مروى حسن حسين توتر شديد عاشه السودان خلال الستة أعوام السابقة، وتحديدًا بعد إسقاط نظام عمر البشير فى أبريل من عام 2019، الذى تم بمشاركة واسعة وانحياز واضح من القوات المسلحة السودانية إلى مطالب الجماهير المعتصمة بالميادين العام وأمام المؤسسات المهمة ومنها القصر الجمهورى مقر القيادة العامة للقوات المسلحة، ولكن هذا التطور لم يكن كافيًا لتهدئة الأوضاع بعد تضخم دور قوات الدعم السريع التى تم تشكيلها فى خطا استراتيجى مازالت البلاد تدفع ثمنه حتى الآن/ خاصة أنه تحول إلى كيان موازٍ رفض كل مخططات الاندماج داخل الجيش الوطنى النظام مما دفع الجيش إلى تصحيح هذا الخطأ، فلجأت قوات الدعم السريع إلى تصعيد الصراع الذى اتخذ مسارًا تصاعديًا منذ أبريل 2023 ونستطيع أن نرصد ثلاث محطات أساسية من المواجهات خلال العامين الماضيين وهى كالتالى: اقرأ أيضًا | «الجنائية» تواجه صعوبات كبيرة بمعرفة مخبأ البشير والمطلوبين المحطة الأولى: التى تمثل التطورات فى عام 2023 وتحديدًا فى نصف أبريل من العام نفسه، حيث اندلعت الاشتباكات فى العاصمة الخرطوم إثر تصاعد التوتر بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو «حميدتى»، كانت الشرارة الأولى فى محيط القصر الرئاسى ومطار الخرطوم، ثم امتدت إلى باقى أنحاء العاصمة ومدن أخرى كبرى مثل دارفور، بحرى، أم درمان، ومدنى. استخدم الطرفان مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والطيران والقذائف، مما تسبب فى دمار واسع ووقوع آلاف القتلى والجرحى، معظمهم من المدنيين، حيث أعلنت قوات الدعم السريع السيطرة على عدد من المقار الحكومية والمطارات، بينما رَكَّز الجيش على استعادة السيطرة عبر الطيران الحربى والقصف المدفعى، كما شهدت الفترة من أبريل حتى يونيو، اشتباكات عنيفة بالعاصمة، حيث سيطرت قوات الدعم السريع على عدد من المنشآت الاستراتيجية منها: مطار الخرطوم، القيادة العامة «بشكل جزئى»، بعض الأحياء السكنية فى الخرطوموأم درمان وبحرى، وفى الفترة من مايو إلى يوليو تمدد الصراع إلى إقليم دارفور، حيث وقعت معارك طاحنة فى نيالا والفاشر والجنينة، سجلت تقارير واسعة عن انتهاكات إنسانية وعرقية خاصة غرب دارفور، وتصاعدت المواجهات فى كردفان من أغسطس إلى أكتوبر بعد تقدم قوات الدعم السريع فى جنوب كردفان وتهديد مدينة الأبيض، ما يفتح جبهة جديدة ضد الجيش فى المناطق الوسطى مما دفع الجيش إلى الانسحاب من بعض المواقع فى الخرطوم، وأفادت تقارير بسيطرة الدعم السريع على مناطق استراتيجية جديدة بالعاصمة، وسط اتهامات باستخدام الطيران الحربى من قبل الجيش لقصف مواقع مدنية، وقد يعود ذلك إلى الدعم العسكرى الكبير الذى وصل إلى قوات حميدتى والإمدادات من بعض الدول الاقليمية الدولية التى وجدت مصالحها مع غياب استقرار السودان وأمنه واستمرار التمرد، التى تم تهريبها عبر الحدود من بعض دول الجوار. المرحلة الثانية: التى بدأت مع أوائل عام 2024، حيث بدأ عمليات الجيش فى شن هجمات مضادة بدعم بعض الفصائل المسلحة «مثل حركة تحرير السودان» فى محاولات لاستعادة الخرطوم وفك الحصار عن مناطق فى دارفور وكردفان، ونجح فى سبتمبر بعد هجمات جوية وبرية على مواقع قوات الدعم السريع بالخرطوم، استخدام المدفعية الثقيلة والطيران الحربى فى محاولة لاستعادة السيطرة على مناطق استراتيجية داخل العاصمة. المحطة الثالثة: والتى بدأت منذ الأيام الأولى من هذا العام، حيث نجح الجيش فى كسر حصار الذى دام عامًا على مدينة الأُبَيِّض، الواقعة جنوب وسط السودان، مما عزز خطوط الإمداد الحيوية للجيش، لاستعادة مدينة الأُبَيِّض والسيطرة على مدينة ود مدنى، عاصمة ولاية الجزيرة، والتى كانت تحت سيطرة قوات الدعم السريع لأكثر من عام، تُعتبر هذه الخطوة ضربة كبيرة لقوات الدعم السريع. ولعل الانتصارات الأخيرة منذ مارس الماضى أحد التحولات المفصلية فى مسار الأحداث بعد النجاح فى طرد عناصر الدعم السريع من العاصمة الخرطوم واستعادة القصر الجمهورى ذى الرمزية الكبيرة ومعها مؤسسات الدولة السيادية مع بدء مخططات لاستمرار العمليات باتجاه معقل الدعم السريع فى دافور وغيرها من المناطق المحدودة التى مازالت تحت سيطرته.