جريمة تهتز لها القلوب، وتدمع لها العيون، بها غدر وخيانة.. تجرد مرتكبها من كل القيم الإنسانية، قضية لم تكن فيها القاتلة غريبة عن ضحيتها، بل كانت أقرب الناس إليه، قضية قتل المودة ونحر الرحمة، تجبر طغى على حسن المعاشرة، وافتراء على طيب العيش، ما الذي كانت تريده هذه الزوجة المتجبرة؟، وكيف انتهى بها الأمر؟، السطور التالية كانت إجابة عن هذين السؤالين. زوجة بدلا من أن تنفصل عن زوجها بهدوء سلمت نفسها وعقلها للشيطان وارتكبت جريمة قتل بحق زوجها المسكين وتناست سنوات عاشتها معه في راحة وهدوء، هدمت بيتا كان يفترض أن يكون قائمًا على الحب والاحترام، فكيف له أن ينتهي بدماء غدر وخيانة؟.. جريمة لا تقف عند حدود القتل وحده، بل تخطته إلى خيانة العهد، ونقض الميثاق، وإهدار الرحمة التي جعلها الله في القلوب.. المتهمة حاولت قتل زوجها مرتين بالسم لكن كان له عمرا.. وفي المرة الثالثة وعندما يئست من قتله بالسم قررت إنهاء حياته بالسكين، وأشركت خطيب ابنتهما معها.. رسمت خطتها الشيطانية ونفذتها هي والمتهم الثاني بكل سلاسة وجحود.. ولا تزال للحكاية تفاصيل مثيرة ومأساوية..، زواج وجريمة داخل قرية كفر عليم، التابعة لمركز بركة السبع في محافظة المنوفية، يعيش بطل قصتنا، مصطفى عبدالعال، رجل على مشارف الخمسين من العمر، يعمل طباخا بالقاهرة، تزوج من ابنة خاله وأنجب منها 3 أبناء، عاش معها 17 عاما في هدوء وسكينة وحب ظنه يدوم، ولأن الحياة لا تسير على خطى ثابت، انقلبت حياتهما رأسا على عقب، ودبت الخلافات والمشكلات بينهما، فقرر مصطفى الزواج من سيدة أخرى تدعى نجلاء، وعندما تزوجها طلبت منه الزوجة الأولى الطلاق، فطلقها وذهب ليعيش مع نجلاء في بيتها وأنجب منها بنتا، لكن منذ أن عاش معها في البيت وانقطعت أخباره عن أشقائه.. الأيام تمر، وكبرت ابنته وتمت خطبتها، وحياتهم تسير بهدوء.. مصطفى يخرج من بيته فجر كل يوم ذاهبا لعمله ويعود في المساء، لم يبخل على زوجته بشيء، يعمل على إرضائها فقط وكل ما تحتاجه تجده.. سنوات من الحب عاشتها معه.. أيام من النعيم وراحة البال، لكن يبدو أن نجلاء لم ترض بحالها، تمردت على حياتها الهادئة، وبدلا من أن تطلب منه الطلاق في هدوء، تقاذفتها الأفكار السوداء، وقررت إنهاء حياة زوجها بالسم، لكن إرادة الله كانت أقوى منها وفي كل مرة يتم إنقاذه، والمسكين لا يدري أن هاتين اليدين اللتين لطالما قدمتا له الطعام والشراب، سيأتيان له بما يقضي عليه في يوم من الأيام، الزوجة بابتسامة خفيفة تخفى وراءها غيظا، تحاول التماسك وكتم ما تحمله من مشاعر كره له، وعندما فشلت مخططاتها في القضاء عليه بالسم، قررت قتله بالسكين لكن تلك المرة اختارت شريكا لها ألا وهو خطيب ابنتها بعدما أغرته بالمال والذهب، ولم يمانع، جلس الاثنان لرسم خطتهما الشيطانية وأعدت الزوجة كل شيء واشترت سكاكين جديدة قبل التنفيذ بثلاثة أيام، وأبلغت المتهم بخط سير زوجها؛ الذي اعتاد الخروج فجر كل يوم مستقلا دراجته النارية التي تقله لإحدى القرى المجاورة فيتركها هناك ويستقل سيارة للقاهرة. يوم التنفيذ استيقظ مصطفى مبكرا كعادته، صلى الفجر واستقل دراجته وبعد ساعات خرجت أصوات صرخات مدوية من بيت مصطفى، أيقظت الجيران من نومهم في فزع، فأقبلوا في هلع نحو البيت، وكانت التي تصرخ هي الزوجة نجلاء، «إلحقوني حد كلمني وقالي إن مصطفى جوزي عمل حادثة عند الترعة»! كانت الزوجة تتلعثم، وكلماتها تفهم بصعوبة، لكن على كل هذه التصرفات لم تدمع لها عين، وبعد الصراخ الذي دام دقائق، أخرجت هاتفها من ملابسها، واتصلت بنجله وأخبرته أن هناك من اتصل من هاتف والده وأخبرها أنه عمل حادث بجوار الترعة، فأسرع الابن كالذي فقد عقله لهناك، وكان المشهد الذي لن يمحيه الزمن من ذاكرته عندما وجد والده ملقى على الطريق غارقا في دمائه مطعونا عدة طعنات ومشنوقا بالتيشرت الذي يرتديه، عقدت الدهشة لسانه أصيب بالصدمة التي أفقدته النطق لدرجة أنه لم يقو على الصراخ مستنجدا بأحد، وبعد دقائق تمالك أعصابه وأبلغ عماته.. وفي لحظة تحولت القرية الهادئة لحالة من الصخب، وتم إبلاغ الشرطة. وبدأت التحريات حول الواقعة، وكانت هناك الكثير من علامات الاستفهام من ضمنها، الزوجة زعمت أن هناك من اتصل بها وأخبرها أن زوجها عمل حادث، فكيف استطاع هذا الشخص فتح الهاتف والاتصال بها، الأمر الآخر أن الزوجة كانت أقرب في الصراخ على زوجها إلى التصنع، الأمر الذي لاحظه الكثير وقتها، وهناك من شهد أن نجلاء اشترت سكاكين قبل الجريمة بأيام، جميعها أدلة كانت سببا في توجيه أصابع الاتهام للمتهمة، وبتتضيق الخناق عليها انهارت واعترفت بجريمتها بالاشتراك مع خطيب ابنتها، أمرت النيابة بحبسها وتحولت القضية للجنايات. الجنايات وبعد 7 أشهر من تداول القضية داخل ساحة المحكمة، أسدلت محكمة جنايات شبين الكوم الستار عنها، وقضت الدائرة الثانية، برئاسة المستشار جمال الدين ذكي عبد الجواد، وعضوية المستشارين طارق محمد سليم، وعمرو سعد الدين الليثي، وبحضور المستشار أحمد الميداني، وكيل النائب العام، بإحالة أوراق المتهمة وخطيب ابنتها لفضيلة المفتي لأخذ الرأي الشرعي في إعدامهما، لينتهي بهذا الحكم القصة المأساوية بنهاية عادلة لأسرة الضحية الذي قتل غدرًا بلا أي ذنب.. فأسرته بعد سماع الحكم انتابتهم حالة من الفرحة لكنها مشوبة بحزن، سعادة لأن حقه عاد وحزن لأنه لم يعد بينهم. اقرأ أيضا: الزواج العرفى انتهى بجريمة قتل على مائدة السحور أسرة الضحية قالت: «أول ما سمعنا الحكم بتحويل أوراق المتهمة وخطيب ابنتها لفضيلة مفتي الجمهورية، بكينا بكاءًا شديدًا وسجدنا لله شكرًا لأننا شعرنا في هذا الوقت أن حقه عاد وحسبي الله ونعم الوكيل فيهما لأنهما حرمونا منه وحتى الآن لا نعرف السبب الحقيقي وراء ارتكاب الجريمة، لكن الحمدلله أخذا العقاب الذي يستحقانه».