانت عام 1999 المعروفة بحرب كارجيل، وذلك في أعقاب تسلل قوات باكستانية إلى منطقة كارجيل الحدودية وسيطرتها على التلال ومناطق مرتفعة هناك. في المقابل، شنت الهند عمليات مكثفة على القوات الباكستانية، وبعد شهرين من الحرب تمكنت القوات الهندية من استعادة السيطرة على تلك المناطق. كذلك، رجعت باكستان إلى عزلة دبلوماسية، وتعرضت لضغوط كبيرة بسبب تلك الحرب، علاوة على مقتل أربعة آلاف من جنودها، وفق حكومة نواز شريف التي أعلنت تلك الأرقام في نهاية ذلك العام. عدا تلك الحروب، تستمر المناوشات الحدودية وتبادل إطلاق نار بين القوات الباكستانيةوالهندية، فيما لم تتكلل بالنجاح كل الجهود من أجل حل الملفات العالقة بين الدولتين، خصوصاً قضية كشمير عبر الحوار.