مع استمرار الحرب الإسرائيلية الغاشمة على قطاع غزة والتي كان أبرز فصولها هذا الأسبوع عند استهداف مستشفى المعمداني، وهو المؤسسة الصحية الوحيدة داخل القطاع التى مازالت تقوم بدورها لإنقاذ المرضى والمصابين، وذلك بالتزامن مع جهود يبذلها الوسطاء للوصول إلى اتفاق هدنة أو وقف نهائي لإطلاق النار، تبرز تساؤلات عديدة حول طبيعة الدور المستقبلى للمقاومة الفلسطينية؟ وما الذى يمكن أن تقدمه فى الوقت الحالى للوصول إلى حالة التهدئة وإنهاء الصراع المستمر منذ السابع من أكتوبر؟ وكيف يمكن أن تحقق الفصائل الفلسطينية وحدة غابت عنها طيلة السنوات الماضية ومنحت المبررات للاحتلال من أجل التمادي في جرائمه؟ وتزامنًا مع إعلان حركة حماس إرسال وفدها المفاوض إلى مصر للمتابعة مع الوسطاء فى إطار مواصلة جهود التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، أعلنت الفصائل الفلسطينية فى قطاع غزة، الأحد، إطلاق رشقة صاروخية باتجاه غلاف غزة المحتل، وعلى إثر ذلك دوت صافرات الإنذار فى عدد من المناطق المحتلة من قبل إسرائيل، فيما قالت هيئة البث الإسرائيلية إن الدفاعات الجوية اعترضت صاروخا أطلق من قطاع غزة دون تسجيل إصابات، وذلك بعد ساعات من استهداف المستشفى المعمداني. وقالت حماس فى بيان لها، «إنها تتعامل بإيجابية مع أى مقترحات تضمن وقفًا دائمًا لإطلاق النار وانسحابا كاملا للاحتلال من غزة، والتوصل إلى صفقة جادة»، مشيرة إلى أن إرسال الوفد جاء «تلبية لدعوة الأشقاء فى جمهورية مصر العربية، حيث سيتم الاجتماع والمتابعة مع الأخوة الوسطاء من قطر ومصر، فى إطار مواصلة الجهود والمساعى الهادفة إلى التوصل لاتفاق ووقف العدوان الصهيونى على شعبنا». ◄ إدارة مُستقلة ويُشى موقف الحركة بأنها أعادت الكثير من حساباتها بعد أن مرت بالكثير من الاختبارات والمحطات منذ اندلاع حرب السابع من أكتوبر، وأن الانفتاح على جهود من شأنها إنهاء حكم الحركة فى القطاع والاتجاه نحو تدشين إدارة مستقلة تمهد الطريق لتسليم السلطة الفلسطينية يشى بأنها أدركت بأن هناك متغيرات يمكن معها تراجع فكرة المقاومة المسلحة الهجومية، بخاصة إذا كان الحديث عن وقف كامل لإطلاق النار وليس مجرد هدنة من الممكن أن تستأنف إسرائيل بعدها القتال، بخاصة فى ظل توغل الاحتلال مجددا فى قطاع غزة وعمله على فصل مناطق منه وتسميتها بمناطق عازلة أمنية. ولابد أن تدرك المقاومة الفلسطينية التي كانت تراهن من قبل على أن العمل المسلح يمكن أن يقود لاستنفار ما تسميه حماس وحلفاؤها ب«وحدة الساحات» لن يكون حاضرا بشكله التقليدى فى المستقبل، فى ظل الضربات القوية التى تلقاها حزب الله فى لبنان ومع توالى الضربات على الحوثيين فى اليمن وكذلك سقوط النظام فى سوريا، إلى جانب انخراط إيران ذاتها فى مفاوضات مع الولاياتالمتحدة لتجنب الصراع العسكرى معها. ويمكن للمقاومة الفلسطينية أن تقيس ما توصل إليه حزب الله من اتفاق مع إسرائيل، إذ وقّع في شهر أكتوبر الماضي اتفاقاً بموجبه وافق على بنود تجعل التسليح والعمل المسلح محصورا بيد الدولة اللبنانية مع تفكيك المنشآت غير المرخصة، التى تعمل في إنتاج الأسلحة وملحقاتها، وكذلك فإن باقى الفصائل الممثلة في السلطة الفلسطينية سيكون عليها إعادة تفعيل العمل الوطنى مع حماس وإعادة تفعيل المجلس الوطني الفلسطيني وتفعيل ما جرى التوصل إليه من تفاهمات سابقة فى اللقاءات التى جعت الفصائل في القاهرة أو بكين أو الجزائر. ◄ اقرأ أيضًا | القاهرة الإخبارية: غارة للاحتلال استهدفت مجمع ناصر الطبي في خان يونس ◄ أنور: إسرائيل فشلت فى نزع سلاح المقاومة ◄ مرونة وحكمة وقال الدكتور أحمد فؤاد أنور أستاذ اللغة العبرية بجامعة الإسكندرية، إن المقاومة الفلسطينية فى الوقت الحالى مطالبة بمرونة مطلوبة وحكمة واجبة للمساهمة فى إنهاء معاناة المدنيين ولكن فى جميع الأحوال هناك ضوابط لابد أن تحافظ عيها بما فى ذلك مسألة سلاحها، إذ إن انسحاب المقاومة من لبنان كان مقدمة لمذبحة صبرة وشاتيلا، ولا يمكن نزع سلاح المقاومة مع وجود الاحتلال الذى يمارس نفس الضغوط والتجويع والتهجير فى الضفة الغربية والقدس الشرقية، وهى أماكن لا يوجد فيها مقاومة بعكس قطاع غزة، وكذلك الوضع فى سوريا فى ظل التمدد الإسرائيلى حاليا ما يشير إلى حالة نهم تتطلب وجود مقاومة للتعامل معها. أضاف أن المقاومة التزمت بالهدنة فى الوقت الذى انتهكتها فيه إسرائيل وحدث ذلك أيضا فى لبنان رغم التنازلات التى قدمها حزب الله، كما أن إسرائيل لم تلتزم بوقف إطلاق النار والذى كان ينص على انسحابها من محور فيلادلفيا الذى مازالت تتواجد فيه إلى الآن، وبالتالى فإن مطالبتنا للمقاومة بإبداء مرونة لا يجب أن يتجاوز ذلك التعدى على الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني، وذكر أن إسرائيل فشلت فى نزع سلاح المقاومة وأن استمرار إطلاق الصواريخ من عدة مناطق بالقطاع تبرهن على أن المقاومة مازالت قادرة على المواجهة، وأن الأحاديث الإسرائيلية عن وجود وحدتين فقط وأنها اقتربت من تحرير الرهائن أمر غير صحيح، وأثبتت الأيام الماضية أن المقاومة مازالت موجودة على الأرض، وظهر التنظيم فى عمليات تسليم الأسرى، مشيرا إلى أن الحركة قدمت قدرا كبيرا من المرونة حينما وافقت على تشكيل حكومة من التكنوقراط وتشكيل لجنة إسناد مجتمعى بعيدة عنها لإدارة القطاع على أن يبقى سلاح المقاومة موجودا. ◄ تشابكات وأشار إلى أن مصر تعد دولة راعية للقضية الفلسطينية قبل أن تكون وسيطة كما أنها تتداخل فى المشهد لأن الأمن القومى المصرى يواجه تهديدا جراء جرائم الاحتلال، وأن المفاوض المصرى المحنك يسابق الزمن الآن بشأن التوصل إلى هدنة مرحلة جديدة أو إبرام صفقة شاملة تضمن الإفراج عن الأسرى مقابل تعهدات دولية وإقليمية بألا تنتهك إسرائيل مجددا وقف إطلاق النار، كما أن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو تحدث لأول مرة عن إمكانية وقف الحرب، وأن حديثه عن وجود رئيس أركان حرب جديد لجيش الاحتلال وصفه بالمخيف لم يثبت صحته على أرض الواقع، وأن حالة الإنهاك الظاهرة على الطرفين تمنح الوسطاء قدرة على تحقيق اختراقات فى ظل تمرد سلاح الطيران الإسرائيلي، وشدد على أن هناك تشابكات عديدة فى مسألة تحقيق المصالحة الفلسطينية، مع وجود خلافات عميقة وأن ما يمكن التعويل عليه الفترة المقبلة هو وجود حد أدنى من التفاهم والتنسيق بين الفصائل وإعلاء صوت الحكمة وإنكار الذات، خاصة أن الاحتلال يقوم بإضعاف بديل حماس عبر عمليات إجرامية فى الضفة الغربية وهو نفس ما يحدث فى غزة ولكن بالتقسيط ودون أن يواجه الاحتلال فاتورة مكلفة مثلما الوضع فى غزة وبالتالى تبقى مكاسبه السياسية والأمنية مجانية. ◄ الحرازين: لا خيارات سوى الذهاب إلى التهدئة ◄ مصلحة المواطن وقال القيادى بحركة فتح، جهاد الحرازين، إن المطلوب من حركة حماس والمقاومة الفلسطينية فى الوقت الحالى إعلاء مصلحة المواطن الفلسطينى فى ظل حرب التطهير العرقى الواضحة أمام العالم أجمع فى قطاع غزة، والبحث عن طرق يمكن من خلالها التفكير فى كيفية إنقاذ الشعب الفلسطينى فى ظل استغلال الذرائع من جانب حكومة الاحتلال المتطرفة لاستمرار الحرب، وأن سحب هذه الذرائع يعد أمرا مهما الآن لأن نتنياهو يعمل على تسويقها أمام الولاياتالمتحدة والعالم، وأوضح أنه لا يمكن لأحد أن يتحدث عن نزع سلاح المقاومة ولكن المطروح اليوم هو كيفية التعامل مع طروحات الوسطاء وخاصة ما قدمته مصر من مبادرة جديدة تعمل على تقريب وجهات النظر بين حماس وإسرائيل، وأن المرونة الآن مطلوبة للغاية فى ظل حرب التجويع والتعطيش المتواصلة لأكثر من شهرين ومع استهداف المراكز الطبية والصحية، وهو مشهد قاتم لا يجب التعامل معه عبر التلاعب بعامل الوقت، ولا يجب أن يكون هناك خيارات أخرى سوى الذهاب إلى تهدئة. ولفت إلى أنه خلال فترة 50 يوما وفقا لما هو مطروح فى المبادرة المصرية يمكن أن تهيأ الأجواء للضغط باتجاه وقف الحرب بشكل كامل وتوظيف رغبة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى أن يصل إلى المنطقة خلال زيارته المرتقبة فى ظل أجواء من الهدوء وعدم منح نتنياهو مزيدا من الذرائع لاستمرار الحرب، مع أهمية أن يكون هناك سلاح واحد وسلطة واحدة وقانون واحد فى قطاع غزة والضفة.