غير مقبول أن تتخلى مصر عن جهود التنمية من أجل أوهام يمينية متطرفة تتحكم فى تل أبيب. تواصل إسرائيل توسعها العسكرى غير القانونى داخل الأراضى الفلسطينية، وأعلنت بصلف إنشاء محور «موراج» كخط عازل جديد بطول 12 كيلومترًا، ليفصل رفح عن باقى القطاع.. انتهاك صارخ للقوانين الدولية. وفى الوقت نفسه نجدها بكل وقاحة وبدون منطق قانونى أو سياسى تطالب بتفكيك البنية التحتية المصرية فى سيناء! تتدعى إسرائيل وجود «بنية عسكرية» لكن الوقائع تؤكد أن ما تقصده بالبنية العسكرية هى تلك المشروعات التنموية التى بدأتها الدولة المصرية، وتستهدف توفير حياة كريمة لأهالى سيناء بعد عقود من الإهمال. ومن بين هذه المشروعات التنموية والمعروفة للجميع محطات الكهرباء وتحلية المياه لسد أبسط الاحتياجات الأساسية للسكان وتطوير الطرق والمطارات لجذب السياحة وتحريك الاقتصاد وتوفير فرص عمل لشباب عانى من التهميش والانعزال. مصر دولة سلام وتسعى للتنمية من أجل الخير لأهلها وللمنطقة، وفى الوقت نفسه كافحت طوال 10 سنوات مضت لمواجهة الإرهاب والقضاء على التهديدات الأمنية. ولولا تلك الجهود لتحولت سيناء إلى بؤرة إرهابية دموية كانت ستهدد الأمن والسلم الإقليمى والعالمي. وقدمت مصر من أجل ذلك المئات من الشهداء الأبطال الذين ضحوا بدمائهم من أجل هذا الهدف النبيل، فضلا عن التكلفة المالية الضخمة التى استنزفت موارد الوطن طوال السنوات العشر الماضية وأى زيادة فى أعداد القوات بسيناء كانت تتم وفق اتفاقات من أجل مكافحة الإرهاب وحماية الأمن القومي. غير مقبول أن تتخلى مصر عن جهود التنمية من أجل أوهام يمينية متطرفة تتحكم فى تل أبيب وتسعى لتوسيع دائرة الحرب وتدمير المنطقة، بالإضافة إلى أطماعها المعلنة فى سيناء. والشعب المصرى لن يسمح بالتخلى عن دماء شهدائه أو التهاون فى سيادته الوطنية. المطالب الإسرائيلية فى سيناء لا تنم فقط عن تناقض واضح، بل تكشف عن محاولة لتحويل الانتباه عن انتهاكاتها المتواصلة وجرائم الحرب البشعة وإبادة شعب من خلال سياسة التجويع والقتل البطيء ومنع الدواء وأساسيات الحياة لبشر من لحم ودم لا يتمتعون اليوم بأبسط حقوق الإنسان. وإذا كان هناك من يجب أن يتم إدانته فيجب إدانة مخططات تقسيم غزة التى أعلن عنها نتنياهو حتى قبل الرجوع للمستوى الأمنى وهى خطة ليست بالجديدة وطبقها من قبل أرئيل شارون عام 1982. باسم «خطة الأصابع الخمس» حيث قام بالفعل بتقسيم قطاع غزة إلى خمسة محاور عازلة هى نتساريم وموراج وفلادلفيا وكاسوفيم لتكون شرائط استيطانية ولكن التجربة سجلت فشلا ذريعًا للمخطط حيث ازدادت المقاومة الفلسطينية شراسة رغم التقسيم. وتحولت المستوطنات إلى نقاط ضعف عسكرية بدلا من نقاط قوة. واضطر شارون للانسحاب من غزة عام 2005 تحت ضغط المقاومة.. اليوم يعيدون نفس السيناريو بمحور «موراج»، متناسين أن القوة العسكرية وحدها لا تصنع أمنًا. إن وجود تلك القوات الإسرائيلية فى محور صلاح الدين وموراج واحتلالها لمعبر رفح من الجانب الفلسطينى هو الانتهاك الأكبر لمعاهدة السلام. مصر تلتزم بمعاهدتها، لكن الالتزام يجب أن يكون متبادلا. إذا استمرت إسرائيل فى انتهاكاتها، فلن يكون أمام مصر إلا الدفاع عن أمنها القومى وسيادتها. فالشعوب التى ترفض الاحتلال لا تقهر، والأرض التى تُزرع تنميةً وحياةً لا تُسلم لاحتلال أو تهدم. مصر لا تنشد سوى السلام، لكن إذا استحكمت حلقاتها، وظن الضباع أنها سائغة للطماعين، هبت كالأسد المدافع عن كرامته وأرضه. ومن إرادة شعبها ينبع قرارها السيادي. والرسالة واضحة: سيناء خط أحمر، والتنمية حق، والاحتلال مصيره الزوال.