الخامس والعشرون من شهر أبريل، ذكرى تحرير سيناء، يوم استردت فيه مصر أرضها الغالية بعد انسحاب آخر جندى إسرائيلى منها وفقًا لمعاهدة كامب ديفيد، وفيه تم استرداد كامل أرض سيناء باستثناء مدينة طابا التى احتفينا قبل أسابيع بذكرى استعادتها بالتحكيم الدولي فى 15 مارس 1989، حيث اكتمل التحرير مع رفع العلم المصري على طابا، التى تعد آخر بقعة تم تحريرها من الأرض المصرية، وهذه الأيام نحتفل بعيد تحرير سيناء وأيضًا بتطهيرها من الإرهاب أبطال القوات المُسلحة والشرطة، وأهلها الأبرار، لتخرج شمال سيناء من الظلام إلى النور، وتشهد مدن العريش ورفح والشيخ زويد وكافة القطاعات، التعمير والتنمية والزراعة من جديد. ◄ اللواء فرج: سيناء عادت بعد عزلة طويلة بإقامة أنفاق «تحيا مصر» يؤكد الخبراء الاستراتيجيون، أن الاحتفال بذكرى تحرير سيناء، اختلف عن باقى الاعوام السابقة، ولاسيما بعدما سيطرت قواتنا المسلحة على كامل أرض سيناء، سألنا اللواء الدكتور سمير فرج، الخبير الاستراتيجى، مُدير إدارة الشئون المعنوية الأسبق: «ماذا لو لم يتم تحرير سيناء حتى اليوم ومازالت الجولان والضفة الغربية تحت الاحتلال منذ عام 1967؟»، فقال إن اتفاقية السلام، حددت سيناء بمناطق (أ) و(ب) و(ج)، فالأولى خاصة بالعمليات العسكرية، والثانية بتواجد قوات الأمن المركزى، أما المنطقة (ج) فهى منزوعة السلاح وفقا للاتفاقية، إلا أن الرئيس عبدالفتاح السيسى القائد الأعلى للقوات المسلحة قد نجح فى تواجد قواتنا المسلحة على كامل الأرض السيناوية من دون استثناء للمرة الأولى منذ عام 1967 وهو ما يعد انتصارا حققته مصر». أضاف، أن الرئيس الراحل أنور السادات كان صاحب قرار الحرب، وتم تحرير جزء، والرئيس محمد حسنى مبارك أدار معركة استرداد طابا قضائيا، والرئيس السيسى نجح فى تواجد القوات المسلحة بسيناء حتى خط الحدود، فتحققت السيادة الكاملة للقوات المسلحة المصرية على كامل أرض سيناء، وشدد على أن سيناء عادت بعد عزلة طويلة وذلك بإقامة أنفاق «تحيا مصر» أسفل المجرى الملاحى لقناة السويس والكبارى ومصانع الأسمنت والرخام وتنمية بحيرة البردويل، التى يتم تصدير منتجاتها إلى أوروبا الساعة العاشرة من صباح كل يوم، بخلاف توطين المواطن السيناوى ليصبح جزءا من كيان هذا المجتمع ضمن مخطط حتى العام الماضى 2024، ولا سيما بعد القضاء على الإرهاب ونحو 2000 من أنفاق التهريب والقضاء على مراكز قيادة الإرهاب. ◄ انتصار أكتوبر وقال اللواء على حفظى، مُحافظ شمال سيناء الأسبق، إنه عندما نتذكر 25 أبريل، لابد أن نتذكر ملحمة أكتوبر التى تعد من أعظم الملاحم التى قامت بها مصر فى التاريخ المعاصر، فهى تعطى دلالات واضحة عن الشرف والكرامة والعزة والتضحية والفداء والإخلاص، من أجل مصر والمحافظة على كل ذرة تراب من أرض مصر، أضاف: «المفارقة أن تحرير سيناء بمراحله الثلاث العسكرية والسياسية التفاوضية وأخيرا المرحلة الثالثة خاصة بالتحكيم استمرت جميعها نحو 22 عاما، وحرب العاشر من رمضان استمر 22 يوما، وهى الملحمة الثانية باستعادة شرف العسكرية المصرية، لتمثل الإعجاز والإنجاز والبراعة المصرية»، ووصف حفظى انتصار العاشر من رمضان ب«التاج» الذى أعاد عظمة مصر ومكانة الإنسان المصرى، وأصبح محل تقدير واحترام العالم كله. ◄ مذاق آخر يؤكد رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق، اللواء دكتور نصر سالم، أن لذكرى تحرير سيناء مذاقا آخر وشكلا مختلفا، وخاصة بعد القضاء على الإرهاب، لتعود أرض سيناء آمنة لكل المصريين بشكل عام ولأبنائها السيناويين خاصة، وقال إن حنكة القيادة السياسية وفكر الرئيس عبدالفتاح السيسي، بأن تتحول سيناء لمنطقة جذب سكانى من خلال البناء والتنمية والتعمير، لهو الأساس للتصدى لأية مطامع لهذه الأرض التى حباها الله بأنها أرض سلام، وهذا تكليف من المولى - عز وجل - وهو ما يلقى مسئولية على كل شعب مصر بأن يحفظوا البلاد آمنة لكل من يريد أن يدخلها، لتبقى سيناء درع مصر الشرقى التى أهداها الله - عز وجل - لمصر. ◄ نقطة فارقة من جانبه قال اللواء طيار دكتور هشام الحلبي مستشار بأكاديمية ناصر العسكرية للدراسات العليا، إن 25 أبريل يعتبر يوما مجيدا فى حياة المصريين مع اكتمال تحرير سيناء، بعد حرب 1973 وصولا إلى التحكيم باسترداد آخر شبر من طابا، مشيرًا إلى أن عودة الأرض كانت نقطة فارقة تماما وهى الأساس لعملية السلام، حتى تمكنا من كسر نظرية الحدود الآمنة خارج الحدود من موانع طبيعية وصناعية، وتم فرض السلام من جانب مصر من منطلق القوة، فرضته قوات مسلحة قوية وقادرة، وتحرك على إثره عملاً دبلوماسياً وسياسياً ناجحاً. ◄ تكليف وطني يقول اللواء محمد إبراهيم الدويري، عضو اللجنة القومية العليا لطابا، إن هذا التكليف الوطنى كان يُمثل بالنسبة لى وجميع أعضاء اللجنة القومية مسألة حياة أو موت، ولم يكن أمامنا سوى خيار واحد وهو أن تنتهى العملية التفاوضية بإعادة طابا إلى السيادة المصرية، وأن أى خيار غير ذلك ليس مطروحًا أو مقبولًا، موضحًا أن مصر تعاملت بكل الجدية مع مشكلة طابا منذ ظهورها عقب إتمام إسرائيل انسحابها النهائى من سيناء فى 25 إبريل 1982 دون الانسحاب من منطقة طابا التى تبلغ مساحتها حوالى 1200 متر، ومصر تعاملت مع القضية بأسلوب علمى وعملى متميز، من خلال تشكيل منظومة عمل متكاملة، وهى اللجنة القومية العليا لطابا التى ضمت ممثلين وخبراء من كافة مؤسسات الدولة المعنية، سواء من وزارة الخارجية أو القوات المسلحة أو المؤسسات القانونية والعلمية والأمنية مدعومة تماما من القيادة السياسية، وتحركت هذه المنظومة على المستويين الداخلى والخارجى من أجل الحصول على كافة الوثائق والحجج والخرائط والشهود التى تؤكد أحقية مصر فى طابا، وهو ما تحقق بالفعل، مؤكدًا أن المعركة التفاوضية مع الجانب الإسرائيلى كانت معركة قانونية وسياسية شديدة الشراسة، إلا أن أحد أهم التحديات التى واجهت عمل الوفد المصرى المفاوض تمثل فى كيفية التعامل والتغلب على المفاوض الإسرائيلى الذى يتمتع بالقدرة الفائقة على الجدل والحوار غير الموضوعى، والتركيز على الشكليات، ومحاولة إغراق المفاوض المصرى فى تفصيلات لا حصر لها من أجل الابتعاد عن تحقيق الهدف الرئيسى الذى تسعى إليه مصر. وأوضح أن المفاوض المصري كان واعيا ومدركا لتلك الأساليب الإسرائيلية، ونجح من خلال امتلاكه الحرفية والمصداقية والثقة بالله وبالنفس فى مواجهة المفاوض الإسرائيلى، وكسب هذه المعركة التفاوضية الطويلة فى النهاية بشكل أذهل المفاوض الإسرائيلى، والوسيط الأمريكى باعتباره راعى عملية السلام حتى تمت إحالة القضية إلى التحكيم، وكانت مصر حريصة أيضا على أن يسير التحكيم فى مسار محدد لا يبتعد عن الهدف المصرى النهائى، حيث نجحت الدولة المصرية فى أن تحدد فى عملية التحكيم السؤال الذى يجب على هيئة التحكيم أن تجيب عنه، والمتمثل فى تحديد مواقع علامات الحدود خاصة العلامة رقم 91 المتعلقة بطابا فقط، ودون التعرض بأى شكل من الأشكال إلى خط الحدود الثابت فى الخرائط والاتفاقات الدولية منذ عام 1906، وهو الخط الذى كانت تهدف إسرائيل إلى تعديله لصالحها، وكان الرفض المصرى واضحا وقاطعا بعدم قبول المساس بخط الحدود الدولى بأى حال من الأحوال.