بات تجديد الخطاب الديني ضرورة ملحة، لتقديم فكر مستنير، قادر على مواجهة التشدد، ووضع أقدام الشباب على الطريق الوسطى الصحيح، بعيدًا عن المُغالاة والتطرف، ما يتطلب تأهيل أئمة وواعظات بقدرات عالية تتمتع بقوة الحجة والبرهان، فضلًا عن التأثير المطلوب في ظل التطور التكنولوجي المتلاحق. من هنا كانت نقطة انطلاق وزارة الأوقاف لتأهيل الأئمة والواعظات معًا للسيطرة على المنابر ومصليات السيدات إدراكًا منها لأهمية دورهم فى نشر الوعى الدينى والثقافي في عالم مليء بالتحديات الفكرية والعقائدية، وفيما تأتى مبادرات الرئيس عبد الفتاح السيسى لتؤكد ضرورة تجهيز الأئمة بالمعرفة والأدوات اللازمة لمواجهة هذه التحديات بفاعلية. ◄ الأزهري: خطة طموح لدمج الجوانب الشرعية والثقافية والتكنولوجية وتتمثل جهود وزارة الأوقاف في تقديم برامج تدريبية شاملة تدمج بين العلم الشرعى والمهارات الثقافية والتكنولوجية، لتعزيز القدرات وتشكيل جيل جديد من الأئمة والواعظات، يستطيعون تقديم خطاب دعوى مستنير يتماشى مع متطلبات العصر ويعكس قيم التسامح والوسطية. من خلال هذه الرؤية الطموحة، تؤكد وزارة الأوقاف دورها الريادى فى إحداث تغيير جذرى فى الطريقة التى يتعامل بها المجتمع مع قضايا الدين، مما يعزز من مكانة مصر كمركز فكرى وديني في العالمين العربي والإسلامي. وحققت الوزارة تقدمًا كبيرًا فى مجال تدريب الأئمة والواعظات خلال السنوات الماضية، بنهج يتماشى مع التحديات الدينية والفكرية المعاصرة، ولمعرفة كواليس ما يدور داخل أروقة الوزارة بشأن تأهيل الأئمة، التقت «الأخبار» بالدكتور أسامة الأزهرى وزير الأوقاف، الذى حدد رؤية الوزارة لتأهيل الأئمة والواعظات. ◄ استراتيجية التدريب أكد وزير الأوقاف، أن الوزارة تضع خطة طموح لتدريب الأئمة والواعظات، حيث يتم التركيز على دمج الجوانب الشرعية والثقافية والتكنولوجية. وقال إن هدف هذه الجهود تقديم خطاب دعوى مستنير يتماشى مع متطلبات العصر، وفى إطار ذلك، وضعت الوزارة برامج تدريبية نوعية وكثيفة تُنفذ عبر الأكاديمية الدولية لتدريب الأئمة والواعظات والمراكز الإقليمية، بما فى ذلك برامج التدريب عن بُعد. وأشار الأزهري، إلى أن هذه البرامج تُعتبر جزءًا من استراتيجية الوزارة لتقديم إمام عصرى قادر على نشر الفكر الوسطى المستنير، والتصدى للتحديات الفكرية والمجتمعية، وتتضمن البرامج دورات «قادة الفكر» و»رائدات الفكر»، بالإضافة إلى دورات تركز على مهارات التكنولوجيا الحديثة مثل صحافة الموبايل والذكاء الاصطناعي. ◄ البرامج التدريبية د.أشرف فهمي، مدير عام التدريب بأكاديمية الأوقاف الدولية، أوضح أن الوزارة عقدت برامج تدريبية متقدمة تشمل «قادة فكر» للأئمة و»رائدات فكر» للواعظات، بالإضافة إلى دورات متخصصة للعاملين بهيئة الأوقاف المصرية. وأشار فهمي، إلى أهمية التدريب النوعى المستمر، حيث تم الانتهاء من تسع دورات تدريبية لعدد 837 إمامًا وواعظًا، تساهم فى تعزيز مهارات الأئمة والواعظات فى مجالات متعددة، ما يُعدّ خطوة مهمة نحو تحقيق الأهداف المنشودة فى تطوير الخطاب الديني، وأحصى فهمى العديد من الدورات دورات قادة فكر: تهدف إلى زيادة الوعى العلمى والثقافى لدى الأئمة، لتعزيز القيم الأخلاقية والسلوك الرشيد فى المجتمع، يتم خلالها تعليم الأئمة كيفية التعامل مع القضايا الاجتماعية والدينية بطرق تتماشى مع الروح المعاصرة. دورات رائدات فكر: تعكس أهمية دور المرأة فى الدعوة، حيث تم عقد 4 دورات لرائدات الفكر، ما يسهم فى تمكينهن من خدمة المجتمع بشكل فَعَّال، تهدف هذه الدورات إلى تدريب الواعظات على قضايا المرأة وحقوقها، وكيفية نشر الفكر الوسطي. ◄ تأهيل دعاة دورات سفراء وطن: تركز على تأهيل دعاة مصر المبتعثين إلى الخارج، حيث يتم تدريبهم على نشر قيم التسامح والوسطية، يتعلم المشاركون كيفية التواصل مع الجاليات العربية والمسلمة فى دول المهجر وتعريفهم بالثقافة المصرية. دورات المعايشة: من أحدث البرامج، حيث يلتقى المتدربون بشكل مباشر مع وزير الأوقاف، مما يعزز فهمهم للواقع العملى ويمنحهم فرصة للاستفادة من خبرات القيادة. دورة صحافة الموبايل: تهدف إلى تدريب الأئمة والواعظات على استخدام التكنولوجيا الحديثة فى الدعوة، ويتعلم المشاركون كيفية استخدام وسائل التواصل الاجتماعى بشكل فَعَّال لنشر رسالتهم، مما يجعلهم أكثر قُربًا من الشباب والمجتمع. دورة الترشيح المائي: تعمل الوزارة على نشر الوعى حول أهمية ترشيد استهلاك المياه، مشددة على أهمية الحفاظ على الموارد الطبيعية، تتناول الدورة طرق التوعية بأهمية المياه ودورها فى الحياة اليومية. دورات دولية: تتيح الفرصة لتبادل الخبرات مع شخصيات بارزة من مختلف دول منظمة التعاون الإسلامي، تساهم هذه الدورات فى تعزيز العلاقات الثقافية والدينية، وتوسيع آفاق الأئمة والواعظات. دورة ذوى الهمم: تعكس اهتمام الوزارة بتدريب الأئمة من ذوى الهمم، لتأهيلهم لأداء مهامهم بكفاءة، يتم تقديم دعم خاص لهم، مما يساهم فى دمجهم بشكل أفضل فى المجتمع. واختتم د.أشرف بقوله: تمثل الجهود التدريبية التى تبذلها وزارة الأوقاف، خطوة مهمة نحو بناء إمام عصرى قادر على مواجهة التحديات الحديثة، وتعكس البرامج التدريبية رؤية شاملة لبناء إنسان واعٍ ومؤثر فى المجتمع، مما يسهم فى تعزيز ريادة مصر فى مجالات الدعوة والفكر المستنير، كما أن التوجه نحو تأهيل الأئمة والواعظات وفق أحدث الأساليب يمثل تحولًا مهمًا نحو تحقيق الأهداف المجتمعية والدينية بمصر. ◄ برامج عصرية ◄ تجديد الفكر ومواجهة التشدد وحماية الأوطان «أكاديمية الأزهر».. برامج عصرية للدعاة تدريب الأئمة والواعظات وتأهيلهم للعمل الدعوى لا يقتصر على أكاديمية الأوقاف فقط وإنما يوجد أيضًا «أكاديمية الأزهر العالمية» والتى أنشئت لتدريب الأئمة والوعاظ وباحثى الفتوى»، فضلًا عن تدريب الأئمة والدعاة الوافدين من جميع أنحاء العالم ومبتعثى الأزهر الشريف، لتنمية مهاراتهم البحثية والفكرية من خلال نماذج عملية وتطبيقية تتواكب مع تطورات العصر، وضبط الفتاوى من الفوضى التى لحقت بها عبر مواقع التواصل الاجتماعي. يوضح د.محمد المحرصاوي رئيس الأكاديمية، أن الأكاديمية تنفذ دورات لتدريب الأئمة والوعاظ العديد من الأنشطة المكثفة والمتنوعة بما يخدم تطلعات المؤسسة الأزهرية فى التجديد وتحصين الفكر وإيصال كل ما هو نافع للأمة، وتعزيز التواصل الثقافى بين الأئمة والدعاة من مختلف الدول. ويشير إلى أن الأكاديمية تستهدف الأئمة الوافدين من مختلف الدول الإسلامية وغير الإسلامية لتطوير مهاراتهم الدعوية والشرعية واللغوية، عبر برامج من أبرزها: (برنامج تأهيل الداعية للأئمة الوافدين) بهدف تمكينهم من تعزيز مهاراتهم الدعوية ومواكبة التطورات الراهنة. ◄ تفكيك الفكر المتطرف (برنامج إعداد الداعية المعاصر للأئمة الوافدين)، بهدف إكسابهم معرفة عميقة فى مجال الفقه والحديث، إضافةً إلى تمكينهم من مواجهة التحديات الدعوية، (برنامج تفكيك الفكر المتطرف)، لمعالجة قضية الفكر المتطرف وكيفية التعامل مع التطرف من خلال فهم صحيح للدين وتفكيك الأفكار المغلوطة، و(برنامج تنمية مهارات البحث والإفتاء) واستهدف تعزيز قدرة الأئمة على البحث الفقهى والإفتاء فى مسائل الأحوال الشخصية والمواضيع المعاصرة. ويوضح أن الأكاديمية تسعى إلى تطوير مهارات وعاظ الأزهر من خلال تقديم دورات تدريبية متنوعة فى مجالات متعددة، أبرزها: (برنامج تنمية المهارات اللغوية والأداء الخطابي) واستهدف تحسين مهارات الوعاظ فى اللغة العربية و(برنامج مكافحة الفساد الإداري)، واستهدف تنمية الوعى بأهمية مكافحة الفساد وتوجيه الوعاظ إلى دورهم فى نشر القيم الأخلاقية فى المجتمع. ويشير المحرصاوى إلى أن الأكاديمية تقدم أيضًا برامج تدريبية لخريجى الأزهر تهدف إلى تجهيزهم للالتحاق بسوق العمل فى المجال الدعوي، وقدمت خلال الفترة الماضية عدة برامج أبرزها: برنامج إعداد الداعية المعاصر لطلاب كلية الدعوة، وطلاب كلية أصول الدين واستهدف تدريب الطلاب على كيفية التأثير الإيجابى فى المجتمع من خلال فهم عميق للدين الإسلامى والتعامل مع القضايا المعاصرة. وبرنامج إعداد الداعية لخريجات الأزهر لطالبات كلية البنات الأزهرية بالعاشر من رمضان، وكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالقاهرة؛ لتطوير مهارات الطالبات فى تقديم الدعوة ونشر المعرفة الدينية بشكل مناسب للواقع المعاصر. ◄ تدريب الأئمة ويشدد المحرصاوى على أن أكاديمية الأزهر تعمل على تأهيل وتدريب الأئمة والوعاظ بالأساليب المبتكرة والمتطورة، التى تُبَيِّن مقاصد الشريعة الإسلامية، وتُمكِّن الدعاة من التواصل الفَعَّال مع الجماهير بمختلف الفئات والشرائح. ويوضح أن مصر تتحمل تكاليف استضافة المتدربين الوافدين بصورة كاملة التزامًا منها بحماية العالم فكريًا، حيث تعمل على تدريب أئمة ووعاظ من كل دول العالم والتركيز بصورة أكبر على أبناء القارة الإفريقية. ويؤكد أن الاكاديمية صاحبة رسالة وهى جزء من القوى المصرية الناعمة، لترسيخ الوسطية والاعتدال والتسامح والتعايش ومواجهة الأفكار المتطرفة والهدامة والدخيلة، حيث يأتى إلينا وعاظ وأئمة من كل أنحاء العالم بالتنسيق مع وزارة الخارجية وسفارات العالم. ويوضح أهمية التركيز على القضايا العقائدية والفكرية والتربوية والسلوكية وتطوير مهارات الأئمة والدعاة وتنمية الانتماء الحقيقى للأمة والوطن وتصحيح الأكاذيب، التى يُروِّجها المتطرفون ضد الانتماء للأوطان وترسيخ مبادئ الدين ووسطية الأزهر في التعامل بين أبناء الوطن الواحد والتعايش السلمى على مستوى العالم، وبالفعل يخرج الواعظ مُتسلحًا بمفاهيم صحيحة وقدرة على نشر الفكر الوسطى. ويشير إلى أن الأكاديمية تتعاون مع مختلف المؤسسات الدينية هدف واحد يجمعنا ومظلة واحدة- وعلى سبيل المثال، تم إنجاز 11 دورة مشتركة مع وزارة الأوقاف لتطوير مهارات الأئمة والوعاظ وتجديد الخطاب الديني وتفكيك الفكر المتطرف وتصحيح المفاهيم الخاطئة، وذلك فى إطار المبادرة الرئاسية الخاصة بذلك. ◄ اقرأ أيضًا | وزير الأوقاف: نغار على وطننا ونحميه ونبنيه ونعمره بإذن الله ◄ متدربون: الأزهر يساعدنا في أداء مهمتنا الدعوية امتنان كبير وتقدير لدور أكاديمية الأزهر العالمية لتدريب الأئمة والوعاظ وباحثى الفتوى يعبر عنه من انتفعوا بخدماتها من مختلف دول العالم، حيث أشاد د.كيموكو دياكيت سفيرالسنغال فى مصر، بالدور الرائد للأزهر الشريف في دعم قضايا الأمة الإسلامية، وتعزيز التعاون العلمى والثقافى بين الدول الإسلامية. وأكد أن دورات أكاديمية الأزهر تسهم فى بناء أجيال واعية قادرة على نشر الفكر المستنير فى مجتمعاتهم. وأوضح أن الأكاديمية تواكب المستجدات العلمية والدعوية، وتعزز من قدرة الداعية على التصدى للتحديات الفكرية المعاصرة. وأعرب صمويل سيلاس سيفور نائب سفيرغانا فى القاهرة بالجهود التى تبذلها أكاديمية الأزهر العالمية فى تدريب الأئمة والدعاة وتأهيلهم وفق منهج علمى متكامل. ويشير إلى أن غانا تحرص على تعزيز التعاون مع الأزهر في مجال نشر التعليم الدينى الوسطى ومحاربة التطرف.. وأكد محمد عبد الله، مستشار جالية بنين فى مصر، أهمية دورات أكاديمية الأزهر التدريبية فى دعم الأئمة الوافدين، مشيدًا بالدور الكبير الذى يقوم به الأزهر الشريف فى نشر الوسطية، وتعزيز ثقافة التعايش السلمى بين الشعوب.. وأثنى محمد فائز، رئيس مجلس العلماء الإندونيسى بجاكرتا، على الجهود العظيمة التى يبذلها الأزهر الشريف بقيادة الإمام الأكبر، مُعربًا عن شكره العميق للأزهر الشريف، وأكاديمية الأزهر العالمية، على الاهتمام الكبير بتأهيل الأئمة والدعاة من إندونيسيا. كما أشاد بالمستوى العلمى والمهنى الذى تُقدمه الأكاديمية فى برامجها التدريبية.. والتقت الأخبار بعدد من الأئمة الوافدين على هامش ختام دورة الداعية المعاصر وعبرالمشاركون عن عميق شكرهم وامتنانهم للإمام الأكبر د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف؛ لرعايته وإتاحته لهم الفرصة للمشاركة فى هذه الدورة المتميزة، مشيدين بما تلقوه من علوم شرعية وتدريبات عملية ستساعدهم فى أداء رسالتهم الدعوية بكفاءة واقتدار.. وأكد المشاركون أنهم سيطبقون ما تعلموه خلال الدورة فى بلادهم، وينقلون رسالة الأزهر الشريف القائمة على الاعتدال والتسامح، لمواجهة الفكر المتطرف وترسيخ القيم الإسلامية الصحيحة، معاهدين على أن يكونوا خير سفراء للأزهر الشريف، ويجسدوا مبادئه الوسطية فى خطبهم ودروسهم الدعوية.