أصدرت نقابة الأطباء قرارًا بإيقاف الدكتور جودة عواد عن مزاولة المهنة لمدة عام وذلك على خلفية مخالفات مهنية وأخلاقية جسيمة، رصدتها لجنة التأديب والتي هزت صورة المهنة ومكانة الطبيب في المجتمع. القرار الذي جاء بعد انتهاء كافة التحقيقات كشف عن قيام ذلك الطبيب بممارسات طبية غير علمية وترويج لعلاجات غير معترف بها مستغلا وسائل التواصل الاجتماعي في نشر معلومات طبية مضللة، وفي السطور التالية نستعرض أبرز تفاصيل تلك القضية التي شغلت الرأي العام خلال الساعات الماضية. الدكتور جودة عواد الذي بدأ مسيرته الطبية بالطب الباطني امتد نشاطه الأكاديمي إلى مجالات التغذية والعلاج الطبيعي، لكنه ترك كل تلك المؤهلات وغير مساره واختار طريق الشهرة السريعة عبر الإعلام مدفوعا بنشوة التأثير الجماهيري من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وإعلانات تجارية على عدد من القنوات التي كان يظهر بها، مروجا ما يسمى بالطب البديل! قدم الدكتور جودة عواد نفسه في كل وسائل الإعلام التي ظهر بها؛ بأنه مصدرًا للعلاجات الطبيعية التي اعتبرها بدائل فعالة للأدوية الكيميائية مستخدما أساليب غير معتمدة علميًا وأخلاقيًا في التشخيص والعلاج دون اختبارها وفق الطرق العلمية أو نشر نتائجها في مجلات علمية معترف بها أو الحصول على ترخيص من الجهات الصحية المختصة. الدكتور جودة عواد الطبيب الذي كان يفترض أن يكون حارسًا لصحة الناس، فإذا به يتحول إلى مروج لوصفات شعبية يخلط فيها بين الأعشاب وسم النحل وبين العلم والدجل مستخدمًا شهرته على مواقع التواصل الاجتماعي لتسويق علاجات لا تستند إلى أي أساس علمي. وهنا رصدته الجهات المختصة في نقابة الأطباء ووزارة الصحة؛ حيث يستخدم الأعشاب كعلاج بديل وترويجه لمنتجات غير مصرح بها مستغلا شهرته على مواقع التواصل الاجتماعي في جذب شريحة واسعة من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي. مخالفات مهنية نقابة الأطباء التي رصدت كل الأخطاء والتجاوزات التي قدمها الدكتور جودة عواد خلال ظهوره على وسائل التواصل الاجتماعي وبعد تحقيقات مطولة أصدرت قرارها بوقفه عن مزاولة مهنة الطب لمدة عام، وجاء في القرار استعراض لخمسة خروقات لذلك الطبيب هي: الإخلال بكرامة الطبيب والمهنة فالتصرفات التي صدرت عنه لا تليق بطبيب بل تهدم الصورة التي يجب أن يتحلى بها ممارس المهنة من رصانة علمية وانضباط سلوكي. الخرق الثاني هو استخدام وسائل غير علمية ووصفات مجهولة وطرق غير موثقة لم تُختبر علميا أو تُعتمد من أي جهة طبية معترف بها، بل على العكس، اعتمد على تجارب شخصية وادعاءات مرسلة. الخرق الثالث الذي رصدته النقابة هو الإعلان والترويج للأدوية عبر الإنترنت وهو خرق صريح للقانونين رقم 151 لسنة 2019 و206 لسنة 2017 ما جعل الأمر لا يتوقف عند حد المخالفة المهنية بل يمتد إلى جريمة يعاقب عليها القانون. البند الرابع الذي شمله القرار في بيان خروقات ذلك الطبيب كان عبارة عن تحدثه في تخصصات غير مؤهل لها فمن الجراحة إلى المناعة مرورًا بالغدد والدماغ والتغذية حتى أصبح عواد كما قال قرار النقابة موسوعة طبية مزعومة دون أن يمتلك الحق أو المؤهل لذلك. والخرق الخامس كما وصفته نقابة الأطباء في قرارها؛ هو نشره وصفات تهدد الصحة العامة أبرزها استخدام زيت الزيتون لعلاج إفرازات الثدي وسم النحل لمرض الشلل الرعاش وخلط الأعشاب لعلاج السكر وهي نصائح لا تستند لأي دليل علمي وتعرّض حياة الناس للخطر. بعد قرار النقابة مباشرة تحركت وزارة الصحة ممثلة في إدارة العلاج الحر وقررت إغلاق مركزه المتخصص في التغذية العلاجية ومعمل التحاليل التابع له بمنطقة الأزبكية، والسبب في ذلك هو وجود مخالفات كبيرة للاشتراطات الصحية وضبط كميات ضخمة من الأدوية مجهولة المصدر، بعضها منتهي الصلاحية كانت تستخدم داخل المعمل. بعد تلك القرارات حاول الدكتور جودة عواد أن يدافع عن نفسه فقال:»إنه مظلوم وراجل غلبان بيكشف في مستشفيات خيرية ومعندوش عيادة والفيديوهات التي انتشرت له في وسائل إعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي مركبة وان الصوت ليس صوته، بل هو من عمل الذكاء الاصطناعي». لكن دفاعه هذا سقط أمام الحقائق والوثائق فالمقاطع التي استخدم فيها صوته وصورته واضحة وموثقة، وتكررت في أكثر من برنامج وقناة. والأسوأ أن معظمها كان يستخدم في إعلانات ترويجية لمنتجات يُزعم أنها تعالج أمراضا قاتلة، فمثلا في واحدة من أكثر تصريحاته إثارة للجدل ادعى أن «ملعقة حلبة تعادل عشر وحدات أنسولين» زوان الكزبرة تُخفض السكر من 400 إلى 200 ملجم وذلك دون أي سند علمي! كما زعم أن سم النحل يعالج الباركنسون بشكل أفضل من الأدوية التقليدية بل وصل به الأمر إلى اقتراح علاج للإيدز بحبة البركة والعسل خلال شهر واحد، الأخطر من ذلك هو تحريضه للمرضى على إيقاف الأدوية الموصوفة لهم من أطباء متخصصين وهذا يهدد حياتهم بالخطر إذا استمعوا لكلامه. نقابة الأطباء ردت على تلك المغالطات من خلال الدكتور مصطفى هاشم رئيس هيئة التأديب بالنقابة والذي قال: أن ما فعله الدكتور جودة عواد يمثل انحرافا واضحا عن القواعد المهنية وان الطبيب يجب أن يكون قدوة وأمينًا على كرامة المهنة والنقابة تتعامل بحزم مع أي خرق للآداب المهنية. استغلال وسائل الإعلام يقول الدكتور محسن سعيد استاذ الباطنة والمهتم بالشأن النقابي: إن قضية الدكتور جودة يجب أن تكون بداية حقيقية لفتح ملفات مشابهة ومراجعة الرقابة على المحتوى الطبي وتجريم الممارسات الطبية غير المرخصة خاصة أن هؤلاء الأطباء يستغلون وسائل الإعلام في الترويج لتلك المغالطات ولهذا يجب أن تشدد العقوبات على من يتلاعب بعقول الناس باسم الطب البديل. قرار إيقاف الدكتور جودة عواد عن مزاولة المهنة وإغلاق مركزه الطبي خطوة هامة في سبيل الحفاظ على صحة المواطنين وضمان تقديم رعاية طبية آمنة وفعالة. ولهذا يجب على جميع الأطباء الالتزام بالمعايير العلمية والأخلاقية وعدم الانسياق وراء الترويج لعلاجات غير معترف بها قد تضر بصحة المرضى. اقرأ أيضا: إحالة طبيب للتحقيق بعد تصريحات مسيئة عن مهنة التمريض