لا تبدأ كل خيانة عاطفية أو جسدية بخطوة واضحة وصريحة، بل كثيراً ما تتسلل إلى العلاقة من خلال تصرفات يومية قد تبدو "عادية" أو "بريئة"، خبراء العلاقات النفسية يحذرون من ما يُعرف ب"الخيانة المصغرة"، التي قد تكون البوابة إلى خيانة حقيقية دون أن يشعر أحد الطرفين بذلك. تثير الخيانة الزوجية الكثير من التساؤلات والمخاوف، وغالباً ما يتم ربطها بعلاقات جسدية خارج إطار العلاقة الرسمية، لكن علماء النفس يؤكدون أن الأمر لا يبدأ دائماً بهذه الصورة الواضحة، بل قد يتسلل من خلال سلوكيات صغيرة تثير الشك والريبة. وفي هذا السياق، تشير عالمة النفس الأسترالية ميلاني شيلينغ إلى مصطلح "الخيانة المصغرة"، وهو مصطلح يصف تصرفات قد لا ترقى إلى الخيانة الكاملة، لكنها تضعف الثقة وتفتح الباب للتساؤلات حول الالتزام الحقيقي بين الشريكين. وتوضح عالمة النفس أبي ميدكالف من بيركلي كاليفورنيا، أن الخيانة المصغرة تحدث عندما يتصرف أحد الشريكين بطريقة يخفيها عن الطرف الآخر، أو يعلم مسبقاً أن شريكه لن يرضى بها، وتقول: "إذا كان الشريك سيتأذى لو علم بهذه السلوكيات، فهي تعتبر خيانة، حتى لو لم تكن مباشرة". وتشمل هذه السلوكيات المؤشرة إلى خيانة مصغرة: الانشغال في الحديث المتكرر والمطول مع زميل/زميلة في العمل. مشاركة تفاصيل خاصة عن العلاقة مع أطراف خارجية. ارتداء ملابس أنيقة أو لافتة عند مقابلة شخص بعينه، بدون مناسبة واضحة. اقرأ أيضا.. قومي المرأة: دراما رمضان مليئة بمشاهد الخيانة الزوجية والألفاظ الخارجة ومع تطور وسائل التواصل الاجتماعي، باتت الخيانة المصغرة تأخذ أشكالاً رقمية مثل الإعجاب المتكرر بصور أشخاص محددين، أو الدردشة مع شريك سابق، أو إخفاء العلاقة على منصات التواصل. الخبيرة البريطانية في العلاقات، أنابيل نايت، تشير إلى أن هذه التصرفات قد تكون مؤشرًا واضحًا على وجود خيانة عاطفية في الخلفية، خصوصًا إذا كانت مصحوبة بإخفاء العلاقة أو التقليل من شأنها علنًا. لكن في المقابل، تحذر ميدكالف من التسرع في الحكم، موضحة أن المعايير تختلف من علاقة لأخرى، وكل شريكين لهما قواعدهما وتفضيلاتهما الخاصة، وتوصي بأن يتم الحديث بصراحة وهدوء عن أي تصرف مريب، دون توجيه الاتهامات، ما يساعد على تجنب سوء الفهم أو تفاقم الأمور. ويؤكد ويليام شرودر، مؤسس مراكز Just Mind للاستشارات النفسية، أن الحوار هو أفضل وسيلة لفهم تصرفات الشريك، مشيرًا إلى أن بعض هذه السلوكيات قد تكون بلا نية سيئة، ويمكن أن تتحول لمناسبة لإعادة التواصل والتقارب العاطفي بين الطرفين. الخيانة قد لا تبدأ من خيانة صريحة، بل من إشارات صغيرة وتجاهل متكرر للمشاعر،لذلك، فإن الانتباه لهذه "الخيانات المصغرة" ومواجهتها بوعي وحوار صادق، قد يحمي العلاقة من الانهيار ويعزز أسس الثقة والتفاهم.