تضع الإدارة السورية الجديدة مسألة رفع العقوبات الغربية عن سوريا على قمة أولوياتها، تلك العقوبات التي فرضتها الدول الغربية إبان حكم الرئيس السوري السابق بشار الأسد، ولذا يحاول الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع للتخلص من هذه العقوبات التي تكبل الاقتصاد السوري وتمثل حجر عثرة في وجه بناء الدولة السورية الجديدة.. فما هي شروط الغرب لرفع العقوبات عن سوريا؟ اقرأ أيضا: سوريا تتهم إسرائيل ب «زعزعة استقرارها» بعد غارات وتوغلات دامية نقلت وكالة "رويترز" عن ستة مصادر مطلعة قولها إن الولاياتالمتحدة سلّمت سوريا قائمة شروط تريد من دمشق الوفاء بها مقابل تخفيف جزئي للعقوبات، منها ضمان عدم تولي أجانب مناصب قيادية في الحكومة. وقال مصدران، أحدهما مسؤول أمريكي والثاني مصدر سوري، إن ناتاشا فرانشيسكي نائبة مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون بلاد الشام وسوريا سلمت قائمة المطالب لوزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في اجتماع خاص على هامش مؤتمر المانحين لسوريا في بروكسل في 18 مارس (آذار) الماضي. وقال المسؤولان الأميركيان والمصدر السوري والمصدران في واشنطن إن من بين الشروط التي وضعتها الولاياتالمتحدة تدمير سوريا لأي مخازن أسلحة كيمياوية متبقية والتعاون في مكافحة الإرهاب. ووفقاً للمسؤولين الأمريكيين والمصدرين في واشنطن، طلبت واشنطن أيضاً من سوريا تعيين منسق اتصال لدعم الجهود الأمريكية للعثور على أوستن تايس، الصحفي الأمريكي الذي فُقد في سوريا منذ ما يزيد على 10 سنوات. كما تراقب واشنطن تشكيل الحكومة السورية التي تأمل أن تضم جميع الأطياف بقيادة مدنية يمكنها ضمان فعالية المؤسسات الوطنية واستجابتها وتمثيلها. وأفادت المصادر الستة بأنه في مقابل تلبية جميع المطالب، ستقدم واشنطن تخفيفاً جزئياً للعقوبات. ولم تحدد المصادر نوع التخفيف المقدم، وقالت إن واشنطن لم تقدم جدولاً زمنياً محدداً لتلبية هذه الشروط. وسوريا في أمس الحاجة إلى تخفيف العقوبات لإنعاش اقتصادها المنهار جراء الحرب التي استمرت لما يقرب من 14 عاماً، والتي فرضت خلالها الولاياتالمتحدة وبريطانيا وأوروبا عقوبات صارمة على الأفراد والشركات وقطاعات كاملة من الاقتصاد السوري في محاولة للضغط على بشار الأسد. وجرى تعليق بعض هذه العقوبات بصورة مؤقتة لكن تأثير ذلك كان محدودا. وأصدرت الولاياتالمتحدة ترخيصاً عاماً لمدة ستة أشهر في يناير (كانون الثاني) لتسهيل تدفق المساعدات الإنسانية، لكن هذه الخطوة لم تعتبر كافية للسماح لدولة قطر بدفع رواتب القطاع العام من خلال مصرف سوريا السوري. ودعا مسؤولون سوريون، منهم الشيباني والرئيس الجديد أحمد الشرع، إلى رفع العقوبات بالكامل، قائلين إن من الظلم الإبقاء عليها سارية بعد الإطاحة بالأسد في هجوم خاطف شنته فصائل معارضة في ديسمبر (كانون الأول الماضي). والسؤال الأكبر بالنسبة لواشنطن يتعلق بمدى استعدادها لرفع العقوبات الأمريكية على سوريا ونظرتها لمستقبل القوات الأمريكية في شمال شرقي البلاد. تحديات أمام الشرع لكن "الشرع" يواجه تحديات أهمها استمرار الوجود الإسرائيلي وتوسعه في سوريا وعدوانه المستمر على البنية التحتية العسكرية والعلمية في سوريا، وإذا ما قرر مواجهته سوف يصطدم بالولاياتالمتحدة ورد فعل إسرائيلي قاسي. ولذا يحاول الشرع تحقيق معادلات مستحيلة الحل و إرضاء جميع الأطراف على الأقل وعدم إثارة غضبها خصوصا وأنها تمتلك زمام رفع العقوبات وتدفق الأموال إلى سوريا وإعادة الإعمار. كما أن أحداث الساحل الدموية أعادت عقارب الساعة إلى الصفر، وبالتالي فإن المطلوب من الشرع جهدا مضاعفا لإدماج جميع الفصائل الوطنية والطائفية في سوريا الجديدة وحكومتها. أما تطبيق العدالة الانتقالية فيمثل مصالح متضاربة بين تحقيق العدالة ومحاسبة رموز النظام السابق والمتورطين في جرائم بحق الشعب السوري وبين مخاوف تجدد أحداث الساحل الدموية من الطائفة العلوية. كما انه لازالت لدى روسيا وإيران أوراق نفوذ وضغط في مناطق سورية عدة، ولدى طهران جماعات موالية بالداخل السوري.. فهل ينجح الشرع في الموازنة بين كل هذه التحديات؟.. هذا ما تجيب عنه الأيام.