من المنتظر أن يصبح قتل النساء في إيطاليا «جريمة جنائية» جديدة يعاقب عليها القانون، مع فرض عقوبات رادعة وأشد على العنف ضد المرأة، وذلك بهدف مواجهة تلك الظاهرة التي تفشت في المجتمع الإيطالي خاصة من جانب الأزواج أو الشركاء السابقين الإيطاليين. وعشية اليوم العالمي للمرأة 8 مارس، أعلنت حكومة جورجيا ميلوني عن موافقتهم على مشروع قانون لتعديل قانون العقوبات وإدخال جريمة قتل النساء وغيرها من التدابير التنظيمية لمكافحة العنف ضد المرأة وحماية الضحايا، وسيتم عرض المشروع التشريعي على مجلس النواب ومجلس الشيوخ للموافقة عليه، قبل أن يصبح قانونًا. كشفت الأرقام الرسمية في إيطاليا، بحسب المنشور في لوفيجارو، أنه من بين 276 جريمة قتل سجلتها وزارة الداخلية الإيطالية في عام 2024، كان هناك 100 ضحية من النساء، 88 منهن قُتلن على يد أحد أقاربهن، والأغلبية العظمى منهن قُتلن على يد شريك أو شريك سابق. وفي السياق ذاته سجلت الإحصاءات الرسمية، رقمًا مماثلا ل 110 جرائم قتل للنساء من أصل 310 جرائم قتل خلال نفس الفترة في عام 2023، بما في ذلك 90 امرأة قُتلت على يد أحد أقاربها، بينما في عام 2022، قُتلت 106 امرأة على يد أحد أقاربها، وفي عام 2021، قتل 107امرأة. في الغالب تقتل الضحايا على يد شركائهن أو طليقهن، وكانت القضية التي ألقت الضوء على جرائم قتل النساء في إيطاليا حدثت في نوفمبر 2023، عندما صدمت جريمة قتل طالبة شابة في بادوفا إيطاليا بأكملها، وبعد مرور أكثر من عام، حُكم على صديقها السابق بالسجن مدى الحياة،التفاصيل الدرامية وراء اختفاء جوليا تشيتشين، كانت السبب في انتشارها الكبير في إيطاليا، حيث أبلغ عن اختفائها قبل أن تتخرج بأيام قليلة من وفاتها، وما زاد الأمر في 11 نوفمبر 2023، عندما التقطت كاميرات الفيديو المثبتة بالقرب من منزلها اللحظات الأولى من الهجوم عليها واختطافها وهروب القاتل في سيارة مع ضحيته، بحسب وسائل الإعلام الفرنسية. وبعد ذلك بدأت عملية مطاردة استمرت لمدة أسبوع، وتبعتها وسائل الإعلام الإيطالية ساعة بساعة، الى أن عثر على جثة الطالبة في 18 نوفمبر، في وادٍ بالقرب من بحيرة باركيس، على بعد حوالي 120 كيلومترا شمال البندقية، وكشف تقرير الطب الشرعي أن رأس الضحية ورقبتها وأجزاء من جسدها يحملان علامات أكثر من 70 طعنة. تم القبض على فيليبو توريتا، الذي نفد منه البنزين، بالقرب من لايبزيج بألمانيا، بتهمة القتل والاختطاف، وأمام القاضي اعترف بارتكابه للجريمة، وذلك بعدما طالبت جوليا بأنها تريد إنهاء علاقتهما، مما أثار جدالا في السيارة، ثم حاولت الطالبة الهروب سيرا على الأقدام. وأكد المتهم في اعترافاته؛ أنه تمكن من الإمساك بها مرة أخرى وإعادتها إلى السيارة بعد أن طعنها أول مرة في ذراعها، ثم لاذ بالفرار إلى منطقة العثور على جثتها، وسدد العديد من الطعنات إليها وأخرجها من السيارة ثم فر هاربا إلى ألمانيا، وتم الحكم عليه بالمؤبد. وفي الوقت الذي كان يتظاهر فيه آلاف الأشخاص في جميع أنحاء إيطاليا في اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، حكمت محكمة في ميلانو على المتهم أليساندرو بالسجن مدى الحياة بتهمة قتل خطيبته البالغة من العمر 29 عاما في مايو 2023، والتي كانت حاملا فى شهرها السابع. وفي اليوم نفسه، خلال محاكمة في البندقية، طلب المدعي العام السجن مدى الحياة لمتهم آخر، بقتل صديقته السابقة البالغة من العمر 22 عاما، وبحسب الأرقام الرسمية، تُقتل امرأة كل ثلاثة أيام في إيطاليا، على يد زوج أو شريك أو زوج سابق. بعد وفاة جوليا، اعتمد البرلمان الإيطالي تدابير لتعزيز الترسانة التشريعية التي تحمي المرأة، لكن المعارضين طالبوا بإحداث تغيير ثقافي يتطلب أكثر من ذلك بكثير، بدءًا من رفع الوعي الإلزامي حول هذا الموضوع في المدارس، وبحسب تقرير حكومي، في بعض المناطق يعتقد ما يصل إلى 50% من الرجال أن العنف مقبول في العلاقات مع النساء. تعديل القانون وعلى الرغم من أن الحكومة اليمينية في إيطاليا حاولت إلقاء اللوم على الهجرة غير الشرعية كونها مسئولة عن العنف ضد المرأة في إيطاليا، إلا أن الإحصاءات كشفت وفقا لوسائل الإعلام، عن أن 94% من ضحايا جريمة قتل النساء الإيطاليات قُتلن على يد إيطاليين. وأكدت الحكومة الإيطالية؛ أن القانون المفترض تعديله يعد تدخلا واسع النطاق للاستجابة إلى حماية السيدات، ضد الظاهرة الحالية المأساوية في إيطاليا، المتمثلة في السلوكيات ومظاهر الترهيب والعنف المرتكبة ضد المرأة، من جانب الأزواج والشركاء أو الأقارب. ومن أجل ذلك أدخلن جريمة «قتل النساء»، والتي يعاقب عليها بالسجن مدى الحياة بسبب الطابع الإجرامي الشديد للظاهرة والبنية الخاصة للجريمة، وفقا للقانون، الذي ينص على أن من تسبب في موت امرأة كعمل من أعمال التمييز أو الكراهية تجاه المجني عليه لكونها امرأة أو لقمع ممارسة حقوقها أو حرياتها أو في أي حال التعبير عن شخصيتها يعاقب بهذه العقوبة. وبموجب القانون، تم إدخال نفس ظروف ارتكاب الجريمة كعوامل مشددة للجرائم الأكثر شيوعًا فى القانون، مع النص على زيادة العقوبات المنصوص عليها بما لا يقل عن الثلث وحتى النصف أو الثلثين، حسب الجريمة، وتطبيق تدبير الحبس الاحتياطى على المتهم فى السجن أو الإقامة الجبرية. ويتضمن القانون تدابير أخرى لحماية الضحايا وأسرهم، وينص على إلزامية الاستماع إلى الشخص المتضرر من قبل النيابة العامة، ولا يمكن تفويض ذلك إلى الشرطة القضائية، وإدخال الحق لضحايا الجرائم فى معرفة موعد إطلاق سراح الجاني المدان من السجن. ورحبت المعارضة بإدخال جريمة قتل النساء، لكنها دعت أيضا إلى اتخاذ المزيد من التدابير الوقائية، وطلب البرلمانيون الديمقراطيون من اللجنة المعنية بجرائم قتل النساء إضافة مقترحاتهم بشأن التعليم واحترام التنوع بين الجنسين إلى مشروع قانون جريمة قتل النساء، وأكدت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجينا ميلوني؛ أن مكافحة جرائم قتل النساء والعنف ضد المرأة يجب أن تكون أيضا مكافحة للثقافة المنتشرة في العلاقات بين الرجال والنساء، مشيرة إلى أن إدخال جريمة قتل النساء هو في المقام الأول محاولة لإحداث تغيير ثقافي. اقرأ أيضا: العنف ضد المرأة l قوانين للحد من قتل النساء في أمريكا .. وأنتشار حوادث طعن للنساء فى بريطانيا