فى اجتماع مغلق رفيع المستوى فى لندن يوم الخميس 20 مارس بين القادة العسكريين لما يسمى «تحالف الراغبين»، وهو تحالف غير رسمى تقوده بريطانيا وفرنسا يهدف إلى استكشاف إمكانية نشر قوات لحفظ السلام فى أوكرانيا، تم بحث قوام هذه القوات وآليات عملها. وقال رئيس الوزراء البريطانى كير ستارمر إنه لا يعلم ما إذا كان سيتم التوصل إلى اتفاق سلام بين روسياوأوكرانيا، لكنه أضاف: «نسير بخطى ثابتة» مع دخول «تحالف الراغبين» بقيادة بريطانيا وفرنسا مرحلة التنفيذ. اقرأ أيضًا | صفقة القرن الجديدة.. ترامب وبوتين يُناقشان إعادة توزيع النفوذ في أوكرانيا وأضاف قائلًا قبل اجتماع القادة العسكريين من أكثر من 20 دولة: «لقد حققنا تقدمًا هذا الأسبوع أكثر مما حققناه الأسبوع الماضى، وحققنا تقدمًا الأسبوع الماضى أكثر مما حققناه فى الأسبوع الذى سبقه. آمل، وأريد، أن تنجح هذه المحادثات، ما أعرفه هو أنه إذا نجحت، فسنحتاج إلى أن نكون قادرين على الدفاع عن الاتفاق». وتقول مصادر دفاعية ودبلوماسية إن نشر القوات الغربية المحتمل فى أوكرانيا يجب أن يوصف بأنه «قوة طمأنة» وليس «قوة حفظ سلام». وقد ركزت المباحثات على توفير غطاء جوى لأوكرانيا للحفاظ على أمن سمائها، ووجود بحرى فى البحر الأسود لتشجيع التجارة. وسوف يكون هناك المزيد من المناقشات حول البلدان التى يمكنها توفير الطائرات الحربية للحفاظ على أمن سماء أوكرانيا أثناء وقف إطلاق النار. كما ستُجرى أيضًا مناقشات حول كيفية جعل البحر الأسود آمنًا للشحن، قد يشمل ذلك محورين: أفضل السبل للحفاظ على ممرات الشحن خالية من الألغام، ونوع القوة البحرية التى يمكنها توفير وجود أمنى فى البحر. «القوات البرية» ولن يكون لنشر «القوات البرية» التى ربما يبلغ قوامها نحو 20 ألف جندى - تأثير كبير بما يكفى لفرض أى سلام مقارنة بعدد القوات على جانبى خط المواجهة حيث يبلغ عدد العسكريين فى أوكرانيا نحو مليون فرد، أما الجيش الروسى فهو أكبر من ذلك. ولكن القوات البرية المُقترحة ستعمل على حماية المدن والموانئ والبنية الأساسية الرئيسية للطاقة. ويرى المراقبون أنه لا يجب وصف أى عملية متعددة الجنسيات فى أوكرانيا ب«قوة لحفظ السلام» فقوات حفظ السلام تحت رعاية الأممالمتحدة عادةً ما تكون محايدة، وتعمل بموافقة الطرفين، ولا تستخدم القوة إلا للدفاع عن نفسها، أما القوة متعددة الجنسيات التى يُناقش إنشاؤها ستكون إلى حد كبير إلى جانب أوكرانيا، للمساعدة فى ردع أى عدوان روسى مستقبلى. وفى الوقت الحالى، من غير المتوقع أن تراقب القوة متعددة الجنسيات على الأرض أى وقف لإطلاق النار، حيث ستتولى القوات الأوكرانية على خط المواجهة، بالإضافة إلى وسائل المراقبة الغربية فى الجو والفضاء، هذه المهمة. ويكمن عدم اليقين الرئيسى فيما إذا كانت الولاياتالمتحدة ستوفر أى غطاء جوى أو عبر الأقمار الصناعية أو دعم استخباراتى لأى قوة أوروبية على الأرض. وقالت الولاياتالمتحدة حتى الآن إنها لن تكون مستعدة لتقديم أى «دعم عسكرى». وتقوم الاستراتيجية الأوروبية الحالية على التوقف عن مطالبة الولاياتالمتحدة بالدعم العسكرى وحشد أفضل قوة وقدرات ممكنة لضمان أمن أوكرانيا مستقبلًا. وكل هذا التخطيط يعتمد، بطبيعة الحال، على الاتفاق على نوع من وقف إطلاق النار فى أوكرانيا. وفى حين تظل الولاياتالمتحدة متفائلة، فإن كثيرين فى أوكرانيا ما زالوا متشككين فى أن روسيا تريد إنهاء القتال. وتظهر هذه المبادرة فى لحظة حاسمة فى السياسة الدفاعية الأوروبية، حيث تزيد دول مثل ألمانيا وبولندا من مساهماتها العسكرية فى المجهود الحربى الأوكرانى. ومع ذلك، يعتمد نجاح التحالف على تأمين مشاركة دولية أوسع وحل العقبات اللوجستية والدبلوماسية الرئيسية، بما فى ذلك الاعتراضات الروسية على وجود قوات عسكرية أجنبية على الأراضى الأوكرانية. قال الرئيس الروسى فلاديمير بوتين والكرملين مرارًا وتكرارًا إنهما لن يوافقا على أى وقف لإطلاق النار إذا تم نشر قوات أوروبية وقوات أخرى فى أوكرانيا. وبالإضافة إلى التهديدات الدبلوماسية، يمكن لروسيا الرد عسكريًا باستهداف قواعد التحالف أو خطوط الإمداد داخل أوكرانيا، ويمكن أيضًا استخدام الهجمات الإلكترونية وتكتيكات الحرب الهجينة لتقويض الاستعدادات اللوجستية والعملياتية الأوروبية مما يضيف تعقيدات إلى خطط التحالف ويثير تساؤلات حول كيفية هيكلة تدابير الردع والدفاع. كما يشكل العبء المالى لمثل هذه العملية اعتبارًا رئيسيًا، حيث من المتوقع أن توفر المملكة المتحدة وفرنسا الجزء الأكبر من التمويل، ولا تزال الخدمات اللوجستية مثل النقل وسلاسل التوريد والهياكل القيادية قيد المناقشة. وقد أظهرت الدول الأوروبية استجابات متباينة لمسألة نشر القوات، فألمانيا، على الرغم من كونها واحدة من أكبر مقدمى المساعدات العسكرية لأوكرانيا، لا تزال حذرة بشأن نشر القوات بشكل مباشر. كما أعربت بولندا ودول البلطيق عن مخاوفها بشأن استفزاز روسيا، لكنها لا تزال منفتحة على مناقشة استراتيجيات حفظ السلام. ويتمثل أحد التحديات الأساسية فى ضمان التوافق بين مختلف القوات الأوروبية. فعلى عكس الناتو، الذى يعمل تحت هيكل قيادة موحد سيتعين على التحالف إنشاء إطار عمل خاص به للتنسيق وقواعد الاشتباك وبروتوكولات الاستجابة للأزمات كما يمكن أن تعيق الفروق فى العقائد العسكرية، وتوافق المعدات، وشبكات الاتصال الفعالية التشغيلية. وفى حين تم إطلاع الولاياتالمتحدة على مناقشات التحالف، إلا أنها لم تعبر عن أى نية للانضمام إلى المبادرة أو دعمها بشكل مباشر. ويُبرز غياب الولاياتالمتحدة فى هذا التحالف تحولًا أوسع فى ديناميكيات الأمن عبر الأطلسى، حيث تدرك الدول الأوروبية الحاجة إلى تحمل مسئولية أكبر عن دفاعها. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح مدى فعالية مثل هذه المبادرة دون الدعم اللوجستى والاستخباراتى الأمريكى. ومع استمرار المناقشات فى لندن، يجب على التحالف التعامل مع هذه العقبات بحذر لضمان ألا تؤدى مهمته عن غير قصد إلى تصعيد النزاع أو خلق مزيد من الانقسامات الدبلوماسية، ولا يزال من غير المؤكد ما إذا كانت هذه المبادرة ستتجسد فى قوة أوروبية فى أوكرانيا، لكنها تسلط الضوء على استعداد أوروبا المتزايد لتعزيز دورها فى الشئون الأمنية العالمية وسط ديناميكيات القوى الدولية المتغيرة.