اليوم تبدأ صفحة جديدة فى تاريخ الاقتصاد العالمي. اليوم الذى أعلن الرئيس الأمريكي «ترامب» أنه يوم تحرير أمريكا مما يسميه الاستقلال التجارى يعنى «بكل وضوح» بداية النهاية لنظام التجارة الحرة الذى أنشأته أمريكا ودول الغرب ليخدم مصالحها ويؤكد هيمنتها الاقتصادية، والذي ترى أمريكا الآن أنه أصبح يخدم منافسيها (وفى مقدمتهم الصين، ويضر باقتصاد أمريكا الذى يعانى منذ سنوات!! فى «يوم التحرير» يعلن ترامب خطة كبيرة لفرض الرسوم الجمركية المرتفعة على كل واردات أمريكا من جميع الدول. يقول ترامب إن ذلك سيحرر الولاياتالمتحدة من الاعتماد على السلع الأجنبية، وسيعطى دفعة قوية للصناعة الأمريكية، وسيوفر للدولة ايرادات كبيرة يقدرها بما يزيد على 600 مليار دولار سنويا. وقد استبق ترامب «يوم التحرير» باجراءات استثنائية فرض فيها رسوما جمركية على الشركاء التجاريين الأساسيين «الصينوكندا والمكسيك» فى قطاعات معينة مثل السيارات والصلب والألمونيوم. داخل أمريكا.. هناك من يشكك فى هذه الخطوة ويقول إنها قد تأتى بنتائج عكسية كبيرة، حيث سترتفع الأسعار ويتحمل المستهلك فواتير الرسوم الجمركية ويهدد الركود كل الأسواق، ويستمر الاضطراب ،الذى بدأ بالفعل فى البورصات الأمريكية.. بينما فى الخارج قد بدأت بالفعل حروب التجارة بين أمريكا والجميع بمن فيهم أقرب الحلفاء.. أو من كانوا كذلك(!!) الكل يستعد لفرض رسوم جمركية مضادة على كل السلع الأمريكية وهو ما سيؤدى إلى آثار سلبية على الجميع.. والتقديرات تشير إلى تراجع نسب النمو وانخفاض الطلب وتزايد الأزمات والصدامات ونهاية دور منظمة التجارة العالمية.. مع مخاطر الفوضى الاقتصادية والمخاوف من اضطراب هائل فى سلاسل التوريد فى عالم ظل لعقود يعتمد على التكامل والشراكة والتجارة الحرة، وكانت أمريكا تقود فيه العالم فى الحرب ضد الحماية الجمركية عندما كان ذلك فى صالحها!! تدرك دول العالم أن العودة لفرض الأسعار الجمركية أمر صعب أو مستحيل. مازالت أمريكا هى القوة الاقتصادية الأولى فى العالم، لكن حصتها من التجارة العالمية تتراجع. هل تستطيع الدخول فى حروب تجارية مع الجميع؟!.. وماذا ستفعل حين يبحث الجميع عن مصالحهم؟!.. مبكرا رأينا الصين تتفق مع اليابان وكوريا الجنوبية على استراتيجية موحدة لمواجهة إجراءات ترامب.. ومبكرا لا يخفى الرئيس الأمريكى مخاوفه من تعاون مشترك بين أوروبا وبين أقرب جيرانه وشركائه التجاريين الرئيسيين مثل كندا والمكسيك.. وهى مخاوف مشروعة لأن الكل سيبحث عن مصالحه التى لم تعد تتوافق مع مصالح أمريكا التى تعلن التحرير، وتبدأ حرب الجمارك مع الجميع !!