في زمن شهد تطورات ايجابية على كافة الأصعدة فيما يتعلق بملف حقوق الانسان؛ مازال العنف الأسري الذي تتعرض له بعض الزوجات يمثل جرحًا داميًا ينزف بغزارة ويمزق نسيج الأسرة ويترك عقد نفسية في نفوس الابناء وبدلا من أن تكون البيوت ملاذًا آمنا تحولت إلى ساحة للألم والمعاناة . في السطور التالية نستعرض قضية تعذيب زوجة تعرضت لكل انواع الاستغلال والقهر على يد زوج لا يرحم ونطلق من خلالها صرخة في وجه بعض الأزواج الذين اعتادوا إذلال المرأة وامتهان كرامتها وكأنه حقا من حقوقه وعلامة على رجولته الناقصة. في إحدى الليالي، بينما كان القمر يرسل نوره الخافت، والهدوء يسود العمارة المكتظة بالسكان شق الصمت صوت صرخات واستغاثات . اسرع الجميع مذعورين يستطلعون الأمر؛ فوجدوا جارتهم بسنت جسدها مغطى بالدماء، وهي تصرخ بشكل هيستري والدموع تحرق وجنتيها. تقول زوجي هيقتلني، انجدوني ثم فقدت الوعي أمام الجميع، اخذها أحد الجيران داخل منزله واتصل الآخر بالشرطة والاسعاف. وفي لحظات هرب الزوج دون أن يشعر به أحد، والجميع في حالة استغراب وعلى وجوههم سؤال ماذا حدث لكي يصل الأمر إلى هذه الدرجة من التعذيب لدرجة الشروع في القتل؟ وصلت سيارة الإسعاف ونقلت بسنت الى المستشفى، والجروح منتشرة في كل انحاء جسدها، وبعد أن تعافت بشكل بسيط بدأت تروي قصتها لضابط الشرطة. اقرأ أيضا: ضبط المتهم بتعذيب زوجتة حتى الموت بالإسماعيلية تغيير مفاجئ قالت وصوتها كله رعب؛ أن اسمها بسنت في العقد الثالث من العمر، فتاة من عائلة ميسورة الحال، قبل سنتين تقدم لخطبتها شاب يدعى محمد يعمل موظفًا في شركة دعاية واعلان. اعجبت به بسنت ورغم اختلاف المستوى المادي بين الأسرتين، إلا أنها وافقت عليه رغم أن محمد موظف لن يستطيع أن يوفر لها المستوى الذي اعتادت عليه في منزل اسرتها. ويوم بعد الآخر ازداد الحب بينهما، وتحدد يوم الزواج الموعود، كانت بسنت تعيش أجمل أيام حياتها، لدرجة أن صديقاتها يحسدنها على اهتمام زوجها بها . وفي أحد الأيام دخل محمد ووجهه عابس، لا يتكلم مع بسنت، لاذ بغرفته ثم نام مباشرة والحزن يسيطر على عقله. حاولت بسنت التحدث معه لكن محمد كان يرفض الكلام، وبعد يومين قال لها أنه في ضائقه مالية ويحتاج إلى مبلغ ولا يعرف من أين يحصل عليه، على الفور دون تفكير للحظة عرضت عليه بسنت أن تسحب من حسابها في البنك في اليوم التالي المبلغ الذي يريده، حتى ترى ابتسامته، فأكد لها محمد أنه سوف يرد لها المال في اقرب وقت، وبعد كام شهر تكرر نفس الموقف، وبين الموقفين كان محمد يهتم ببسنت. إلى أن جاء يوم وجاءت لبسنت مكالمة بوفاة والدها، انهارت الزوجة ودخلت في حالة اكتئاب وهي تودع والدها إلى مثواه الأخير. وقفت أمام القبر، عيناها غارقتان بالدموع، ويداها ترتجفان، واشقاؤها بجانبها سندًا لبعض، وكذلك محمد الذي كان يُشعرها منذ وفاة والدها أنه الظهر والأمان، وبعد أيام بدأت بسنت تستعيد قدرتها على التعامل مع الواقع، وكان لابد من تقسيم الميراث هي واشقائها وبعد أن أخذت ميراثها، مر شهر وبدأ محمد يطالبها بالمال، لكن بنبرة أنها مجبره على إعطائه ما آل اليها من إرث، مما جعلها تسأله «ألم يكفك ما اخدته»؟، وفي تلك اللحظة تحول محمد من شخص هادئ الى شخص عصبي المزاج، ظل يصرخ ثم لطمها على وجهها وغادر المنزل بعدها. ظلت بسنت تبكي بمفردها بحرقة شديدة، ولكن لم تتصل بأشقائها وهي خائفة أن تحدث مشكلة كبيرة، ثم عاد محمد ومعه باقة ورد يصالح بها بسنت والتي نسيت ما فعله معها ولكن نفس الموقف مرة ثانية في تلك اللحظه قررت بسنت أن تتصل بأشقائها تخبرهم عن افعال محمد معها وقالت له هذا وهي تصرخ في وجهه. حبس! بمجرد أن سمعها محمد وهي تهدده بعائلتها حبسها في غرفة واخذ منها الهاتف وأغلق الباب ليلة كاملة في الظلام الدامس، وفي ذلك الوقت كانت بسنت تتحدث إلى نفسها ما سبب تغير محمد إلى هذا الحد وكيف تحول إلى شخص قاسي القلب وهي التي احبته؟، وفي اليوم التالي عرض عليها الزوج ان تكتب له جزءًا من ميراثها باسمه لانه لا يتحمل فكرة أ زوجته صاحبة هذا المال . رفضت بسنت رفضًا قاطعا فانهال محمد عليها بالضرب المبرح ثم أغلق باب الغرفة المظلمة مرة أخرى وذهب إلى عمله. كانت الضربات تتوالى بلا رحمة، سواء في الليل أو في ساعات النهار، كانت عبارة عن قمع نفسي متواصل، فهي تشعر بالعجز أمام من يمكن أن يكون سندها ورفيق دربها ومع كل ضربة، ترى في عينيه القسوة والجحود فهي تنزف الدماء دون ان يطرف لمحمد رمش أو يحنو عليها؛ فطلبت الطلاق لكنه رفض في مقابل أن تتنازل له عن جزء أكبر من ميراثها فعلمت انها كانت في عالم من الوهم يسمى الحب وان هدفه الحقيقي هو مالها. حاولت بسنت الخروج من الغرفه وعندما شعر بها محمد، بكل قسوة وجحود ربطها بجنزير حديد حتى لا تتحرك. في تلك الفترة وعندما يتصل بها احد اشقائها أو اقاربها يرد محمد ويقول؛ إن زوجته نائمة، وعندما يسأل أحد الجيران عن سبب اختفائها يقول لهم انها في بيت اهلها بسبب ظروف وفاة والدها التي تستلزم وجودها هناك مع اشقائها فلا أحد كان يشعر بما تمر به بسنت ولا أحد يشعر بجرم محمد . وفي لحظة قررت أن تنفذ طلبه مقابل أن تنجو بحياتها؛ فأحضر محمد أوراق التنازل عن ممتلكاتها اليه واخرجها من الغرفة المظلمة لكي توقع على الأوراق، وفي تلك اللحظه استجمعت بسنت كل قوتها واستطاعت دفعه وخرجت من باب الشقه وظلت تصرخ حتى استيقظ الجيران، الذين شاهدوا جسدها مغطى بالدماء نتيجة ضربه لها بالإضافة إلى علامات ربطها بالجنزير كانت واضحة على يديها وقدميها، استنجدت المسكينة بجيرانها من زوجها لكن في تلك اللحظة استطاع محمد الهرب . العقاب حكت الزوجة لضباط المباحث قدر المعاناة التي عاشتها المسكينة في بيت زوجها الذي تحول الى وحش بسبب ميراثها، وبعد ان أدلت بسنت بأقوالها امام المباحث والنيابه العامة، وجاءت تحريات المباحث تؤكد الواقعة بتعذيب الزوج لها بالكرباج والضرب المبرح بسلسلة حديدية وعصا وأكد هذا الشهود من جيرانها، واوضح تقرير الطب الشرعي الكسور في جسدها والحروق نتيجة سكب الزوج الماء الساخن على جسد بسنت، تحولت القضية من النيابة العامة الى محكمة الجنايات، التي قضت بمعاقبة المتهم بالسجن 10 سنوات غيابيًا .