تعرف على أسعار الذهب اليوم السبت 10 مايو 2025    آخر تطورات الحرب بين الهند وباكستان| بدء مواجهات عسكرية جديدة    الرئيس السيسي: أشكر بوتين على كرم الضيافة وأهنئ الشعب الروسي بعيد النصر    اليوم.. محاكمة 9 متهمين بخلية "ولاية داعش الدلتا"    اليوم.. بدء الموجة ال 26 لإزالة التعديات على أراضي الدولة    «المضارين من قانون الإيجار القديم» توضح مطالبها من القانون الجديد (تفاصيل)    أسعار الخضروات والأسماك اليوم السبت 10 مايو بسوق العبور للجملة    تكريم مجدي يعقوب ورواد الطب بنقابة الأطباء اليوم    جداول امتحانات الترم الثاني 2025 في محافظة سوهاج لجميع المراحل الدراسية    مسيرات باكستانية تحلق في سماء نيودلهي وسط تصاعد التوترات    مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة.. ظهور مرموش ومدرب الأهلي المحتمل    45 دقيقة تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. السبت 10 مايو 2025    «احذر الخروج في هذه الأوقات».. الأرصاد تُصدر نشرة طقس عاجلة اليوم السبت 10 مايو 2025    "جميعها حالات اختناق".. إصابة 11 جراء حريق قويسنا بالمنوفية (صور)    حبس لص المساكن بالخليفة    الصحة تكشف 7 فوائد للاهتمام بالحالة النفسية للأطفال    بعد 8 ساعات.. السيطرة على حريق شونة الكتان بشبرا ملس    نشرة التوك شو| البترول تعلق على أزمة البنزين المغشوش.. وتفاصيل جديدة في أزمة بوسي شلبي    الرئيس السيسي يعود إلى مصر بعد حضوره احتفالات عيد النصر بموسكو    طحالب خضراء تسد الفجوة بنسبة 15%| «الكلوريلا».. مستقبل إنتاج الأعلاف    كلبشت في إيده وعايزة تحضنه، مقطع الفيديو الذي تسبب في طلاق أردنية بسبب راغب علامة    مدير مدرسة السلام في واقعة الاعتداء: «الخناقة حصلت بين الناس اللي شغالين عندي وأولياء الأمور»    الشعب الجمهوري بالمنيا ينظم احتفالية كبرى لتكريم الأمهات المثاليات.. صور    برلمانية: 100 ألف ريال غرامة الذهاب للحج بدون تأشيرة    شعبة الأجهزة الكهربائية: المعلومات أحد التحديات التي تواجه صغار المصنعين    طريقة عمل الخبيزة، أكلة شعبية لذيذة وسهلة التحضير    الهند تستهدف 3 قواعد جوية باكستانية بصواريخ دقيقة    استشهاد قائد كتيبة جنين في نابلس واقتحامات تطال رام الله    هل تجوز صلاة الرجل ب"الفانلة" بسبب ارتفاع الحرارة؟.. الإفتاء توضح    الترسانة يواجه «وي» في افتتاح مباريات الجولة ال 35 بدوري المحترفين    عقب الفوز على بيراميدز.. رئيس البنك الأهلي: نريد تأمين المركز الرابع    زعيم كوريا الشمالية: مشاركتنا في الحرب الروسية الأوكرانية مبررة    «زي النهارده».. وفاة الفنانة هالة فؤاد 10 مايو 1993    ملك أحمد زاهر تشارك الجمهور صورًا مع عائلتها.. وتوجه رسالة لشقيقتها ليلى    «زي النهارده».. وفاة الأديب والمفكر مصطفى صادق الرافعي 10 مايو 1937    تكريم منى زكي كأفضل ممثلة بمهرجان المركز الكاثوليكي للسينما    «صحة القاهرة» تكثف الاستعدادات لاعتماد وحداتها الطبية من «GAHAR»    عباسى يقود "فتاة الآرل" على أنغام السيمفونى بالأوبرا    تعرف على منافس منتخب مصر في ربع نهائي كأس أمم أفريقيا للشباب    «بنسبة 90%».. إبراهيم فايق يكشف مدرب الأهلي الجديد    رايو فاليكانو يحقق فوزا ثمينا أمام لاس بالماس بالدوري الإسباني    ستاندرد آند بورز تُبقي على التصنيف الائتماني لإسرائيل مع نظرة مستقبلية سلبية    حدث في منتصف الليل| ننشر تفاصيل لقاء الرئيس السيسي ونظيره الروسي.. والعمل تعلن عن وظائف جديدة    بسبب عقب سيجارة.. نفوق 110 رأس أغنام في حريق حظيرة ومزرعة بالمنيا    يسرا عن أزمة بوسي شلبي: «لحد آخر يوم في عمره كانت زوجته على سُنة الله ورسوله»    انطلاق مهرجان المسرح العالمي «دورة الأساتذة» بمعهد الفنون المسرحية| فيديو    جامعة القاهرة تكرّم رئيس المحكمة الدستورية العليا تقديرًا لمسيرته القضائية    أمين الفتوى: طواف الوداع سنة.. والحج صحيح دون فدية لمن تركه لعذر (فيديو)    عمرو أديب بعد هزيمة بيراميدز: البنك الأهلي أحسن بنك في مصر.. والزمالك ظالم وليس مظلومًا    هيثم فاروق يكشف عيب خطير في نجم الزمالك.. ويؤكد: «الأهداف الأخيرة بسببه»    البترول: تلقينا 681 شكوى ليست جميعها مرتبطة بالبنزين.. وسنعلن النتائج بشفافية    متابعة للأداء وتوجيهات تطويرية جديدة.. النائب العام يلتقي أعضاء وموظفي نيابة استئناف المنصورة    «لماذا الجبن مع البطيخ؟».. «العلم» يكشف سر هذا الثنائي المدهش لعشاقه    ما حكم من ترك طواف الوداع في الحج؟.. أمين الفتوى يوضح (فيديو)    خطيب الجامع الأزهر: الحديث بغير علم في أمور الدين تجرُؤ واستخفاف يقود للفتنة    هل يجوز الحج عن الوالدين؟ الإفتاء تُجيب    ضبط تشكيل عصابي انتحلوا صفة لسرقة المواطنين بعين شمس    البابا لاون الرابع عشر في قداس احتفالي: "رنموا للرب ترنيمة جديدة لأنه صنع العجائب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



59 ألف محضر فى عام.. والصناعة الوطنية تشكو من الإغراق ..الحكومة تتصدى لأباطرة التهريب
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 17 - 04 - 2025

أعداد محاضر التهرب الجمركى ضخمة، وتثير الفزع، فقد وصلت العام الماضى إلى (58.8 ألف محضر) والمبالغ التى تم تحصيلها تقترب من ال5 مليارات جنيه (4.84 مليار جنيه)، لكن الخسارة ليست فى الإيرادات الجمركية فقط، ولكن التهرب الجمركى بمثابة معول للإضرار بالصناعات المحلية، فضلاً عن آثاره المدمرة الأخرى على الأسواق والمستهلكين.. ملف التهرب الجمركى تم وضعه على طاولة رئيس الوزراء، والذى طالب بدوره بوضع تصور موحد للضوابط الواجب اتخاذها لمواجهة الظاهرة ، خاصة بعد شكاوى المصنعين المحليين من السلع المهربة بالأسواق وتأثيرها السلبى على مصانعهم، واقترح وزيرا المالية والاستثمار عدداً من الإجراءات لتطبيقها فى الموانى، أو الجمارك..«الأخبار» فى هذا التحقيق تستعرض الجهود الحكومية للتصدى لظاهرة التهريب.. وتناقش خبراء الاقتصاد حول الظاهرة وتأثيراتها على الصناعة الوطنية والأدوات الفعالة لضبطها.
الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء عقد مؤخراً اجتماعا مهما، لاستعراض إجراءات إصلاح المنظومة الجمركية والحد من التهريب،بحضور: الفريق مهندس كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية، وأحمد كجوك، وزير المالية، وشريف الكيلاني، نائب وزير المالية للسياسات الضريبية والمُشرف على مصلحة الجمارك، وعددٍ آخر من المسئولين.
رئيس الوزراء أكد الاهتمام الذى توليه الحكومة لملف تطوير المنظومة الجمركية كخطوة ضرورية لتعزيز تنافسية الصادرات الوطنية، وتحسين بيئة الأعمال.
وخلال الاجتماع، عرض أحمد كجوك، وزير المالية، أهم الإجراءات التى تشملها خطة إصلاح المنظومة الجمركية والحد من التهريب، وتحديد الجهات المُنوطة بالتنفيذ، وكذا الإطار الزمنى لتنفيذ كُل إجراء، والإجراءات التى تتطلب صدور تعديلاتٍ تشريعية.
وأوضح: أن خطة الإصلاح تضمنت إجراءات ينطوى بعضها على تيسيرات وحوافز منها تقسيط الضريبة الجمركية لمستلزمات الإنتاج، وتيسير وتسهيل نظام التخليص المُسبق، ومنح ميزة التخليص الجمركى بمقر العميل للشركات المُدرجة بالقائمة البيضاء والمُنضمة للمشغل الاقتصادي، إلى جانب خفض معدلات زمن الإفراج الجمركي، وإنشاء دليل إجراءات استرشادى للمتعاملين مع الجمارك، فضلاً عن السماح بقبول المدفوعات إلكترونياً، وكذا السماح للشركات بإنشاء مراكز خدمات لوجيستية بهدف تعزيز تجارة الترانزيت.
وأضاف وزير المالية: أن الإجراءات تضمنت كذلك: خطوات لضبط المنظومة الجمركية، منها: حوكمة آليات تأمين ومتابعة حركة البضائع والشُحنات، ومراجعة الفئات الواردة بالتعريفة الجمركية وخاصة للسلع والقطاعات الصناعية المُستهدفة، وتدريب العاملين بمصلحة الجمارك ورفع قدراتهم الفنية وإعادة تدوير العاملين داخل المنافذ الجمركية.
وتطرق إلى عددٍ من الضوابط المُقترحة بهدف الحد من التهريب بالمنافذ المختلفة، وتناول أيضاً حزمة الإجراءات المُقترحة للتطوير الإلكترونى للمنظومة الجُمركية لسد ثغرات التهريب الجمركي.
بدورها، عرضت الدكتورة أمانى الوصال، المدير التنفيذى لصندوق تنمية الصادرات، أهم الإجراءات المُقترحة من جانب وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية للحد من التهريب، والجهة القائمة بتنفيذ كل إجراء، حيث تضمنت عدة إجراءات تستهدف، تشديد الإجراءات المُطبقة بالمنافذ الجمركية لضبط أية محاولات تهريب، ومتابعة التصرف فى الرسائل التى يتم الإفراج عنها.
اقرأ أيضًا | جمارك مطار القاهرة تحرر 57 محضر تهرب وضبط جمركي خلال نوفمبر
رؤية الخبراء
قال النائب محمد سعد، عضو لجنة الصناعة بمجلس النواب: إن التهرب الجمركى يشكل تحدياً كبيراً للصناعة الوطنية، حيث يؤدى إلى دخول منتجات مهربة أرخص، تنافس المنتجات المصرية المُنتجة داخل مصانع مكلفة تشغل عمالة ماهرة وتتحمل تكاليف الضرائب والكهرباء.. وأوضح: أن هذا الوضع يحرم الدولة من دعم الاقتصاد المحلي، ويُضعف القدرة التنافسية للمنتج الوطني.. وأكد النائب على ضرورة اتخاذ إجراءاتٍ حاسمة، منها: فرض رقابة صارمة على كافة المنافذ الجمركية، بحيث تُشترط لكل المنتجات القادمة من الخارج الحصول على شهادة منشأ تُظهر تفاصيل عملية التصنيع وتثبت أن المُنتج قد تم تصنيعه وفق معايير محددة، وهو إجراء اعتُمد حتى فى الأسواق الأوروبية، حيث يُرافق كل شحنة وثائق تثبت بلد المنشأ.
توثيق الفواتير
وأشار محمد سعد إلى ضرورة الحفاظ على توثيق الفواتير الصادرة مع المنتجات المُستوردة، بحيث تُظهر بوضوح بلد المنشأ، ويُضاف إليها توثيق رسمى من السفارة المصرية والغرفة التجارية فى البلد المصدر.
وأكد أن مثل هذه الإجراءات ستساهم فى تقليل فرص تداول المنتجات المتهربة التى تفتقر إلى هوية واضحة وتدخل السوق بأسعار أقل من المنتجات المصرية.
وأوضح النائب: أن فرض الجمارك والضرائب على المنتجات الواردة بشكل رسمى يؤدى إلى زيادة تكلفتها، مما يجعل المنتج المصرى منافساً من حيث السعر.
وفى هذا السياق، دعا إلى تقديم تسهيلاتٍ للمصانع المحلية لتعزيز قدرتها التنافسية، مثل تسهيل فتح الاعتمادات المستندية الخاصة بالمواد الخام.
كما شدد على ضرورة فتح ملف المصانع المتعثرة والعمل على إيجاد حلول مشتركة بالتعاون مع البنك المركزى والصناعة والمالية، لمساعدة هذه المصانع على التغلب على مشاكل نقص السيولة والتأثر بعبء الضرائب، مما سيُمكّنها من الوقوف على قدميها مجددًا.
وأشار النائب إلى أن التهرب الجمركى لا يضر فقط بالصناعة، بل يؤثر سلباً على الاقتصاد المصرى والعاملين فى المصانع الرسمية الذين يتمتعون بحماية التأمينات الاجتماعية.
ودعا إلى النظر فى إمكانية فرض رسوم إغراق على المنتجات المُستوردة التى تتمتع بتكلفة أقل، بهدف الحفاظ على التوازن التنافسى للصناعة الوطنية.
إخلال بالمنافسة
أكدت النائبة دعاء عريبي، عضو مجلس النواب وعضو لجنة الصناعة أن التهرب الجمركى يؤدى إلى تشويه المنافسة بين المنتجات المحلية والمُستوردة.
وأوضحت: أن دخول سلع مهربة بأسعار منخفضة يُضعف الصناعات الوطنية الملتزمة بدفع التعريفات الجمركية والضرائب، مما يُفقد الدولة عائدات مالية مهمة يمكن استثمارها فى دعم البنية التحتية وتحفيز الصناعات المحلية.
وأشارت إلى أن هذه الممارسات تؤثر سلبًا على القدرة التنافسية للمنتجات المحلية.
مكافحة التهرب
وطرحت عريبى مجموعة من الأدوات والإجراءات للحد من التهرب الجمركي، من بينها:-
استخدام التكنولوجيا الحديثة، بحيث يتم توظيف أنظمة الذكاء الاصطناعى والتعلم الآلى لتحليل البيانات والتنبؤ بمحاولات التهرب.
وتعزيز المراقبة الإلكترونية، بحيث يتم تركيب كاميرات وأجهزة كشف متطورة فى المنافذ الحدودية والموانئ.
تشديد العقوبات وتعديل القوانين بما يتماشى مع الأساليب الجديدة للتهريب.
وتعزيز التنسيق بين الأجهزة الأمنية، والجمارك، والدوائر القضائية لتبادل المعلومات.
وتحديث البنية التحتية الجمركية لمواكبة تحديات التهرب، وذلك عبر تدريب كوادر الجمارك ورفع كفاءاتهم الفنية. واستخدام أنظمة مراقبة متطورة، مثل: التعقب الرقمى والفحص العشوائى الآلى، وتحليل البيانات الجمركية للتعرف على الأنماط المشبوهة ومراقبة سلوكيات التهريب.
وشددت عريبى على ضرورة تقديم حوافز مالية وضريبية لدعم الشركات المحلية وتحفيزها على تحسين الإنتاجية.
كما دعت إلى تحسين بيئة الأعمال عبر تبسيط الإجراءات الإدارية وتطوير البنية التحتية لتسهيل عمليات الإنتاج والتوزيع، مما يساهم فى زيادة القدرة التنافسية للمنتجات الوطنية.
ودعت النائبة إلى الاستثمار فى البحث والتطوير لدعم الابتكار وتحسين جودة المنتجات المحلية، والتعاون مع الجامعات والمعاهد التقنية لنقل التكنولوجيا وتطوير الكفاءات.
وأشارت إلى أهمية اعتماد معايير الجودة الدولية لجذب ثقة المستهلكين وتعزيز تنافسية المنتجات فى الأسواق العالمية.
كما لفتت إلى أهمية التعاون الدولى لمكافحة التهريب عبر إنشاء آليات تبادل معلومات بين الدول وتنسيق الإجراءات الجمركية من خلال اتفاقيات ثنائية ومتعددة الأطراف، إضافة إلى تنظيم ورش عمل وبرامج تدريب مشتركة لتعزيز قدرات الأجهزة الأمنية والجمركية.
(تعديل تشريعي)
وأكدت على أن الإطار القانونى الحالى لا يكفى لمواجهة أساليب التهرب المتطورة، مما يستدعى إدخال تعديلات قانونية تُغلق الثغرات وتشدد العقوبات لتحقيق مكافحة فعالة للتهريب، مع تعزيز الحوكمة والشفافية لضمان التنفيذ الفعّال لهذه القوانين.
أبعاد سلبية عديدة
د.ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد وخبير التنمية المستدامة، أكد أن التهريب ليس مجرد إدخال بضائع إلى السوق بطرق مخالفة للقانون، بل ظاهرة تشوبها العديد من الأبعاد السلبية على المستويين المالى والنوعي.
ويعرّف التهريب على أنه إدخال بضائع إلى السوق المصرى بطرق غير مشروعة، لا تخضع للإجراءات الرسمية التى تحمى المستهلك وتُحقق للدولة إيراداتٍ من الضرائب والرسوم الجمركية، مما يصيب الإيرادات الحكومية بالخسارة.
ويشير إلى أن غياب الرقابة على هذه السلع يؤدى إلى انتشار منتجات رديئة الجودة داخل السوق لا تخضع للفحص اللازم الذى يضمن صلاحيتها ، مما يشكل خطرًا على المستهلكين وانعدام الثقة فى السوق المحلي.
وأضاف: بعض المنتجات قد تكون ذات جودة منخفضة وربما تشكل خطرًا على المستهلكين، كما يتضح فى حالة قطع غيار السيارات المهربة الرديئة، والتى ينتج بسببها حوادث ومن ثم استهلاك موارد إضافية لمعالجة الآثار الناجمة عن استخدامها.
ويشير إلى الأثر المباشر للبضائع المُهربة على المنافسة العادلة فى السوق، مع البضائع التى يتم إدخالها بطرق قانونية، حيث يدفع الآخرون الرسوم والضرائب المُستحقة والتى تزيد من تكلفة الإنتاج.
«منافسة مشوهة لا تقف عند هذا الحد»، كما يقول د.عبد العظيم، بل تمتد لتؤثر سلبياً على الصناعات المحلية التى تسعى الدولة إلى تنميتها (متوسطة أو صغيرة أو حتى متناهية الصغر) والتى تتعرض لتضرر كبير عندما تجتاح السوق بضائع مهربة بأسعار منخفضة.
ويطالب الدكتور ماجد عبد العظيم، بفرض عقوبات رادعة على المخالفين، تبدأ بمصادرة البضائع، وغرامات مالية ثقيلة على كل من يثبت تورطه فى التهريب أو التواطؤ مع المخالفين، وضرورة تطبيق هذه العقوبات بشكل سريع وشفاف.
تطبيق القوانين
وأوضح عبد العظيم: أن ضبط الظاهرة لا يقتصر على تشديد العقوبات، بل يتطلب إنشاء منظومة متكاملة من القواعد والحوكمة تضمن مراقبة جميع مراحل دخول البضائع إلى السوق المحلي، وتطوير آليات متابعة دقيقة لكل خطوة من خطوات عملية الاستيراد والتصدير، بحيث تتوافر قواعد صارمة تضمن فحص المنتجات والتأكد من جودتها وسلامتها قبل دخولها السوق المصري، مشيراً إلى أن العمل على هذه المنظومة يتطلب تضافر جهود الجهات الحكومية المختصة مع دعم القطاع الخاص، بما يضمن وجود رقابة فعالة ومستدامة تردع المخالفين، مما يساهم فى دعم الصناعات المحلية وخلق فرص عمل جديدة، إضافة إلى حماية المستهلكين من المخاطر الناجمة عن المنتجات غير المضمونة.
ويرى د.عبد العظيم: أنه يجب تكثيف حملات التوعية بين المستهلكين حول مخاطر استخدام السلع المُهربة، وتعزيز التعاون مع الجهات الدولية لمكافحة التهريب، خاصة وأن هذه الظاهرة غالبًا ما تكون مرتبطة بشبكات عالمية تتجاوز الحدود الوطنية.
شحنات شخصية
من جانبه صرح د. بدوى إبراهيم الخبير الاقتصادى بأن الأرقام المتعلقة بضبطيات الجمارك قد تبدو كبيرة من حيث العدد، إلا أنها فى مضمونها تفتقر إلى العمق الاقتصادى اللازم للتأثير على السوق المحلي.
وأشار إلى أن غالبية الحالات المُسجلة لا ترتبط بعمليات تهريب ضخمة تؤثر على قطاع الصناعة، وإنما تتعلق بمخالفات مستندية أو شحنات شخصية لا تحمل تأثيرًا سلبيًا على الاقتصاد الوطني.
وأوضح بدوي: أن العديد من حالات ضبط الجمارك تتعلق بإدخال بضائع لأغراض شخصية، حيث يقوم المخالفون بإدخال عناصر لا تتجاوز احتياجات الاستهلاك الشخصي، مما يجعلها غير مؤثرة على سوق السلع المحلية.
وأكد أن الربط المباشر بين أرقام ضبط الجمارك والتأثير على الصناعة المُعدلة يحتاج إلى تحليل دقيق للأسواق والفئات المنتجاتية، فليس كل عملية ضبط تُعَدّ شكلاً من أشكال التهريب الذى يضر بالإنتاج المحلي.
وأشار الخبير إلى ضرورة دراسة الأصناف المُهربة لتحديد ما إذا كان لها بديل محلى أم لا، مشددًا على أن التهريب يصبح قضية حقيقية عندما يكون البديل المحلى غير قادر على منافسة الجودة أو السعر.
وأكد أن تكاليف التهريب قد تكون مرتفعة، مما يفتح المجال أمام البديل المحلى لتعويض الفارق فى الأسعار، إذ أن الموردين المحليين يتمتعون بكفاءة عالية وأسعار تنافسية .
وأوضح أن دعم الدولة للمشروعات المحلية من خلال تخفيف الإجراءات الإدارية ومنح تسهيلات ضريبية وتوفير المواد الخام بأسعار مناسبة يُعتبر خطوة استراتيجية لدعم الاقتصاد الوطنى والحد من جرائم التهريب.
على سبيل المثال تم ضبط شحنة صغيرة مع شخص تتضمن عشرة هواتف محمولة، رغم أنه من الواضح أن هذا الاستيراد كان شخصيًا ولا يُترجم إلى نشاط تجارى يهدد الصناعة.
وأضاف: «على مدار أكثر من ثلاثين عاماً من العمل فى الجمارك، لم أشاهد أرقاماً مرعبة تدل على وقوع عمليات تهريب ضخمة تؤثر سلبًا على منتجاتنا المحلية، مما يجعل الربط بين الظاهرة والتأثير الاقتصادى على قطاع الصناعة المحلى أمراً مضللًا.»
وفى حال كانت الحالات المُسجلة تتعلق بسلع تتوافر محليًا بكميات كبيرة وبجودة مقبولة، وبالتالى فإن التأثير على السوق يكون محدودًا ولا يستدعى اتخاذ إجراءات صارمة فى سياق حماية الصناعة الوطنية.
وشدد د. بدوى على أن التخفيف من ظاهرة التهريب لا يمكن تحقيقه فقط عبر العقوبات والتشريعات، بل يجب العمل على تعزيز البدائل المحلية لها.
واستشهد بتصريحات الدكتور يوسف بطرس غالى الذى أوضح منذ عقود أن التهريب يستمر فقط إذا كانت تكلفته أقل من تكلفة الحصول على السلع بنفس الطريقة الرسمية.
فعندما يوفر البديل المحلى منتجًا عالى الجودة وبأسعار منافسة، يفقد المهربون دافعهم للمجازفة بخسارة الأموال فى السوق المصري.
وفى سياق متصل، أشار الخبير الاقتصادى إلى ضرورة تبسيط الإجراءات الجمركية المتعلقة بالإفراج عن المستلزمات والمواد الخام والخدمات اللوجستية، حيث إن العمليات الإدارية الزائدة تُضيف تكاليف إضافية تؤدى إلى تراجع القدرة التنافسية للمنتجات الرسمية مقارنة بالسلع المُهربة.
وأكد أن الاستفادة من الأنظمة الرقمية والبيانات المُسجلة للشركات يمكن أن تتيح تسهيل الإجراءات دون الحاجة إلى إعادة تقديم نفس المستندات باستمرار، مما يقلل من الفروق السعرية التى يستغلها المخالفون.. ودعا الجهات المعنية إلى تبنى استراتيجية شاملة تجمع بين تشديد الرقابة الجمركية ودعم الصناعة المحلية، مؤكدًا أن السياسة المُثلى ليست فقط فى فرض العقوبات، وإنما فى إقامة نظام إدارة متكامل يضمن توازنًا بين حماية المستهلك وتعزيز الإنتاج الوطني.
الصحة العامة
من جانبه أكد الدكتور مصطفى بدرة، الخبير الاقتصادي: أن التهرب الجمركى يُعدّ من أبرز التحديات التى تواجه الاقتصاد المصري، مشيرًا إلى وجود عدة أشكال لهذه الظاهرة، أبرزها: دخول البضائع من دون المرور عبر المنافذ الجمركية، عدم دفع الرسوم الجمركية المُستحقة، بالإضافة إلى التجارة ضمن الاقتصاد الموازى الذى لا يتم تسجيله ضمن النظام الرسمى للدولة.
وأوضح د. بدرة: أن التهرب الجمركى له تأثيرات سلبية متعددة على الاقتصاد الوطني، أبرزها: نقص الإيرادات الجمركية التى تُعدّ مصدرًا رئيسيًا لدعم الموازنة العامة للدولة.
وأضاف: التهرب الجمركى لا يقتصر على تأثيره المالى فقط، بل يمتد ليشمل آثارًا أخرى تتعلق بالصحة العامة والاقتصاد الموازي.
إذ قد تُسهم بعض البضائع المُهربة فى إدخال سلع ذات جودة رديئة أو غير مطابقة للمعايير الصحية، مما يُعرض المواطنين للأمراض والمخاطر الصحية..
وأشار أيضًا إلى أن الاقتصاد الموازى الناتج عن التهرب الجمركى يُضعف قدرة الدولة على التخطيط الاستراتيجى بسبب نقص البيانات الدقيقة حول حركة الأسواق.. وشدد د. بدرة على أهمية وجود استراتيجيات فعّالة لمكافحة التهرب الجمركي، تتضمن: التنسيق بين وزارة المالية، ووزارة التموين، ووزارة الداخلية، وجهاز حماية المستهلك.. وأكد على أهمية تطوير آليات رقابية شاملة، مثل: الفاتورة الإلكترونية، لتعزيز شفافية العمليات التجارية وضمان حصول الدولة على حقوقها الجمركية.. وأشار إلى أهمية اتخاذ خطوات تشريعية وتنفيذية، من خلال إنشاء لجان رقابية متخصصة لمتابعة التجارة الإلكترونية التى تشهد نموًا كبيرًا فى الفترة الأخيرة.
تعزيز الاقتصاد
وطرح د. بدرة روشتة علاجية للحد من التهرب الجمركي، مؤكدًا أن الحل يبدأ بتعزيز المنتج المحلي، وتوفير بدائل محلية ذات جودة عالية وأسعار تنافسية يمكن أن يُقلل من جاذبية السلع المُهربة.
وأكد أن التسهيلات الحكومية لتطوير الصناعة الوطنية تُعدّ أداة فعّالة فى تحقيق هذا الهدف، مثل: تسهيل إجراءات الإفراج الجمركى عن المواد الخام والمستلزمات، وتقليل التكاليف الإدارية التى تُثقل كاهل المنتجين.
وأشار إلى أن خفض تكاليف الإنتاج ودعم الصناعات المحلية من شأنه تحسين تنافسية المنتجات المصرية فى الأسواق، مما يُقلل من رغبة المستوردين فى اللجوء إلى طرق غير شرعية لإدخال السلع الأجنبية، مشيراً إلى أهمية توظيف التكنولوجيا الحديثة لتعزيز مراقبة حركة السلع وضمان تطبيق القوانين بشكل فعّال.
واختتم د. بدرة حديثه قائلاً: «التهرب الجمركى يُعدّ تحديًا كبيرًا يواجه الاقتصاد المصري، مشددًا على أن مكافحته تتطلب تطبيق استراتيجيات طويلة الأمد تشمل: تطوير الصناعة المحلية، تبسيط الإجراءات الجمركية، وتعزيز التعاون بين الأجهزة الحكومية، والتزام الدولة بخطوات تسهم فى تقليص الفجوة الاقتصادية وتحقيق العدالة فى السوق المحلي، مما يدعم الاستقرار الاقتصادى ويُعزز الإيرادات العامة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.