span style="font-family:"Arial",sans-serif"د. محمد الشحات أبو ستيت span style="font-family:"Arial",sans-serif"تُعد أرض سيناء قطعةً فريدة من الأرض، تجتمع فيها القداسة التاريخية والجغرافية والروحية، وتُعد شاهدًا خالدًا على تجليات السماء في الأرض، ولم يكن اختيار وزارة الأوقاف لعنوان "الأرض المباركة" موضوعًا لخطبة الجمعة غدًا إلا امتدادًا لهذه القيمة المقدسة، وإحياءً للوعي بأهمية سيناء في التاريخ الديني والوطني، وترسيخًا لمكانتها في وجداننا. span style="font-family:"Arial",sans-serif"تأتي خطبة الجمعة لتُذَكِّر المصلين بمكانة سيناء في الكتب السماوية، فهي الأرض التي تجلى فيها الله سبحانه وتعالى لنبيه موسى عليه السلام، حيث نادى ربه من جانب الطور الأيمن، في البقعة المباركة من الشجرة، قال تعالى: ﴿فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَىٰ إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى﴾، فهي أرض قدّسها الله، وجعلها ميدانًا للوحي، ومسرحًا للتكليم، وملتقى للنبوات. span style="font-family:"Arial",sans-serif"وإلى جانب بعدها الروحي والديني، حملت سيناء مكانة وطنية عظيمة في وجدان المصريين، فقد كانت وما تزال درع الوطن الشرقي، وبوابة الأمن، وساحة الصمود والنصر، سطّر فيها أبطال مصر أروع ملاحم التضحية والفداء، من فوق رمالها، عبر جنودنا البواسل إلى النصر، واستردوا الأرض والكرامة، وكتبوا صفحات من المجد في تاريخ الوطن. span style="font-family:"Arial",sans-serif"ولم يكن غريبًا أن يُطلق على سيناء "أرض التجلي"، فقد جمعت بين قدسية السماء ومجد الأرض، بين الوحي والجهاد، بين الطور ورفرفات الملائكة، وبين دماء الشهداء الذين رووا ترابها الطاهر، ليظلّ مباركًا إلى يوم الدين. span style="font-family:"Arial",sans-serif"ويزداد شرف المكان حين يُقرَن بالنبوة والوحي، فقد أقسم الله في كتابه الكريم ب"طور سيناء" إشارة إلى جلال الموضع وعظمته، فقال سبحانه: ﴿وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ﴾، والقسم الإلهي لا يكون إلا بعظيم، مما يدل على مكانة سيناء في ميزان الشريعة والتاريخ. span style="font-family:"Arial",sans-serif"إن الحديث عن سيناء هو حديث عن القلب النابض لمصر، عن التاريخ الذي لا يُنسى، والجغرافيا التي لا تُبدَّل، وعن البركة التي لا تنقطع، وهي رسالة من وزارة الأوقاف إلى كل مصري: حافظوا على أرضكم، واستشعروا عظمتها، وازرعوا في قلوب أبنائكم أنكم من أهل الأرض المباركة. span style="font-family:"Arial",sans-serif"لقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى فضل أرض مصر وأهلها، حين قال: "إنكم ستفتحون أرضًا يُذكر فيها القيراط، فاستوصوا بأهلها خيرًا، فإن لهم ذمة ورحمًا" [رواه مسلم]، وفي هذا إشارة إلى عموم بركة أرض مصر، وسيناء في قلبها، باعتبارها موطن الأنبياء وملتقى الديانات. span style="font-family:"Arial",sans-serif"ولئن كانت سيناء أرض التجلي في الماضي، فهي اليوم أرض الصمود والبناء، وواجب كل مصري أن يدرك مسئولية الحفاظ عليها، وإعمارها، والدفاع عنها.