المسلسل تناول قضية اجتماعية شديدة الحساسية، وهى قضية التحرش، لكن بطريقة فنية محترمة الدراما المصرية، رغم تباين أنواعها وأساليبها، تظل أداة فاعلة فى نقل الواقع المصرى بكل تفاصيله، ولكن، لا يمكن تجاهل أن هناك فرقًا بين تقديم الواقع بأسلوب راقٍ ومؤثر، وبين استخدام الأساليب الصادمة والوقحة لجذب الانتباه، هذا هو ما يعكسه الاختلاف بين «اللام الشمسية» و«اللام القمرية« فى الدراما، بين تقديم الحقائق بتلميح وفن، وبين اللجوء إلى الإثارة الفجّة التى تتخطى الحدود. إذا نظرنا إلى الأعمال الدرامية الحديثة، نجد مثالاً رائعًا فى مسلسل «اللام الشمسية»، المسلسل تناول قضية اجتماعية شديدة الحساسية، وهى قضية التحرش، لكن بطريقة فنية محترمة، لم يحتاج الأمر إلى مشاهد صادمة أو لغة غير لائقة، بل استخدم المسلسل الذكاء الفنى فى تصوير الواقع، بلغة إنسانية راقية، لم يتجاوز العمل الحدود المألوفة، بل قدم القضية بكل عمق وواقعية، ليكون له تأثير إيجابى فى المجتمع. قد يتساءل البعض، كيف يمكن لقضية مثل التحرش أن تُعرض دون الوقوع فى فخ الوقاحة؟ الإجابة تكمن فى الطريقة التى تم بها تناول الموضوع، بدلًا من التركيز على التفاصيل الفجّة، ركز المسلسل على إبراز الآثار النفسية والاجتماعية لهذه الجريمة، مع تقديم الحلول والنماذج الإنسانية التى يمكن أن تساعد فى التوعية. هذه هى قوة الدراما: القدرة على تناول القضايا الكبرى بطريقة غير مبتذلة، بل عميقة، بحيث تترك أثراً فى المشاهد. «اسلمى يا مصر» ويختتم المسلسل حلقاته بأغنية «اسلمى يا مصر«، وهى أغنية وطنية مصرية خالدة، قد لا يفهم البعض سر اختيار الأغنية فى تلك اللحظة، لكن الهدف كان واضحًا: التأكيد على أن مصر، رغم التحديات، تبقى قوية وصامدة، قادرة على مواجهة الأزمات، اختيار الأغنية كان بمثابة رسالة قوية مفادها أن الوطن هو الحصن الذى يحمى أبناءه، وأن القيم والمبادئ لا تزال جزءًا لا يتجزأ من هويتنا. إن الدراما ليست مجرد وسيلة للترفيه، بل هى أداة حيوية لنقل الوعى وبناء القيم، ومسلسل «اللام الشمسية« أثبت أن هناك طريقًا وسطًا بين نقل الحقيقة بشكل صريح وبين الوقوع فى فخ الإثارة، يمكن للدراما أن تنقل الواقع بمصداقية واحترام، وتساهم فى بناء مجتمع أكثر وعيًا وتماسكًا، دون الحاجة إلى الخروج عن المعايير الأخلاقية. الدراما المصرية التى تسعى إلى الارتقاء بالقيم الإنسانية، وتطرح قضايا المجتمع بأسلوب محترم، هى التى تترك أثرًا حقيقيًا فى نفوس المشاهدين، وتبقى هذه الأعمال خالدة، لأنها تستند إلى الذكاء الفنى وليس إلى الصدمة أو الابتذال. ما بين «اللام الشمسية« و«اللام القمرية«، ما بين المنطوق واللامنطوق، نجد أن هناك العديد من الموضوعات التى كنا نخشى التحدث عنها فى الماضي، لكن الآن، آن الأوان لنتحدث عن تلك القضايا بوضوح، دون خوف أو تردد، من بين هذه الموضوعات الهامة قضية التحرش وغيرها من القضايا المجتمعية الحساسة، الدراما اليوم أظهرت لنا أن هناك طرقًا متعددة لتناول هذه القضايا بطريقة محترمة وراقية، دون التورط فى أساليب مبتذلة أو وقحة. فى هذه المرحلة، يجب أن نتبنى فكرة أن الفن والدراما لهما دور كبير فى مواجهة القضايا المجتمعية وطرحها للنقاش العام، إننا بحاجة للحديث عن المشاكل التى تؤثر على المجتمع، ولكن يجب أن يكون هذا الحديث بأسلوب يحقق التوازن بين الواقعية والاحترام، الدراما، بما تحمله من قدرة على التأثير، تصبح اليوم أداة رئيسية فى بناء مجتمع قوى ومتفاهم، يواجه التحديات بثقة وبدون خوف .