- سي سوشما: عام 2023 لحظة فاصلة في العلاقات بين مصر والهند - العلاقات المصرية الهندية تستند إلى آلاف السنين من الصداقة.. والثقافة جسر حيوي بين البلدين - الطعام الهندي والسينما ونجوم بوليوود يحظون بشعبية كبيرة في مصر - أفريقيا ليست سوقًا فقط بل شريكٌ في تقدمنا.. وافتتحنا 15 بعثة دبلوماسية جديدة في دولها على ضفاف النيل ونهر الجانج، تمتد جسور حضارية عمرها آلاف السنين بين أعرق حضارتين في التاريخ الإنساني. مصر والهند، قصة تمتزج فيها روائح البهارات مع عبق البردي، وتجتمع فيها حكمة المصرين القدماء مع الفلسفة الهندية، واليوم في ظل تحولات عالمية متسارعة، تتجدد هذه العلاقة العريقة بثوب عصري يحمل آمال شعبين عظيمين. التقينا مع القائم بأعمال سفير الهند في مصر، سي سوشما، على هامش معرض الهند-إفريقيا لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بالقاهرة لتكشف ل«بوابة اخبار اليوم» في حوار عن كواليس هذه العلاقات الاستراتيجية المتنامية بين البلدين وآفاقها المستقبلية. - لنبدأ بالحديث عن العلاقة بين مصر والهند.. ما هي أهم المحطات التي شهدتها في الآونة الأخيرة؟ العلاقات المصرية الهندية ترتقي لمستوى الشراكة الاستراتيجية بين البلدين وتعكس علاقة عميقة ومتعددة الأوجه شهدت نموًا كبيرًا مؤخرًا؛ وكان أحد أبرز معالم هذا النمو هو زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الهند في يناير 2023 للاحتفال بعيد الجمهورية الهندي، حيث التقى برئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي. خلال تلك الزيارة، تم رفع مستوى علاقاتنا الثنائية إلى هذا المستوى الاستراتيجي. هذه الشراكة تستند إلى آلاف السنين من الصداقة - روابط ثقافية وتاريخية وحضارية بدأت بالتجارة ولم تزدد إلا قوة مع مرور الوقت. واليوم، تشمل تعاونًا اقتصاديًا وتجاريًا قويًا، وتبادلات دفاعية وثيقة، وحوارًا سياسيًا رفيع المستوى. - بالحديث عن معالم العلاقات القوية بين البلدين، يبدو أن عام 2023 كان عامًا حاسمًا في العلاقات بين الهند ومصر.. هل يمكنك إخبارنا المزيد عن أهميته؟ بالتأكيد. أصف عام 2023 بأنه لحظة فاصلة في علاقاتنا الثنائية. بالإضافة إلى زيارة الرئيس السيسي في يناير، عاد إلى الهند في سبتمبر في اطار دعوة نيو دلهي للقاهرة للمشاركة في قمة مجموعة العشرين اثناء تولي الاخيرة لرئاسة القمة انذاك في المقابل، قام رئيس الوزراء مودي بأول زيارة رسمية له إلى مصر في يونيو 2023. هذه التبادلات المتكررة على مستوى عالٍ - ثلاث مرات في عام واحد - تظهر التزام البلدين بتعميق علاقاتهما. وفي عام 2024، التقى قادتنا مرتين أخريين على هامش قمة مجموعة العشرين وقمة بريكس في روسيا والبرازيل، مما عزز أسس هذه الشراكة. - وصولاً إلى اليوم، نحن الآن في أبريل 2025.. ما هي التطورات الأخيرة التي حافظت على هذا الزخم؟ الشهر الماضي، من 17 إلى 19 مارس، زار معالي وزير الاستثمار والتجارة الخارجية المصري، حسن الخطيب، الهند. تحدث في حوار "رايسينا" في دلهي، وهو منتدى بارز لمراكز الفكر، كمتحدث رئيسي. ركز خطابه على فرص الأعمال في مصر - الشركات الناشئة، والتصنيع، وغيرها. كما التقى بوزير التجارة والصناعة الهندي، بيوش جويال، وتواصل مع قادة الأعمال الهنود لعرض فرص الاستثمار في قطاعات مثل الأدوية، والهواتف المحمولة، والكيماويات. كانت فرصة لمراجعة وتسريع تعاوننا الاقتصادي. - بالحديث عن الاستثمارات.. ما مدى أهمية البصمة الاقتصادية الهندية في مصر اليوم؟ تستثمر الشركات الهندية أكثر من 4 مليارات دولار في مصر عبر قطاعات متنوعة، حيث تنتج مواد كتنوعة وكثيرة بداية من ال PVC والمنتجات الاخرى وصولا الى والشامبو ومعجون الأسنان وسلع استهلاكية أخرى. بالإضافة إلى ذلك، التزمنا باستثمارات بقيمة 12 مليار دولار في مشاريع الطاقة المتجددة، خاصة في إنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء. هذه خطط طموحة، ونعمل بجد لتحقيقها. زيارة الوزير الخطيب كانت خطوة نحو تسريع هذه العملية. - بعيدًا عن الاقتصاد، يبدو أن الروابط الثقافية تلعب دورًا كبيرًا في هذه العلاقة.. كيف ترين الثقافة تجمع بين الهند ومصر؟ الثقافة جسر حيوي بين بلدينينا.. الطعام الهندي، والسينما، ونجوم بوليوود يحظون بشعبية كبيرة هنا في مصر، كما أن الثقافة المصرية تلقى صدى في الهند. الشهر القادم، من 1 إلى 4 مايو، سنستضيف قمة "WAVES" - القمة العالمية للترفيه السمعي والبصري - في مومباي، قلب بوليوود. هذا الحدث سيستمر أربعة أيام للاحتفال بقطاع الترفيه، ونحن حريصون على التواصل مع مصر من خلاله. نريد تعزيز تبادل المحتوى - مشاهدة أفلام بعضنا البعض، والاستماع إلى موسيقانا، وفهم أذواقنا المشتركة. كما وقّعنا مذكرة تفاهم بين الهيئة الوطنية للإعلام المصرية ونظيرتها الهندية "براسار بهاراتي" لتبادل محتوى متنوع، من الأفلام والأدب إلى وصفات الطعام. - على صعيد التعاون في مجال الشركات الناشئة.. ما هي الرؤية هناك؟ الشركات الناشئة ركيزة جديدة مثيرة. قبل أيام قليلة، من 3 إلى 5 أبريل، استضافت الهند فعالية دولية كبيرة للشركات الناشئة في نيودلهي. رغم أن موسم الأعياد في مصر حال دون الحضور الفعلي، كان هناك اهتمام كبير من أصحاب المصلحة المصريين، بما في ذلك وزارة التعاون الدولي والتخطيط. نخطط لإطلاق تعاون رسمي قريبًا، يتيح للشركات الناشئة الهندية الوصول إلى السوق المصرية والعكس. مع 1.4 مليار نسمة في الهند و120 مليونًا في مصر، بالإضافة إلى موقع مصر كبوابة لأوروبا وإفريقيا، الإمكانيات هائلة. - بالحديث عن أفريقيا، غالبًا ما تُعتبر مصر بوابة للقارة.. كيف تنظر الهند إلى تعاونها الأوسع مع أفريقيا، بما في ذلك مصر؟ نرى في إفريقيا ليس فقط سوقًا، بل شريكًا في تقدمنا. خلال السنوات الخمس الماضية، افتتحنا 15 بعثة دبلوماسية جديدة في دول إفريقية، مما يعكس التزامنا كما نركز على مجالات مثل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والتكنولوجيا الرقمية، وبناء المهارات لإعداد الشباب في إفريقيا - بما في ذلك مصر - لصناعات المستقبل. نقدم سنويًا 1000 منحة دراسية ممولة بالكامل للمحترفين الأفارقة، وأنشأنا مراكز تميز في تكنولوجيا المعلومات في دول مثل مصر وغانا. - ما هي المجالات المحددة التي ترونها ذات إمكانيات عالية للتعاون مع مصر وإفريقيا؟ ننظر إلى الأمن الغذائي، وتغير المناخ، والزراعة الذكية، والتكنولوجيات الناشئة، والطب عن بُعد، والرعاية الصحية، وتصنيع اللقاحات. هذه مجالات حاسمة يمكن للهند ومصر وإفريقيا العمل معًا فيها لمواجهة التحديات العالمية ودفع النمو المستدام. - من الواضح أن هذه الشراكة تزدهر عبر أبعاد متعددة.. ما هو أملك لمستقبلها؟ أتمنى أن تستمر هذه الشراكة الاستراتيجية في الازدهار، متجذرة في تاريخنا المشترك ومدفوعة بالتعاون الحديث. سواء من خلال الاستثمارات الاقتصادية، أو التبادلات الثقافية، أو الشركات الناشئة المبتكرة، أرى الهند ومصر - بل وأفريقيا - يتقاربان كشركاء في التقدم، مما يخلق فرصًا لشعبينا وما وراء ذلك.