جاءت زيارة الرئيس الفرنسى ماكرون دعما مباشرا وقويا للموقف المصرى من الأحداث الخطيرة التى تجرى فى المنطقة والتى يراد بها دفع المنطقة إلى مواجهة عسكرية، وتحاول إسرائيل انتهاز هذه الأوضاع المتدهورة لكى تدفع بالفلسطينيين إلى خارج حدودهم التاريخية، وتحديدا إلى مصر. وبذلك تكون قد صدرت المشكلة الفلسطينية إلى مصر واستراحت! إسرائيل لم تتردد فى استخدام القوة وأقصى الأساليب البربرية لدفع الفلسطينيين إلى الحدود المصرية، ولكن مصر أعلنت موقفها صريحا وقاطعا فى مواجهة إسرائيل وأمريكا وأكدت أنها لن تقبل بأى تواجد فلسطينى على أرضها. وذلك يصنع وضعا متفجرا على حدودنا الشرقية فإسرائيل ومن ورائها أمريكا لن يترددا فى محاولات تهجير الفلسطينيين بالقوة ومصر لن تتردد فى الدفاع عن حدودها بأقصى قدراتها، لأن المستهدف ليس جولة من صراع عسكرى ولكن المستهدف تغيير الخرائط وتغيير الوضع الديمغرافى فى المنطقة، لخلق أوضاع ثابتة تضيع فيها الحقوق الفلسطينية إلى الأبد، وذلك ما نبهت إليه القيادة المصرية فى ردها على مقترحات الرئيس الأمريكى ترامب. جاءت زيارة ماكرون إلى مصر، وبالطبع فإن المراكز السياسية والاستراتيجية فى فرنسا تعلم حقيقة الأوضاع المتوترة على الحدود المصرية، ومن المؤكد أنها أحاطت الرئيس ماكرون بالموقف، وعلى ذلك فإن زيارة ماكرون إلى مصر هى دعم واضح وصريح للموقف المصرى الذى يحاول نزع فتيل المواجهة العسكرية قدر الإمكان مع عدم التفريط فى السيادة المصرية على كامل التراب المصرى. وفى الجولة الشعبية التى قام بها ماكرون فى منطقة خان الخليلى ما يضفى لمسة إنسانية وودية على الزيارة، فالرئيس الفرنسى لا يكتفى بزيارة بروتوكولية ليؤكد فيها دعم فرنسا للموقف المصرى، لكنه أيضا يتصرف بعفوية وأريحية معبرا عن مودته للحضارة المصرية، وقد اكد ماكرون موقفه الداعم لسياسة مصر حينما وجه مع الرئيس السيسى نداء بضرورة فتح معبر رفح أمام المساعدات الانسانية المتوجهة إلى أشقائنا الفلسطينيين وذلك تحد صريح لمنهج الرئيس الامريكى ولأهداف نتنياهو فى تفريغ غزة والدفع بأهلها إلى سيناء المصرية. دائما ما كانت فرنسا تقف بصرامة منذ عهد الجنرال ديجول فى مواجهة الهيمنة الأمريكية، وها هو الرئيس ماكرون يؤكد بزيارته لمصر هذا المبدأ.