فى ظل الظروف المعقدة التى تمر بها المنطقة والعالم، تكتسب زيارة الرئيس الفرنسى ماكرون لمصر أهمية متزايدة.. سواء بالنسبة للعلاقات الثنائية بين الدول التى تمثل القيادة السياسية لأوربا، ومصر التى تمثل الركيزة الأساسية للأمن والاستقرار فى العالم العربى والشرق الأوسط. أو بالنسبة لمواجهة المخاطر التى تعصف بالمنطقة وتهدد بانفجار الأوضاع بصورة لن ينجو من آثارها أى طرف. قبل أن يصطحب الرئيس السيسى ضيف مصر «ماكرون» إلى العريش، كانت القمة الثلاثية التى ضمت الرئيسين والعاهل الأردنى قد أكدت على الموقف الثابت مع الوقف الفورى للحرب على غزة، وإنهاء حرب التجويع، والوقوف بحسم ضد مخططات التهجير، وحشد كل الجهود والإمكانيات وراء الخطة المصرية العربية لإعمار غزة فى وجود أهلها وبمشاركتهم وفى ظل سلطة وطنية فلسطينية تدير شئون غزة على طريق الدولة الفلسطينية الموحدة التى تجسد حل الدولتين الذى لا بديل عنه ولا طريق للسلام العادل سواه. هذا الموقف الثابت كان الحاضر الأكبر مع الرئيسين فى «العريش» فى رسالة واضحة للأشقاء فى غزة الصامدة بأنهم ليسوا وحدهم، وفى رسالة أخرى للعالم ليتحرك الجميع ضد حرب الإبادة التى تقوم بها إسرائيل، وليتأكد العالم مرة أخرى من حجم الجريمة التى يرتكبها مجرمو الحرب فى الكيان الصهيونى وهم يمنعون دخول المساعدات الضرورية التى حشدتها مصر والعالم وأغلق مجرمو الحرب الإسرائيليون المعابر فى طريقها، ليكملوا جريمتهم ضد شعب فلسطين وضد الإنسانية كلها. الطريق إلى السلام والاستقرار واضح، لكن هناك من يرى فى الإبادة الجماعية والحرب المستمرة وسيلة للهروب من العدالة، وهناك من يرى أن المشكلة ليست الاحتلال الصهيونى وجرائمه النازية بل هى فى وجود الفلسطينيين على أرضهم وتمسكهم بوطنهم(!!) وهناك من يصر على الحل العسكرى المستحيل ويغلق الأبواب أمام الحل السياسى بينما هناك من يفضل الحل «العقارى» الذى يحول قضية شعب يناضل من أجل وطنه ودولته المستقلة إلى مشروع لتقسيم الأراضى وبناء ملاعب الجولف التى تستلزم أولا قصف خيام النازحين وقتل الأطفال وتدمير كل أسباب الحياة أمام شعب فلسطين(!!) رسائل «العريش» بالأمس كانت واضحة وحاسمة فى رفض حرب الإبادة ومخططات التهجير، ولاشك أن هذه الرسائل قد وصلت إلى كل الأطراف. طريق السلام واضح، وسيكتشف الجميع أنه «المسار الإجبارى» الذى لا بديل عنه. نرجو لمن يراهنون على السير فى «الطريق العكسى» أن يدركوا الحقيقة قبل فوات الأوان!!