تسبب الصراع ب السودان فى أكبر أزمة إنسانية، وأكثرها تدميرًا فى العالم، الآن وبعد مرور عامين على الحرب الطاحنة بين الجيش السودانى وقوات الدعم السريع، يحتاج 30 مليون شخص -أى أكثر من ثلثى إجمالى السكان- إلى المساعدة الصحية والغذائية وغير ذلك من أشكال الدعم، أدى الصراع إلى انهيار اقتصادى هائل أسفر عن ارتفاع أسعار الغذاء والوقود والسلع الأساسية، كما يعانى أكثر من نصف السكان من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائى وخطر انتشار المجاعة الأمر الذى يتطلب استجابة إنسانية عاجلة ورغبة دولية فى إنهاء الحرب والبدء فى عملية إعادة الإعمار. أدى الصراع فى السودان إلى نزوح أكثر من 9 ملايين شخص داخليًا، وفرار نحو 2.34 مليون شخص إلى دول مجاورة مما جعل السودان أكبر أزمة نزوح داخلى فى العالم، بالإضافة لذلك يُواجه نحو 26.6 مليون شخص، انعدامًا حادًا فى الأمن الغذائى مع اقتراب 755 ألف شخص من حافة المجاعة، بالإضافة إلى احتياج 16 مليون طفل لمساعدات إنسانية عاجلة، مع تعرض 1.3 مليون طفل لخطر المجاعة. اقرأ أيضًا | البحث عن حل دائم.. وسيناريوهات ما بعد سكوت المدافع تسبب الصراع فى خسائر بشرية واقتصادية هائلة، وتتفاوت التقديرات حول عدد القتلى، حيث أشارت مصادر إلى مقتل نحو 20 ألف شخص، بينما ذكرت مصادر أخرى أن العدد ربما يصل إلى 150 ألف قتيل بالإضافة إلى تعرض آلاف الأطفال للقتل أو الإصابة مع تزايد حالات العنف الجنسى.. وقالت كاثرين راسل المديرة التنفيذية لليونيسف عن المأساة الإنسانية، إن أطفال السودان يكابدون «معاناة لا تُصدق وعنفًا مروعًا» -بما فى ذلك الاغتصاب والعنف الجنسى والمجاعة وسوء التغذية وغير ذلك من الانتهاكات لحقوقهم الأساسية - فيما أنتج الصراع فى البلاد على مدار قرابة عامين، «أكبر أزمة إنسانية وأكثرها تدميرًا فى العالم»، وأضافت فى كلمة لها أمام جلسة لمجلس الأمن مؤخرًا عن الوضع فى السودان: «هذه ليست مجرد أزمة، بل هى أزمة متعددة الجوانب تؤثر على كل القطاعات، من الصحة والتغذية إلى المياه والتعليم والحماية»، وشددت راسل على أن حجم وخطورة هذه الأزمة يتطلبان تهدئة عاجلة للنزاع، واستئناف حوار سياسى يُنهى النزاع نهائيًا، ووصولًا إنسانيًا غير مقيد عبر الحدود وخطوط النزاع لمكافحة المجاعة والتخفيف من حدتها، وتلبية الاحتياجات العاجلة لملايين الأشخاص الضعفاء. من جانبه، قال كريستوفر لوكيير الأمين العام لمنظمة أطباء بلا حدود عن الأزمة، إن الجيش السودانى وقوات الدعم السريع لا تفشل فقط فى حماية المدنيين «بل إنها تفاقم معاناتهم بنشاط»، وشدد على أن الحرب فى السودان «هى حرب على الناس- وهذه حقيقة تزداد وضوحًا يومًا بعد يوم»، وقال لوكيير إن الآثار المدمرة للحرب تتفاقم بسبب القيود المفروضة على وصول المساعدات الإنسانية سواء كانت مفروضة عمدًا أو نتيجة للشلل البيروقراطى أو انعدام الأمن أو انهيار الحكم والتنسيق.. وبالنسبة للخسائر الاقتصادية، تضررت عدة قطاعات الحيوية بشكل كبير، حيث فقد القطاع الصناعى حوالى 75% من وحداته الإنتاجية وتعرض قطاع الخدمات لخسائر بنسبة 70%، والزراعة بنسبة 65%، كما دمرت العديد من المرافق الحيوية مثل الجسور والسدود وشبكات الكهرباء والمياه، بالإضافة لذلك خرج أكثر من 80% من المستشفيات فى المناطق المتأثرة بالنزاع عن الخدمة، ما أدى إلى انهيار النظام الصحى وانتشار الأمراض مثل الكوليرا والحصبة، مع تقديرات تشير إلى الحاجة لنحو 11 مليار دولار لإعادة تأهيل القطاع الصحى، وبالنسبة لقطاع التعليم، فقد توقفت العملية التعليمية تمامًا منذ بداية الصراع مما أثر على حوالى 19 مليون طالب مع تدمير العديد من المدراس والجامعات. وعلى الرغم من حجم المأساة الإنسانية التى تزداد كلما ازداد أمد الحرب، لم تنجح الجهود الدولية على مدار الشهور الماضية فى وقف الحرب الطاحنة، كما أطلقت الأممالمتحدة عدة نداءات إنسانية منذ بداية الصراع كان آخرها فبراير الماضى، حيث أطلقت نداءين لجمع 6 مليارات دولار من المانحين الدوليين لمواجهة الأزمة الإنسانية المتفاقمة بالسودان، ويوضح الرقم حجم المأساة الإنسانية والاقتصادية التى يواجهها السودان مما يستدعى استجابة عاجلة لدعم جهود الإغاثة وإعادة الإعمار، وبدورها، أعلنت مصر عن استعداد الشركات المصرية للمساهمة فى إعادة الأعمار فى السودان من أجل تحقيق التعافى المبكر وتحسين الأوضاع فى أقرب فرصة ممكنة.