نوال سيد عبدالله فى عالم تتزايد فيه التحديات بسرعة مذهلة، يبرز عام 2025 كمحطة حرجة تواجه خلالها البشرية أزمات إنسانية غير مسبوقة. وفقًا لتقرير حديث أصدرته اللجنة الدولية للإنقاذ، تتحمل 20 دولة فقط، تمثل 11٪ من سكان العالم، عبء 82٪ من الاحتياجات الإنسانية العالمية. يشير التقرير إلى تصاعد أزمات نتيجة الحروب المستمرة، والتغير المناخى المتسارع، والأزمات الاقتصادية العميقة، إلى جانب تفاقم الكوارث الطبيعية والصراعات السياسية. وفى هذا التقرير، لا نعرض صورة قاتمة عن الوضع الإنسانى، بل نقدم تحذيرًا صارخًا للحكومات والمنظمات الدولية للتحرك العاجل لمواجهة هذه التحديات ومنع تفاقم معاناة الملايين. من الصراع فى السودان إلى الكوارث المناخية فى الصومال، ومن النزاع المستمر فى ميانمار إلى تداعيات العدوان الإسرائيلى على الأراضى الفلسطينيةالمحتلة، يلقى التقرير الضوء على عشر أزمات إنسانية تهدد استقرار العالم وتدعو إلى استجابة عالمية فورية ومنسقة. بينما تعكس هذه الأزمات هشاشة الوضع العالمى، فإنها تُظهر أيضًا الحاجة الملحة للتعاون الدولى من أجل بناء مستقبل أكثر استقرارًا وإنسانية. السودان: المدنيون يدفعون الثمن للعام الثانى على التوالى، يتصدر السودان قائمة الطوارئ بسبب استمرار الحرب الأهلية الوحشية يمثل السودان الآن أكبر أزمة إنسانية مسجلة وأسرع أزمة نزوح فى العالم.. وتؤثر الحرب بين القوات المسلحة السودانية وميليشيا قوات الدعم السريع بشكل مدمر على المدنيين. يتم تجاهل القانون الإنسانى الدولى بشكل صارخ، حيث أصبح العنف الجنسى وتجنيد الأطفال شائعين، ويتم استهداف المدنيين بانتظام وسط تقارير عن تطهير عرقى. تسببت الهجمات المتكررة على الرعاية الصحية والمساعدات الإنسانية فى حرمان المدنيين من الوصول إلى خدمات إنقاذ الحياة يوجد فى السودان 14.6 مليون نازح داخليًا، وهو أكبر عدد فى العالم.. من المتوقع أن تستمر المواجهات بين الطرفين وسيكون المدنيون الأكثر تأثرًا مع استمرار انتهاكات حقوق الإنسان. وعام 2024، واجه 750٫000 شخص مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائى. فلسطين: دمار غير مسبوق أكثر من عام من العدوان الإسرائيلى خلف دمارًا واسعًا فى غزة. ولا يوجد مكان آمن فى غزة، حيث استشهد أكثر من 1 من كل 50 شخصًا منذ أكتوبر 2023. كما واجه المدنيون فى الضفة الغربيةالمحتلة تحديات غير مسبوقة بسبب العدوان الإسرائيلى وعنف المستوطنين فى عام 2024.. بدون وقف إطلاق نار دائم، ستزداد الإصابات بين المدنيين فى عام 2025. ويواجه تقريبًا جميع سكان غزة مستويات خطيرة من انعدام الأمن الغذائى. ويحذر خبراء الأمن الغذائى من احتمال تفشى المجاعة فى غزة إذا استمر العدوان والقيود على الإمدادات الإنسانية والتجارية. وسيترك انهيار النظام الإنسانى، بما فى ذلك المستشفيات، المدنيين دون خدمات أساسية فى عام 2025. من المتوقع أن يؤدى التوسع السريع للمستوطنات ومصادرة الأراضى إلى تصعيد التوترات فى الضفة الغربية. ميانمار: تصاعد النزاع تظهر ميانمار للمرة الأولى ضمن المراكز الثلاثة الأولى لقائمة الطوارئ بسبب تصاعد النزاع وكوارث المناخ. زاد العنف منذ أن استولت المؤسسة العسكرية على السلطة فى عام 2021. انتشرت التمردات طويلة الأمد واندمجت فى صراع أوسع أدى إلى نزوح أكثر من 3 ملايين شخص. بالإضافة إلى ذلك، تستمر الأعاصير والفيضانات فى تدمير المجتمعات. وتعد أنظمة المياه والصحة فى البلاد، التى تأثرت بالفعل بالحرب، ليست مهيأة للتعامل مع الاحتياجات المتزايدة.. سيستمر العنف المنتشر بعد انهيار وقف إطلاق النار القصير وتهدد الكوليرا والأمراض الأخرى بإرهاق النظام الصحى فى ميانمار، الذى تعرض لأكثر من 1500 هجوم منذ عام 2021. قد تواجه المجتمعات الضعيفة أعاصير وفيضانات مدمرة فى عام 2025. فى عام 2025، من المتوقع أن يتلقى جزء صغير فقط من 19.9 مليون شخص يحتاجون إلى المساعدة الدعم المطلوب. سوريا: هجوم مفاجئ عادت سوريا إلى قائمة الطوارئ لأهم خمس دول، وهى المرة الأولى منذ عام 2021. فى أواخر عام 2024، شنت جماعات غير حكومية هجومًا مفاجئًا أدى إلى انهيار سريع للقوات الحكومية حيث تسيطر حكومة جديدة الآن على دمشق، وتسبب هذا النزاع فى ثانى أكبر أزمة نزوح فى العالم، حيث أجبر 13.8 مليون شخص على مغادرة منازلهم ودفع السكان إلى فقر واسع النطاق.. بعد أربعة عشر عامًا من النزاع، يعتمد 72٪ من السوريين «16.7 مليون شخص» الآن على المساعدات انهارت الليرة السورية بسبب التضخم المفرط، مما جعل الغذاء بعيد المنال أثرت زلازل 2023 على 8.8 مليون شخص. جنوب السودان: كوارث مناخية يستمر جنوب السودان فى التواجد ضمن قائمة الطوارئ لأهم خمس دول للعام الثانى على التوالى. يواجه البلد تهديدات مختلفة من الصراع فى السودان، وأدى الفيضان السنوى الشديد إلى تدمير إنتاج الغذاء، فيما تواجه البلاد أزمة اقتصادية. بالإضافة إلى ذلك، تعانى جنوب السودان من صعوبة تلبية احتياجات 878٫000 لاجئ سودانى. من المتوقع أن يزداد الصراع المحلى فى عام 2025 مع تفاقم الانهيار الاقتصادى الذى يعزز العنف فى جنوب السودان. يعطل الصراع فى السودان صادرات النفط من جنوب السودان، مما يؤثر سلبًا على الاقتصاد. تواجه البلاد تضخمًا شديدًا وهبوطًا فى قيمة العملة. ارتفعت أسعار الغذاء بنسبة 95٪ خلال عام واحد. لبنان: مواجهة مستمرة دفعت مرحلة جديدة من الصراع بين حزب الله وإسرائيل لبنان إلى الانضمام لأول مرة إلى قائمة الطوارئ لأهم 10 دول.. ولكن وقف إطلاق النار وحده لا ينهى الحاجة الإنسانية الملحة. تسبب الصراع فى دمار واسع النطاق، مما أجبر 1.4 مليون شخص على الفرار من منازلهم فى لبنان، ونزوح 60.000 شخص فى شمال إسرائيل. كما جاء هذا الصراع بعد أزمة اقتصادية طويلة الأمد.. عودة للصراع فى لبنان ستشكل تهديدات جديدة ل 3.7 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية. يتداعى النظام الصحى فى لبنان بسبب الصراع والضغوط الاقتصادية. أغلقت 8 مستشفيات، وتعمل 7 أخرى بقدرة محدودة، الاقتصاد اللبنانى ينهار، وكان 80٪ من السكان يعيشون فى فقر قبل التصعيد الأخير. بوركينا فاسو: حصار ومجازر تواصل بوركينا فاسو البقاء ضمن قائمة الطوارئ لأهم 10 دول للسنة الثالثة على التوالى تسببت الجماعات المسلحة، مثل تنظيم داعش فى الصحراء الكبرى فى نزوح ملايين الأشخاص. أدت حملاتهم الوحشية إلى دمار المجتمعات فى جميع أنحاء البلاد وقامت الجماعات المسلحة بعزل ما يقرب من 40 بلدة، مقارنة ببلدة واحدة فقط فى عام 2021، مما أدى إلى قطع الاتصال بين حوالى 2 مليون شخص وبقية البلاد وتعطيل المساعدات الحيوية.. ومن المتوقع أن تستهدف الجماعات المسلحة العاملين فى مجال الإغاثة، مما يزيد من صعوبة الوصول إلى المساعدات الإنسانية فى البلدات المحاصرة. هايتى: انهيار إنسانى أدى عنف العصابات وسوء الإدارة الحكومية إلى دخول هايتى، التى تقع فى قارة أمريكاالشمالية، فى حالة أزمة شديدة. وفاقم اغتيال الرئيس جوفينيل مويس فى عام 2021 حالة عدم الاستقرار. وأصبحت العصابات الإجرامية أقوى وأكثر تنظيمًا، ما أدى إلى توسيع نفوذها ونشر الفوضى. زادت الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والأعاصير من تفاقم الأزمة، إذ دمرت البلاد وتركت نحو نصف السكان يعانون من الجوع الشديد والفقر المدقع. مع استمرار العصابات فى القتال للسيطرة على موارد هايتى وسكانها، من المتوقع أن يشهد عام 2025 مستويات عالية من انعدام الأمن وتعطل المساعدات الإنسانية والتنمية الاقتصادية. مالى: صراع متعدد الجبهات تزداد حدة أزمة الجوع فى مالى نتيجة الصراع المستمر منذ اثنى عشر عامًا. أصبحت العديد من المدن تحت الحصار، حيث تواجه الحكومة فى مالى ومجموعة فاجنر الروسية فصائل مسلحة مثل قوات الطوارىء، وتنظيم داعش فى الصحراء الكبرى. وأدى انسحاب قوات الأممالمتحدة والدعم العسكرى الفرنسى إلى ارتفاع فى عدد الضحايا المدنيين. وفى الوقت نفسه، وسعت الجماعات الإرهابية الحصار، مما أدى إلى قطع الإمدادات الغذائية والمياه والمساعدات الإنسانية عن مئات الآلاف. وأفادت مجموعات مراقبة الأممالمتحدة بزيادة بنسبة 288٪ فى انتهاكات حقوق الإنسان و66٪ فى العنف ضد النساء والفتيات فى مالى بين عامى 2023 و2024. الصومال: حالة عدم استقرار للسنة الثالثة على التوالى، يظل الصومال ضمن قائمة الطوارئ لأهم 10 دول. ونفذت جماعة الشباب المسلحة أكثر من 120 هجومًا فى الأشهر التسعة الأولى من عام 2024، وقد يتوسع نفوذها مع استعداد بعثة الاتحاد الأفريقى للاستقرار للانسحاب من البلاد. وفى الوقت نفسه، ساهم تصاعد الصراعات بين العشائر فى زيادة عدم الاستقرار. ومن المتوقع أن تتفاقم أزمة الجوع فى الصومال خلال الأشهر الأولى من عام 2025 بسبب استمرار الصراع وآثار ظاهرة النينيا الجوية. ويتوقع أن يعانى 1.6 مليون طفل من سوء التغذية الحاد بين عامى 2024 و2025، مما يحد من قدرتهم على النمو وتطوير جهاز مناعى صحى. على الرغم من تخفيف الديون الدولية، يعيش أكثر من 20٪ من الصوماليين فى فقر مدقع، ويحرم نحو مليون شخص يعيشون فى مناطق تحت سيطرة جماعة الشباب من المساعدات.