مشهد آلاف الشاحنات التى تحمل المساعدات الضرورية والتى تقف منذ أكثر من شهر فى طابور يمتد لعدة كيلومترات فى «العريش» بسبب إغلاق إسرائيل للمعابر من ناحيتها، وبسبب إصرارها على استخدام التجويع سلاحًا فى حرب الإبادة فى غزة.. هذا المشهد الذى كان موضع اهتمام الإعلام العالمى يكفى وحده دليلًا على مدى الانحطاط الذى وصل إليه العدوان الهمجى الإسرائيلى، ويضع أمام العالم كله الصورة الحقيقية للمأساة التى يعيشها أكثر من 2 مليون فلسطينى يواجهون آلة القتل الصهيونية وحرب الجوع وتقصير النظام الدولى بسبب صمت البعض أو تواطؤهم فى فرض الالتزام بالقانون ومحاسبة مجرمى الحرب على جرائمهم!! على الجانب الآخر.. ترتفع أصوات الحق وفى مقدمتها الصوت الشجاع لأمين الأممالمتحدة جوتريتش الذى أكد بالأمس أن إسرائيل حولت قطاع غزة إلى «ساحة للقتل»، مشيرًا إلى أنه قد حان الوقت لإنهاء التجرد من الإنسانية وحماية المدنيين وإطلاق سراح الرهائن وضمان المساعدات المنقذة للحياة وتجديد وقف إطلاق النار، ورافضًا أن تشارك الأممالمتحدة بأى شكل فى معاونة إسرائيل على التحكم فى المساعدات وتقييدها بشدة كما تفعل الآن بعد شهر لم تدخل فيه المساعدات إلى غزة. الوقاحة الإسرائيلية تستمر وتتصاعد مكتب نتنياهو يسارع فى ترديد الأكاذيب المفضوحة وتأكيد أنه لا يوجد أى نقص فى المواد الغذائية بغزة(!!) فى نفس الوقت الذى يعيد فيه وزير المالية الإسرائيلى التأكيد على أنه لن تدخل حبة قمح واحدة إلى غزة (!!) ومع تحذير كل المؤسسات الدولية من خطر المجاعة ونقص الدواء وقطع المياه وقصف المستشفيات (أو ما تبقى منها!!). نحن أمام جريمة إنسانية يتفوق فيها الكيان الصهيونى على النازية وجرائمها. ويقف معها العالم عاجزًا عن تنفيذ القانون وإرغام مجرم الحرب نتنياهو وحكومته على تنفيذ التزاماته كقوة احتلال بضمان سلامة أهل غزة ووصول المساعدات الإنسانية اللازمة إليهم، تبلغ الوقاحة آفاقًا لا مثيل لها حين نجد نتنياهو يردد بلا خجل وهو يجلس بجانب الرئيس الأمريكى فى مكتبه أن إسرائيل ليست المسئولة عن حصار غزة (!!).. يعنى إسرائيل لم تغلق كل المعابر، ولم تمنع الاتصال عن طريق البحر أو الجو على سكان غزة، ولم تطارد المؤسسات الإنسانية الدولية وتقتل العاملين فيها (!!).. ولا رد على الوقاحة الإسرائيلية أفضل من مشهد آلاف الشاحنات التى رآها العالم فى مدينة «العريش» وهى تصطف على مدى كيلومترات عديدة تنتظر أن يصحو العالم وأن يوقف حرب التجويع التى يصر عليها مجرمو الحرب فى إسرائيل. والتى يحذر أمين الأممالمتحدة «جوتريتش» من أنهم سينقلونها أيضًا إلى الضفة الغربية!! المشهد فى «العريش» كان واضحًا.. على الجانب المصرى كانت آلاف الشاحنات تحمل المساعدات وتنتظر العبور، وعلى الجانب الآخر كانت آلة القتل الإسرائيلية تعمل وحصار الجوع يشتد.. وفى خلفية المشهد كان هناك من لا يزال يتحدث عن القيمة «العقارية» لغزة!!.