الإسكندرية – محمد مجلى وكأن القدر أراد أن تحتفل الاسرة الصغيرة مع بعضهم بأيام العيد التي كانت أيامهم الاخيرة في الدنيا بعد أن فارقت الام وأطفالها الثلاثة الحياة تاركين الأب المكلوم يقف بمفرده على حافة الحياة متعلقًا بأنفاس ضعيفة تربطه بالدنيا، ولو سألته لاختار أن يلحق بزوجته وأطفاله، فليس هناك معنى لحياته بعدهم. انهيار العقار الصغير الذي كان يضمهم بين جدرانه أنهى حياة الزوجة واطفالها وترك الزوج في حالة خطيرة بالمستشفى يصارع الموت. التفاصيل الحزينة في السطور التالية شهدت منطقة بحري التابعة إلى حي الجمرك، بالإسكندرية، انهيار عقار قديم مكون من 3 طوابق بحارة النخلة وأسفر الحادث عن 4 ضحايا من أسرة واحدة حيث توفيت الأم و 3 من أطفالها صغار السن، بينما أصيب الأب وجرى نقله إلى المستشفى العام للعلاج، فيما نجا طفل وحيد من الأسرة ممن تصادف وجوده خارج العقار لحظة انهياره. وأسفر الحادث عن وفاة كل من الأم أسماء سعيد السيد، 31 سنة، وأطفالها الثلاثة وهم يونس محمد محمد عبدالعزيز، 3 سنوات، وهدى محمد محمد عبدالعزيز، 4 سنوات، وتمارا محمد محمد عبدالعزيز، 8 سنوات، وجرى انتشال جثامينهم من تحت الأنقاض، حيث تبين أن الأم احتضنت أطفالها لحظة الانهيار ونقلوا إلى مشرحة كوم الدكة لاتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة حيال الواقعة، فيما عثر على الأب محمد محمد عبدالعزيز، 33 سنة، على قيد الحياة تحت الأنقاض، ونقل إلى المستشفى العام، وتبين إصابته بكسر فى الحوض، واشتباه إصابته بكسر فى العمود الفقري. صدمة الناجى الوحيد كان القدر رحيمًا بالطفل محمود محمد محمد عبدالعزيز، 10 سنوات، الطفل الوحيد الناجي من الحادث وهو الشقيق الأكبر للأطفال المتوفين وأول أبناء الأم الضحية والأب المصاب، والذي كان خارج المنزل وقت الانهيار حيث كان يرافق أصدقاءه ومجموعة من أقاربه لاستمرار احتفالات عيد الفطر رغم انتهائه. وأوضح شهود عيان الواقعة، أن محمود عاد إلى المنزل ليجده عبارة عن كوم من التراب والأنقاض والحجارة والأثاث المنزلي المحطم ليجرى نحول المنزل ويصرخ قائلًا : "أمي ..أبويا .. وأخواتي" ودخل فى حالة انهيار شديد نتيجة البكاء المستمر ونجح أصدقاؤه وأقاربه فى ابعاده عن المنزل. وظل محمود يتابع لحظات البحث عن أسرته من العالقين تحت الأنقاض ولسانه لا ينقطع بالدعاء وعينه لا تتوقف عن البكاء و نزول الدموع أملًا فى إخراجهم وهم على قيد الحياة، لكنه تلقى 4 صدمات متتالية بعد العثور على جثامين والدته وأشقائه الثلاثة موتى، بينما ظل مرافقًا لوالده بعد العثور عليه ومازال على قيد الحياة وذلك وسط حالة من البكاء. وأوضح شهود العيان، أن الطفل محمود أبلغ المحيطين أنه كان خارج المنزل وقت الانهيار وأن آخر مكالمة جمعته بوالدته طالبته فيه بعدم التأخر خارج المنزل والعودة سريعًا، مشيرًا إلى أنه لا يعرف ماذا حدث وكيف انتهت حياة والدته وأشقائه. الجيران يكشفون التفاصيل وقف جيران الاسرة المنكوبة فى الشارع الذي شهد انهيار العقار وسط حالة من الحزن وسط محاولات لتقديم المساعدات من أجل سرعة انتشال جيرانهم وأطفالهم على أمل أن يكونوا على قيد الحياة لكن دون جدوى. وقال مجدى السيد، من الجيران فى العقار المجاور : إن فرحة العيد انكسرت وأن جيرانهم من سكان العقار الذين توفيت والدتهم أو أصيب والدهم من أفضل الناس فى المنطقة ومعروفين بأنهم محبوبين من الجميع بسبب علاقتهم الطيبة وحسن أخلاقهم، وأن أبناءهم من الأطفال المؤدبين. وأضاف ل "أخبار الحوادث" : "مع حلول الساعة الثانية من فجر الخميس وعقب انتهاء آخر ساعات عيد الفطر، سمعت صوت طقطة من العقار فى الخارج فتوجهت مسرعًا إلى شرفة العقار ليتبين أن صوت الطقطقة كان من العقار المجاور ونزلت مسرعًا رفقة مجموعة من الجيران إلى الشارع لمحاولة انقاذ من بداخله لكن العقار كان قد انهار فاتصلنا بالجهات المعنية التي حضرت واستخرجت الجثامين". وقالت نجلاء محمود، من جيران ضحايا العقار : إن أسماء وزوجها وأولادها ليسوا بجيران وانما بمثابة الأهل وأن فاجعة وفاتهم نزلت على الجميع كالصدمة وأفسدت فرحة أهل الشارع بعيد الفطر، لافتة إلى أنها شاهدتهم وقت صلاة العيد وتبادلوا التهنئة بالعيد، مشيرة إلى أن علاقة الجميع فى الحارة هي بمثابة علاقة الأهل. أشار سعيد محمد، من الجيران، إلى أن العقار كان من العقارات التي يبدو عليها انها متهالكة لكن شأنها شأن العقارات الموجودة فى المنطقة، وأنهم أقاموا في المنزل رغم خطورته لكن لم يتوقع أحد أن تكون تلك هي النهاية لتلك الأسرة التي اعتبرها بمثابة الأهل، مبديًا حزنه الشديد لوفاة الأم وأبنائها الثلاثة. طبيب ومهندسة من جانبها قالت علياء عبدالرحمن، من أقارب الأم الضحية، إن أسماء كانت مهتمة بتربية أبنائها وكانت تحلم بأن تراهم فى أفضل صورة، معربة عن املها في أن يلتحق أبناؤها بكليات الطب والهندسة والتربية، مشيرة إلى أنها كانت تأمل فى أن يكون أحد أبنائها طبيبًا والثاني ضابطل بعد تخرجه من احدى الكليات العسكرية وأن يصبح احدهم مهندسل ومدرسل لكن القدر كان سابقًا وقضى على احلامهم والامل فى الابن الأكبر الذي نجا من الحادث الأليم. المحافظة تتدخل كانت غرفة عمليات محافظة الإسكندرية، تلقت بلاغًا يفيد بسقوط بعض الأسقف من الأدوار العلوية على الدور الأرضي بالعقار 4 ابن وهبه من حارة النخلة، وعلى الفور كلف الفريق أحمد خالد محافظ الإسكندرية، رئيس حي الجمرك، وجميع الأجهزة والجهات التنفيذية المعنية بالتواجد فورًا بمكان حادث انهيار العقار، والمكون من دور أرضي وثلاثة طوابق علوية. وأوضح بيان صادر عن محافظة الإسكندرية، أنه تم تكثيف تواجد فرق الحماية المدنية والإسعاف والتدخل السريع بالحي المختص وجميع الأجهزة والمرافق المعنية بالمحافظة مع تواجد جميع الأجهزة الأمنية بالمنطقة المحيطة بالعقار. وأشار البيان، إلى أنه نتج عن تضرر أسرة كاملة حيث أسفر الحادث عن وفاة 4 حالات وهم لأم وأبنائها الثلاثة، واصابة والدهم وعدد حالة واحدة مصابة، والجميع من أسرة واحدة، كما تبين تواجد طفل للأسرة خارج المنزل، وأكد البيان، أنه تم التعامل الفوري مع حالات الوفاة ونقل المصاب إلى المستشفى لإجراء الفحوصات اللازمة لحين استقرار حالته الصحية وإيداعه بالعناية المركزة. كما أكد البيان، انه تم الانتهاء من إجراءات البحث الاجتماعي للأسرة لإقرار وصرف التعويضات النقدية عن المتوفين والحالة المصابة فور تعافيها، بالإضافة إلى أنه تم الانتهاء من إعداد تقرير بحالة العقار والصادر له قرار بالهدم، وتكليف رئيس حي الجمرك التحقيقات التي تجريها الجهات المعنية. من جانبها باشرت النيابة العامة تحقيقاتها وبدأت اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة في هذا الشأن، وأمرت بتشكيل لجنة مختصة لتحديد أسباب انهيار العقار وتحديد المتسبب في ذلك مع اتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ على الأرواح والممتلكات بالعقارات المجاورة. كما أمرت النيابة العامة باستدعاء مسئولي حي الجمرك لسؤالهم عن العقار وسبب عدم تنفيذ قرار الإزالة الصادر بحق العقار، فيما انتقل فريق من النيابة العامة لمعاينة العقار وكشفت أن العقار قديم وهوعبارة عن أسقف خشبية وحوائط حاملة وتبين سقوط غرفة الطابق الأول على الطابق الأرضي الذي تسكنه الأسرة، فيما كشف ملف العقار بأنه صادر له قرار إزالة رقم 42 لسنة 2004 ولم ينفذ. من جانبه، أصدر الفريق أحمد خالد حسن سعيد، محافظ الإسكندرية، بتوفير سكن بديل للمواطن محمد محمد عبد العزيز المصاب في حادث انهيار عقار الجمرك، على أن ينقل اليه فور تعافيه وخروجه من المستشفى للعلاج من جراء الإصابة التي لحقت به بعد نجاته وانتشاله على قيد الحياة من تحت الأنقاض. كما أمر محافظ الاسكندرية بصرف المساعدات المالية العاجلة له بمعرفه مديرة التضامن الاجتماعي، موجهًا تعليماته بتيسير توفير فرصة عمل للمواطن بعد تعافيه وخروجه من المستشفى. وأعلن المحافظ تشكيل لجنة هندسية من مديرية الاسكان والمرافق لتحديد اسباب انهيار العقار كما شدد على سرعة انتهاء اعمال اللجنة الهندسية من اعمالها للوصول الى المتسبب في هذا الحادث وتقديمة الى جهات التحقيق. اقرأ أيضا: عقار اللبان المنهار بالإسكندرية.. مفاجأة في التصاريح وقرار من النيابة العامة